تحليل هيوم النفسي للسببية
مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم في موقع باك نت.baknit الموقع التعليمي المتميز والمتفوق بمنهجية الإجابة الصحيحة والنموذجية من مرحلة التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي bac 2023 كما يسرنا بزيارتكم أن نقدم أهم المعلومات والحلول وأفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية 2022 2023 وكما عودناكم أعزائي الزوار في صفحة موقع باك نت أن نطرح لكم ما تبحثون عنه وهو .......ما هو تحليل هيوم النفسي للسببية
وتكون الإجابة على سؤالكم هي على النحو التالي
تحليل هيوم النفسي للسببية
الإجابة هي كالتالي
ب:التحليل النفسيُّ للسببيَّة:
يرفض هيوم القول بموضوعيَّة العلاقة الرابطة بين السبب والمسبِّب، مشيرًا إلى ارتباطها بانطباعات ذهنيَّة، ليقرَّ بأنَّها تتميَّز بطبيعة نفسيَّة، وذلك من خلال ما نسقطه على العالم الخارجيِّ من تصوُّرات، كأن نعتقد في تكرار الحدث والنتيجة عينها إذا كان لدينا العلاقة نفسها بين السبب والمسبِّب. كما هو الحال في تمدُّد الحديد والنحاس عندما نعرِّضهما إلى درجة حرارة معيَّنة، فنتبيَّن أنَّ الحرارة تمثِّل السبب، والتمدُّد المسبِّب(نتيجة)، وعند إعادتنا للكرَّة سنصل إلى النتيجة عينها، ما يعني أنَّ العلاقة السببيَّة بين الحرارة وتمدُّد الحديد والنحاس تعني اقترانهما.» إنَّ أول ظهور للموضوع لا يقدِّم أيَّ سبب لحدوثه، لكن يمكن اكتشاف هذا السبب في الذِّهن، كما يمكن أن نتوقَّع حدوث الظاهرة من دون تجربة، ونستطيع أن نحكم بيقين بخصوص ظهور هذه الظاهرة انطلاقًا من التفكُّر والتعقُّل»[17].
يبدو أنَّ الاقتران بين السبب والمسبِّب الذي تكلَّم عنه هيوم، هو ما يبرهن على وجود تتابُعٍ مستمرٍّ ما بين أسباب ومسبِّبات الظواهر، ويلغي بالتالي فكرة الضرورة ليقرَّ بفكرة العادة، أي أنَّ حضور الفكرة الأوَّليِّ يؤدِّي إلى تعقُّب الأخرى. وبهذا يعترف بأنَّ أذهاننا تعوَّدت على إحداث هذا التلازُم بين السبب والمسبِّب كأن نلزم فكرة النار بفكرة الحرق مثلًا.
لا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ ما يسمِّيه هيوم بالارتباط الضروريِّ هو ما يصدر من الذِّهن نتيجة العادة الكامنة به، والتي تدفعه إلى توقُّع حدوث ظواهر مقارنة لبعضها البعض، وكذلك أن يعتقد بضرورة وجودها وهو صادر في أصله من الاحساس أو الانطباع الذي تنبع منه فكرة التأثير. وهذا يعني أنَّ مسألة السببيَّة تقوم على ما يتوقَّعه الفرد من خلال تكرار علاقة الاقتران بين واقعتين متعاقبتين كالنار والحرق مثلًا.
حريٌّ القول أنَّ هيوم لم يقتصر في تناوُله لمسألة التحليل النفسيِّ لمبدأ السببيَّة عند مجال الظواهر الطبيعيَّة بل إنه تعدَّاها إلى مجال الملاحظة الذاتيَّة للنفس البشريَّة، لينبش في طبيعة العلاقة القائمة بين الحركة والإرادة، وليؤكِّد بذلك على وجود علاقة سببيَّة تربط الحركة بالإرادة، أي تربط العقل بالبدن، ولكنَّه رفع عنها سِمة الضرورة» فنسمِّيه موضوعًا متبوعًا بموضوع آخر، ويحمل ظهوره الفكر دومًا إلى ذلك الآخر»[18].
لقد كان ربطه لفكرة السببيَّة بالاستنتاج يعني أنَّ لكلِ سبب مسبِّبًا، وعليه، فقد صارت تُعدُّ من بين الشروط التجريبيَّة التي تسهم في ترابط الأفكار وتسلسُلها، وأنَّها تتشكَّل في الذات نتيجة الانفعالات والمشاعر المرتبطة بالجانب السيكولوجيِّ لا العقليِّ في الإنسان من خلال ما يعيشه من تجارب التَّكرار والعادة، أي أنَّها تخضع لمنطق المُعاوَدة والتتابُع ولا يمكنها أن تخضع لأيِّ مبدأ فطريٍّ في العقل البشريّْ.
نخلص هنا إلى أنَّ أصالة هيوم في تناوله لإشكال السببيَّة تكمن في نزعِه سِمة الضرورة عنها ليزجَّ بها في العادة، معتمدًا في ذلك على العديد من البراهين التجربييَّة التى تبرز ارتباط السبب والمسبِّب بالعادة، ما يعني أنَّه قد أخرجها من عالم المنطق إلى عالم السيكولوجيا الذي تحكمه العواطف والانفعالات لا الأحكام العقليَّة.
هكذا بدت العلاقة السببيَّة في التصوُّر الهيوميِّ لا يمكن أن تُبرَّر لا بالاعتماد على العقل ولا على التجربة، ما يعني أنَّ هذا الإشكال المعرفيَّ للمنهج الاستقرائيِّ للعلاقة السببيَّة لا يمكن
تبريره لا بالعقل ولا بالتجربة ليزجَّ بها في العادة والتكرار الناجمين عن الحواسِّ، وبالتالي يخرجها من دائرة الضرورة إلى الاحتمال.
إنَّ تعرية هيوم للسببيَّة من شرط الضرورة والاكتفاء بالقول أنَّها مجرَّد عادة وتكرار يؤدِّي من جهة إلى القول بهشاشة العلم القائم عليها، ومن جهة ثانية يظهره على شاكلة معتَقد ذي مرتكزات هشَّة، وهذا ما جعل من العلم الحديث في ريبة من نتائجه. فإخضاعه العالم لمنطق الاحتمال لا الحتميَّة له العديد التبعات الدينيَّة والأخلاقيَّة التي ستخضِع أفكاره لا محالة إلى النقد.