خطبة عيد الفطر المبارك ملتقى الخطباء خطبة عيد الفطر مكتوبة 2024
خطبة عيد الفطر المبارك بتاريخ ١شوال ١٤٤٥ ه الموافق ١٠ /٤ / ٢٠٢٤م تحت عنوان { العيد منسك وعبادة وصلة وتراحم }
الخطبة الأولي
الحمد لله رب الأرض والسموات، ولي الكلمات، مجيب الدعوات، يقبل التوبة ويعفو عن السيئات، لا يتعاظم شيئًا يريد أن يتفضل به من الخيرات، ولا يضيق عفوه بغفران الكبائر والموبقات، أحمد ربي على معروفه الذي لا ينقطع في وقت من الأوقات
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الأسماء الحسنى وعظيم الصفات
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر ولا إله إلا الله ولله الحمد.
وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله المبعوث بالبينات، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه البررة السادات.
أما بعد: فيا أيها المسلمون، اتقوا الله ربَّكم حق تقاته، ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله الا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
أولا : العيد منسك وعبادة وذكر
أيها الإخوة: إن العيد منسك وعبادة شرعها الله عز وجل وبلغها نبيه صلى الله عليه وسلم، ومن المعلوم لدى كل مسلم أنه لا يصح التقرب بأي نسك أو عبادة حتى تثبت بالدليل الصحيح الصريح ولا يقبل أي عمل يتقرب به إلى الله إلا إذا تحقق فيه شرطان: الإخلاص والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم
العيد: هو كل يوم فيه جمع، وأصل الكلمة من عاد يعود، قال ابن الأعرابي: سمي العيد عيداً لأنه يعود كل سنة بفرح مجدد. وعيد الفطر سمي كذلك لأن المسلمين يفطرون فيه بعد صيام شهر رمضان
أما عيد الاضحى فيأتي بعد اتمام فرصة الحج فتنحر فيه الأضاحي .
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر ولا إله إلا الله ولله الحمد.
عباد الله : ها نحن الآن ودّعنا شهر الخيرات والبركات شهر القرآن الذي فضّله الله -عزّ وجلّ- على جميع الشُّهور والأيام، ونرجو أن نكون من عُتقاء هذا الشّهر الفضيل من النّيران، وأن نكون من الّذين يدخُلُون الجنّة من باب الريّان، فعنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ” إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ “ متفق عليه
ففرحنا اليوم ليس في ليس الجديد وبالتّباهي بالمراسم وغيرها لا، وإنّما فرحنا الحقيقيّ هو أنّ الله قد منّ علينا وصُمنا نهار رمضان وقُمنا ليله، ووفقنا الله لعبادته حقّ العبادة في هذا الشّهر، ففرحة العيد لا تكمن في المظاهر وإنّما أساسها هو أن يخاف من يوم الوعيد، فيجب على المرء أن يكون رمضان هو الدفعة الحقيقيّة لا ستكمال حياته الإيمانيّة على أتمّ وجه وأكمله.
العبادة الحق في الصيام تكاد تصل بك لدرجة الملائكة المقربين من ترك الشهوات شهوات الطعام والشراب والنساء وصلاة بالليل وقيام
ففي السماء ملائكة لا يحصيهم إلا الله والملائكة من أعظم خلق الله وأفضل خلق الله , خلقهم الله تعالى من نور, لا يأكلون ولا ينامون ولا ينكحون ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون, وهم من الكثرة ما الله به عليم.
أخرج الترمذي وابن ماجة وأحمد بسند حسن عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ: "إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ، وَأَسْمَعُ مَا لَا تَسْمَعُونَ، أَطَّتِ السَّمَاءُ وَحَقَّ لَهَا أَنْ تَئِطَّ، مَا فِيهَا مَوْضِعُ أَرْبَعِ أَصَابِعَ إِلَّا عَلَيْهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ. لَوْ عَلِمْتُمْ مَا أَعْلَمُ، لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَلَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشَاتِ، وَلَخَرَجْتُمْ عَلَى، أَوْ إِلَى، الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ إِلَى اللهِ " قَالَ: فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ: "وَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي شَجَرَةٌ تُعْضَدُ "المسند وقال الحاكم هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ "
أيها الإخوة: اتقوا الله حق تقاته واستقيموا على شرعه وتمسكوا بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم تفوزوا في الدنيا والآخرة.
قَدِمَ رسولُ الله المَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلعَبُونَ فيهِمَا فقال: ((مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟)) قالُوا: كُنّا نَلْعَبُ فِيهِمَا في الْجَاهِليّةِ، فقال رسولُ الله : ((إنّ الله قَدْ أبْدَلَكُم بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الأضْحَى، وَيَوْمَ الْفِطْر)) رواه أبو داود.
وفيه نهاية من اللطف وأمر بالعبادة؛ لأن السرور الحقيقي فيها، قال الله تعالى: قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [يونس:58]
حيث كل عيد منهما بعد أداء فريضة وقربة إلى الله سبحانه وتعالى، فعيد الفطر السعيد بعد أداء فريضة الصيام، وعيد الأضحى بعد أداء فريضة الحج، فالعيد بمثابة استراحة من سفر أو ري بعد ظمأ، فيزداد العبد بالعيد قربًا من الله تبارك وتعالى.
أمة الحبيب الأعظم، بعد أن صام المسلمون وتخرجوا من رمضان بأرواح لطيفة وشفافة طهروا أنفسهم وأرواحهم، وها هم يقبلون على يوم العيد هذا مهنّئين متودّدين، يمسحون رأس اليتيم، ويمدون يد العون والمساعدة للفقراء والمساكين بالبر والعطاء.
ماذا جنى الصائمون بعد صيامهم؟ وبم أثابهم الله عز وجل؟ إن الصائمين حينما يخرجون من صلاة العيد سوف يقبضون جوائزهم، فقد نجحوا في هذا الامتحان وتخرجوا من مدرسة رمضان قال رسول الله : ((إذا كان يوم عيد الفطر وقفت الملائكة على أبواب الطريق فنادوا: اغدوا ـ يا معشر المسلمين ـ إلى رب كريم، يمن بالخير ثم يثيب عليه الجزيل، لقد أمرتم بقيام الليل فقمتم، وأمرتم بصيام النهار فصمتم، وأطعتم ربكم، فاقبضوا جوائزكم، فإذا صلّوا نادى مناد: ألا إن ربكم قد غفر لكم، فارجعوا راشدين إلى رحالكم، فهو يوم الجائزة، ويسمى ذلك اليوم في السماء يوم الجائزة)) أخرجه الطبراني في الكبير (ج 1 /رقم 617) وقد أورد هذا الحديث الهيثمي في مجمع الزوائد، وقال بعده: رواه الطبراني في الكبير وفيه جابر الجعفي وثقه الثوري وروى عنه هو وشعبة وضعفه الناس وهو متروك. وضعفه أيضا الشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة وفي تحقيقه لكتاب الترغيب والترهيب
ولكي تستلم جائزتك ماذا عليك أن تعمل؟ يندب لك أن تلبس أحسن الثياب وتتطيب بأجود الأطياب في يوم العيد لما أخرجه الحاكم من حديث الحسن السبط قال: أمرنا رسول الله في العيدين أن نلبس أجود ما نجد، وأن نتطيب بأجود ما نجد. وكان النبي يلبس بُرْدًا حَبرَة في كل عيد. رواه البيهقي. والحَبرَة: الموشى والمخطط. فلنلبس أجمل وأحسن الأخلاق وأكمل الشمائل، ولنتطيب بأطيب الخصال.
ولقد رأى علي -رضي الله تعالى عنه- قوماً يعبثون في يوم عيدٍ بما لا يرضي الله، فقال: [[إن كان هؤلاء تُقُبِّل منهم صيامهم فما هذا فعل الشاكرين، وإن كانوا لم يُتَقَبَّل منهم صيامهم فما هذا فعل الخائفين]]
العيد ذكر وفرحة بالإيمان عن سليمان بن يسار رضي الله عنه عن رجل من الأنصار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال نوح لابنه إني موصيك بوصية وقاصرها لكي لا تنساها أوصيك باثنتين وأنهاك عن اثنتين أما اللتان أوصيك بهما فيستبشر الله بهما وصالح خلقه وهما يكثران الولوج على الله أوصيك بلا إله إلا الله فإن السموات والأرض لو كانتا حلقة قصمتهما ولو كانتا في كفة وزنتهما وأوصيك بسبحان الله وبحمده فإنهما صلاة الخلق وبهما يرزق الخلق وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا وأما اللتان أنهاك عنهما فيحتجب الله منهما وصالح خلقه أنهاك عن الشرك والكبر رواه النسائي واللفظ له والبزار والحاكم من حديث عبد الله بن عمرو وقال الحاكم صحيح الإسناد
ومما زادني شرفا وتيها وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي. وأن صيرت احمد لي نبيا .......................
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر ولا إله إلا الله ولله الحمد.
وقال عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -:"مادمت تذكر الله فأنت في صلاة وإن كنت في السوق".
وقال معاذ بن جبل - رضي الله عنه -:"مدارسة العلم تسبيح".
رَوى لنا معاذُ بن جبلٍ رضي الله عنه أنّ النبيَّ أخذ بيدِه وقال: ((يا مُعاذ، والله إنِّي لأحبّك، أوصيكَ يا معاذ: لا تدعنَّ في دبُر كلِّ صلاة تقول: اللهمّ أعنِّي على ذكرِك وشُكرك وحسنِ عبادتك)) رواه أبو داود في سننه بإسناد صحيح
ثانياً : تمسكوا بالاستقامة بعد وداع رمضان
فها نحنُ عِشنا مع أيامٍ معدُوداتٍ فيها ما فيها من الصّيام والقيام وتلاوة القُرآن، وحُقّ لنا أن نفرح أن كُنّا مع كتائب الصّائمين والقائمين، نفرح بما يكُون لأهل الجنّة من الثّواب الجزيل، والأجر الوفير من ربّ العالمين ودخول الجنة من باب الريان إذ يُقال لهم :”يَا أهلَ الجنةِ فيقولونَ لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لَنَا لَا نَرْضَى يَا رَبِّ وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ؟ فَيَقُولُ أَلَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُونَ: يَا رَبِّ وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا”، والفرح الحقيقيّ هو الكامن في تقوى الله-تعالى- في السرّ والعلانية في البأساء والضرّاء، والرّضا التّام والتّسليم بالقضاء والقدر حُلوه ومُرّه خيره وشرّه
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد
لقد رحل رمضان، لكن هل سيعود الناس لحالهم قبل رمضان؟
فيعود آكل الحرام لأكله، ويعود سامع الغناء لسماعه، ويعود مشاهد الفحش في التلفاز لفحشه، ويعود شارب الدخان لشربه، ويعود ظالم الناس لظلمه، وبذئ اللسان لسبّه، وكل صاحب معصية لمعصيته؟
أم رحل رمضان ورحل معه قراءة القرآن، ورحل رمضان ورحل معه صلاة الجماعة، ورحل رمضان ورحل معه نسبة كبيرة من إيمان القلب، وهذه هي المصيبة.
يا حسرتى على دموع سكبت في المساجد، ويا حسرتى على دعوات رفعت من أجلها الأيدي إلى السماء، ويا حسرتى على حضور مع الجماعة وتلاوة للقرآن طوال الشهر، فأعقب ذلك كله عودة إلى المعاصي، وتفريط بالصلوات، وهجر للقرآن واستهانة بالمحرمات، وإهمال للمسئوليات.
الّلهمّ إنا نعوذ بك من الحور بعد الكور.
ونعوذ بك الّلهمّ أن نبدل نعمتك كفراً ونحن نستقبل أيام العيد.
إياكم ثم إياكم أيها المسلمون من العودة للمعصية.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر ولا إله إلا الله ولله الحمد.
قد قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: [[كل يوم لا يعصي العبد فيه ربه فهو عيد]] .
يتبع في الأسفل