خطبة عن المسجد الأقصى لابن عثيمين رحمه الله خطبة مكتوبة ومؤثرة عن القدس فلسطين ملتقى الخطباء
أهلاً بكم زوارنا خطباء وعلماء منابر المساجد يسرنا بزيارتكم في موقعنا باك نت أن نقدم لكم خطبة الجمعة مكتوبة ومؤثرة خطبة عن المسجد الأقصى لابن عثيمين رحمه الله خطبة مكتوبة ومؤثرة عن القدس فلسطين ملتقى الخطباء
الإجابة هي كالتالي
المسجد الأقصى
خطبة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد
فيا أيها الناس لقد مضى على احتلال اليهود لقد مضى على احتلال اليهود لشرقي القدس الذي يحتوي على المسجد الأقصى سنوات عديدة وهم يعيثون به فسادا وبأهله عذابا وفي سنة ألف وثلاثمائة وستة وتسعين أصدرت محكمة يهودية حكما بجواز تعبد اليهود في نفس المسجد الأقصى ومضمون هذا الحكم اليهودي الطاغوتي إظهار شعائر الكفر في مسجد من أعظم المساجد الإسلامية حرمة فإنه المسجد الذي أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم إليه ليعرج من هناك إلى السماوات العلا إلى الله جلا وتقدس وعلا وإنه لثاني مسجد وضع في الأرض لعبادة الله عز وجل وتوحيده ففي الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول قال: ( المسجد الحرام قلت: ثم أي قال: المسجد الأقصى قلت: كم بينهما قال: أربعون سنة ) وإن المسجد الأقصى لثالث المساجد المعظمة التي لا تشد الرحال إلا إليها والمساجد الثلاثة هي المسجد الحرام بمكة ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة والمسجد الأقصى في القدس وإنه المسجد الذي يقع في الأرض المقدسة المباركة مقر أبي الأنبياء إبراهيم الخليل ومقر بنيه سوى إسماعيل هي مقر اسحق بن إبراهيم ويعقوب بن اسحق إلى أن خرج بأهله إلى ابنه يوسف في مصر فبقوا هناك حتى صاروا أمة بجانب الأقباط آل فرعون الذين يسومونهم سوء العذاب يقتلون أبناءهم ويستحيون نسائهم حتى خرج فيهم نبي الله موسى صلى الله عليه وسلم وقد ذكر الله نعمته بذلك على بني إسرائيل حيث يقول (وَإِذْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ) (لأعراف:141) وذكرهم موسى نعمة الله عليهم بذلك وبغيره إذ جعل فيهم أنبياء وجعلهم ملوكا وآتاهم ما لم يؤت أ حد من العالمين في وقتهم وأمرهم بجهاد الجبابرة الذين استولوا على الأرض المقدسة وبشرهم بالنصر حيث قال لهم (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ )(المائدة: من الآية21) وإنما كتب الله الأرض المقدسة لبني إسرائيل في ذلك الوقت لأنهم كانوا أحق الناس بها لأنهم أهل الإيمان والصلاح والشريعة القائمة وأرض الله وأرض الله تعالى لا يرثها لا ترفعه الحين وأرض الله تعالى لا يرثها من عباد الله إلا من كان قائما بأمره كما قال الله عز وجل (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ*إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عَابِدِينَ) (الانبياء:105-106) ولكن بني إسرائيل مع بشارة موسى لم يستجيبوا لمو لم يستجيبوا لموسى ونكلوا عن الجهاد وقالوا لموسى (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ)(المائدة: من الآية24) ولنكولهم عن الجهاد ومخاطبتهم نبيهم بهذا العناد حرم الله عليهم دخول الأرض المقدسة فتاهوا في الأرض تاهوا في الأرض ما بين مصر والشام أربعين سنة حتى مات أكثرهم أو كلهم إلا من ولدوا في التيه وذكر المؤرخون أن موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام ماتا في خلال هذه المدة وخلفهما يوشع في من بقي من بني إسرائيل من النشء الجديد وفتح الله عليهم الأرض المقدسة حتى آل الأمر إلى داود وسليمان عليهما الصلاة والسلام فجدد بناء بيت المقدس وكان يعقوب قد بناه قبل ذلك ولما عتى بنو إسرائيل عن أمر ربهم سلط الله عليهم ملكا من الفرس يقال له بختنصر فدمر بلادهم وبددهم قتلا وأسرا وتشريدا وخرب بيت المقدس للمرة الأولى ثم رد الله الكرة لبني إسرائيل وأمدهم بأموال وبنين وجعلهم أكثر نفيرا ولكنهم نسوا ما جرى عليهم وكفروا بالله ورسله (كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ)(المائدة: من الآية70) فسلط الله عليهم بعض ملوك الفرس أو الروم مرة ثانية فاحتلوا بلادهم وأذاقوهم العذاب ثم بقي المسجد الأقصى بأيدي النصارى من الروم قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بنحو ثلاثمائة سنة حتى أنقذه الله من أيديهم بالفتح الإسلامي على يد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذلك في السنة الخامسة عشرة من الهجرة فصار المسجد الأقصى بيد أهله الذين ورثوه بحق وهم المسلمون كما قال الله عز وجل (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور:55) وبقي المسجد الأقصى في أيدي المسلمين حتى استولى عليه النصارى من الإفرنج أيام الحروب الصليبية التي جرت بين النصارى والمسلمين فاستولى عليه النصارى في الثالث والعشرين من شعبان سنة أربعمائة وأثنتين وتسعين دخلوا القدس في نحو مليون مقاتل وقتلوا من المسلمين نحو ستين ألفا واستولوا على ما في المسجد من ذهب وفضة وكان يوما عصيبا على المسلمين أظهر النصارى شعائرهم على المسجد الأقصى فنصبوا الصليب وضربوا الناقوس وحلت فيه عقيدة التثليث (إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ)(المائدة: من الآية73) وعقيدة الاتحاد والحلول (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ)(المائدة: من الآية17) وعقيدة الأب والابن (الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ)(التوبة: من الآية30) هذه عقائد النصارى عليهم لعنة الله وعلى اليهود أيضا لعنة الله إلى يوم القيامة وهذه والله من أكبر الفتن وأعظم المحن أن ينصب على المسجد الأقصى أن ينصب على المسجد الأقصى شعار النصارى اليهود وتضرب النواقيس فيه وتحل فيه عقيدة الشرك ولكن الله حكيم عليم بعباده وبقي النصارى محتلين للمسجد الأقصى أكثر من تسعين سنة حتى استنقذه الله من أيديهم على يد المل على يد الملك صلاح الدين الأيوبي يوسف بن أيوب في سبع وعشرين من رجب سنة خمسمائة وثلاث وثمانين فكان فتحا مبينا ويوما عظيما مشهودا أعاد الله تعالى فيه للمسجد الأقصى كرامته وكسرت فيه الصلبان ونودي فيه بعد النواقيس بالآذان وأعلنت فيه عبادة الواحد الديان ثم إن النصارى أعادوا الكرة على المسلمين وضيقوا على الملك ابن أخي صلاح الدين فصالحهم على أن يعيد إليهم بيت المقدس ويخلوا بينه وبين البلاد الأخرى وذلك في ربيع الآخر سنة ستمائة وست وعشرين فعادت دولة الصليب إلى المسجد الأقصى مرة أخرى (وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً)(الأحزاب: من الآية38) وحتما مفعولا واستمرت أيدي النصارى عليه حتى استنقذه منهم الملك الصالح أيوب سنة ست واثنتين وأربعين من الهجرة وبقي في أيدي المسلمين وفي ربيع الأول من عام ألف وثلاثمائة وسبعة وثمانين احتله اليهود أعداء الله ورسله بمعونة أوليائهم من النصارى وفي عام ألف وثلاثمائة وستة وتسعين أصدروا حكما بجواز تعبد اليهود في المسجد الأقصى وما زالوا مصرين على احتلالهم له ولقد قالت رئيسة وزرائهم حين احتلالهم له فيما بلغنا قالت إن كان من الجائز أن تتنازل إسرائيل عن تل أبيب فليس من الجائز أن تتنازل عن أورشليم القدس نعم لن يتنازل اليهود عن القدس إلا بالقوة ولا قوة إلا بنصر من الله عز وجل ولا نصر من عند الله إلا بنصر دينه إن الله تعالى لا ينصر من يقاتلون حمية وإنما ينصر من يقاتل لدينه من يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا كما قال الله عز وجل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (محمد:7) أيها المسلمون إن نصر الله عز وجل لا يكون إلا بعبادته والتمسك بشريعته ظاهرا وباطنا والاستعانة به وإعداد ما أمر به من القوة المادية والمعنوية بكل ما نستطيع ثم القتال من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا أما أن نحاول طرد أعداء الله من بلاد المسلمين ثم نسكنهم قلوبنا بالميل إلى منحرف أفكارهم والتلطخ بسافل أخلاقهم أما أن نحاول طردهم من بلاد الإسلام ثم يلاحقهم رجال من مستقبل أمتنا اقصروا شوية ثم يلاحقهم رجال من مستقبل أمتنا يتجرعون أو يستمرئون صديد أفكارهم ثم يرجعون يتقيئونه بيننا أما أن نحاول طردهم من بلاد الإسلام ثم نستقبل ما يرد منهم من أفلام فاتنة وصحف مضلة أما أن نحاول طردهم من بلاد الغسلام ونحن نمارس هذه الأمور فإن ذلك من محاولة الجمع بين النقيضين وكل من حاول ذلك فقد سلك مسلكا خاطئا غير سليم إن الفجوة بيننا وبين النصر واسعة إن سلكنا هذا المسلك لأن للنصر شروطا لن يتحقق بدونها واسمعوها من قول من بيده ملكوت السماوات والأرض وبأمره النصر والخذلان حيث يقول تعالى (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)(الحج: من الآية40) فمن الذي ينصر الله استمعوا إلى الجواب استمعوا إلى الجواب من كلام الله لا من كلام فلان وفلان الذين ينصرون الله هم الذين وصفهم الله بقوله (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) (الحج:41) نعم هؤلاء هم المستحقون للنصر الذين إن مكنهم الله أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر إن هؤلاء لا يحملهم التمكين في الأرض على الأشر والبطر والفرح والمرح وإنما يحملهم على الصلاح والإصلاح أيها المسلمون اتقوا الله عز وجل وانظروا في أمركم وانظروا هل أنتم أتيتم بشروط النصر أم غفلتم عن ذلك أم قست قلوبكم فهي كالحجارة أو أشد قسوة اللهم إنا نسألك أن تنصر