مقالة الحقيقة"جدلية"(بين البداهة والمنفعة)".
الموضوع الأول:هل الحقيقة مقياسها الوضوح والبداهة أم النفع والمصلحة؟
مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم في موقع باك نت.baknit الموقع التعليمي المتميز والمتفوق بمنهجية الإجابة الصحيحة والنموذجية من مرحلة التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي bac 2023 كما يسرنا بزيارتكم أن نقدم أهم المعلومات والحلول وأفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية 2022 2023 وكما عودناكم أعزائي الزوار في صفحة موقع باك نت أن نطرح لكم ما تبحثون عنه وهو ......هل الحقيقة مقياسها الوضوح والبداهة أم النفع والمصلحة
. وتكون الإجابة على سؤالكم هي على النحو التالي
أسئلة مشابهة لهذا السؤال:هل الحقيقة محتواة في ذاتها من خلال وضوحها وبداهتهاأم هي مرتبطة بما تدل عليه في واقع المنفعة والتجربة؟
هل وضوح الفكرة هو معيار صحتها دوما؟
هل مقياس الحقيقة الوضوح أو المنفعة؟
هل يمثل نجاح الفكرة معيار صحتها دوما؟
الإجابة.
الموضوع الأول.
(("المقدمة وطرح المشكلة")).
لطالما نردد في حياتنا اليومية والإجتماعية لفظ الحقيقة نستخدمه فنقول أن حقيقة شيء ما أو أي ظاهرة هي دوما كذا،أو أن هذا الأمر هو حقيقي ونحوها من العبارات، وكل ذلك للدلالة على مارأيناه أو ما سمعناه أو ما نحن نؤمن ونسلم به يقينا،وما يمكن فهمه من هذه المعاني أن الحقيقة تأخذ قيمة عليا ومكانة بالغة الأهميةبالنسبة لنا جميعا،وفي أعم تعريفاتها هي الشيء الثابت الذي لا يكتنفه الشك والإلتباس،وعن المقياس والمعيار الأمثل الذي من خلاله يمكن معرفة الحقيقي من عدمه،إختلفت التصورات الفلسفية:فثمة من ربطها بالبداهة والوضوح العقليين،وثمة من إعتبرها إمتداد للمنفعة والمصلحة البراغماتيتين لاغير،وهذا التعارض-في المقاييس-يضعنا إزاء جملة من التساؤلات:ماهي البنية المافوقية للحقيقة؟
هل هي محتواة في ذاتها تتجلى في البداهة والوضوح العقليين فهي فطرية صادقة وتامة ويقينية أم أنها لا تعدوا كونها أداة ووسيلة لاغير نحو تحقيق المصلحة ومن ورائها النجاح فهي ذات طابع نفعي وبراغماتي محكومة بالتجربة والواقع؟وبمعنى أدق للسؤال:هل الحقيقة تتمثل في العقل أم تتجسد في المنفعة؟
(("العرض ومحاولة حل المشكلة")).
(("الموقف الأول"))
إن أساس الحقيقة هو المنفعة فالمقياس الوحيد لصدق فكرة هو نجاحها في مجال العمل،وما ينجر عن هذا العمل من نفع،على المستويين الفردي والجماعي،إن الحكم على الأفكار يتم بالنظر إلى ماتحققه من نتائج عملية ومنافع متعددة،فهو حكم بعدي وليس قبلي،وأهم من دافع عن هذا التصور رواد المذهب البراغماتي النفعي أمثال شارلز بيرس"،وليام جيمس"،جون ديوي"،جرمي بنتام".
(("أدلة الموقف الأول")).
هذا التصور له جذور تاريخية قالت به الفلسفة الرواقية اليونانية قديما بدأ مع أرستيب القورينائي وأبيقور حيث أكدت هذه الفلسفة على أن الحقيقة ليست ميثالية أو صورية فوقية مثلما تدعي فلسفة أفلاطون بل هي حقيقة ترتبط بالواقع البشري الحسي والعياني منه،تراعي طبيعة وغريزة الإنسان ذاته،وليس ثمة مقياس أمثل للحقيقة مثل أن يمتلك الإنسان الخير المتمثل في اللذة والسعادة الفردية ويبتعد قدر الإمكان عن الألم والعذاب والشر المجسد في المعاناة الفردية،يقول أرستيب القورائي:"((اللذة هي الخير الأعظم،وهي مقياس القيم جميعا،هذا صوت الطبيعة"))،أما أبيقور فيصرح في نفس المعنى:"((اللذة بداية الحياة السعيدة وغايتها")).
طورت الفلسفة البراغماتية النفعية الحديثة هذه المفاهيم الفردية للذة والسعادة عندما وسعت دائرتها لتشمل المحيط الموضوعي والإجتماعي ولتكون كذلك المقياس الفعلي لماهو حقيقي ويمكن تحليل منظور النفعيين على النحو التالي:"
يقر بيرس أن الحقيقة تقاس بمعيار العمل المنتج وأن الفكرة لا تعتبر مشروعا في ذاته ،بل بما تحققه من نتائج.
كما يرى وليام جيمس أن النتائج والآثار التي تنتهي إليها الفكرة هي الدليل الأوحد على صدقها وصوابها،ويشمل ذلك كل مجالات الحياة مادية كانت أو معنوية نفسية،وينطبق هذا التصور كذلك على الحقائق الدينية وعلى رأسها الإيمان بالله وعالم الميتافيزيقيا،وسائر العبادات التي تعد نافعة إذا حققت أثرا طيبا على صاحبها،كالطمأنينة والراحة النفسية يقول شارلز بيرس:"((إن الحق يقاس بمعيار العمل المنتج،وليس بمنطق العقل المجرد،والفكرة هي خطة للعمل ومشروع"))،ويقول كذلك "((إن تصورنا لموضوع ما ماهو إلا تصورنا لما سينتج عن هذا الموضوع من آثار عملية لا أكثر"))،فالآثار الفعلية التطبيقية الإجرائية هي المعيار على صدق أفكارنا يقول بيرس(("إن المعيار الوحيد الذي يحكم صدق أفعالنا هو قيمة الفعل وفائدته،فإذا لم تكن له فائدة،ولا بدون معنى فإنه خاطيء")).
إن الحكم على الفكرة بالصدق أو الزيف حكم نسبي متغير تبعا لتغير الظروف والأحوال،حيث يرى وليم جيمس أن صدقية الأفكار تنطلق من القيمة الفورية”cash value”يقول في هذا المعنى:"((إن الفكرة كورقة النقد تطل صالحة للتعامل إلى أن يعترضها معترض—الزمن—ويثبت زيفها وبطلانها وتستمر صدقيتها مادامت سارية المفعول فنحقق مانريد بها من أغراض)).
ويضرب جيمس مثالا بفكرة وجود بيت آخر الطريق إذا تهت سبيلي في الغابة،ووجدت مايشبه طريقا معبدا للبقر فإنه يتعين علي أن أضع في ذهني أن آخر الطريق مأوى إنساني،لأني إذا فعلت ذلك فسوف أنقذ حياتي،على أن هذه الفكرة التي تبدوا الآن في حينها صادقة سوف تغدوا عديمة القيمة إذا ما حققت هدفي،لتنقل إلى مخزن التبريد وتستبدل بغيرها من الأفكار النافعة يقول وليم جيمس"((إن كل ما يؤدي إلى النجاح فهو حقيقي وإن كل ما يعطينا أكبر قسط من الراحة فهو حقيقي."))وهذا مانلتمسه كذلك في شعار الولايات المتحدة الأمريكية السياسي منها:لا يوجد صداقة دائمة ولا عداوة دائمة،هنالك مصالح دائمة")).
وفي الفلسفة الإنجليزية الحديثة التجريبية منها فإن مقياس صدق الأفكار هو النتائج الميدانية،إذ يرى كل من توماس هوبز وجون ستورت مل أن الحق والباطل يقاسان بالنتائج،فكل ماهو نافع هو حقيقي وكل ماهو ضار فهو باطل.
وقد أنكر النفعيون وجود قوة فطرية في نفوس البشر وردوا نشأة الحق والباطل إلى المنفعة الحاصلة بين الناس،والتي تحدد منافعهم ومصالحهم وتؤكد على سعادتهم،ونوع السلوك الذي يوقع بينهم الضرر أو يجلب لهم الشقاء،وبذلك ربطوا الحقيقة بجزاءاتها وربطوا بينها وبين نتائج الأفعال دون بواعثها،وبذلك رفض هوبز فطرية مبادئ الحقائق وأكد على نسبيتها واختلافها باختلاف الزمان والمكان،أما عن المقياس الذي يستخدم لتمييز بين الحق والباطل فيرتد عندهم إلى ما ينشأ عن أفعال الإنسان من وجدان اللذة والألم،فالفعل حق متى تحقق أو توقع صاحبه أن يحقق نفعا أو لذة أو سعادة،وهكذا اعتبرت مدرسة النفعيين المنفعة مصدرا لمثلنا العليا وأصلا لمقاييسنا حول المعرفة.
الحقيقة تقاس بالتناغم العقلي بين الرغبة والموجود أي أن الحقائق تكسوها المنفعة يقول وليم جيمس":((إنني أستخدم البراغماتية بمعنى أوسع أعني نظرية خاصة في الصدق"))فالصدق والحقيقة كلمتان مترادفتان الأمر الذي يجعل من الصدق أكيد هو النجاح والكذب هو الفشل.
فالتنسيقالذي وضعه البراغماتيون واضح المعالم ينطلق من فكرة الواقع العملي—المنفعة—ليحكم على هدف الأفكار والحقائق وعلى هذا الأساس فإن المعارف لا يمكن أن تكون مطلقة فهي نسبية بنسبية معيارها هذا،ولهذا يقول ويليام جيمس:"((الحقيقة والمنفعة طرفان لخيط واحد والحقائق الكلاسيكية كالأسلحة القديمة يعلوها الصدأ وتعد قديمة")).
في بداية القرن العشرين للميلادي استغل أصحاب النظرة البراغماتية فكرة النسبية العلمية للتوسع في مذهبهم متخذين المنفعة مقياسا للحقيقة،وأصبحت حقيقة الشيء تكمن في كل ماهو نفعي عملي ومفيد في تغيير الواقع والفكر معا وفي هذا يقول وليم جيمس:"((نقول الصدق بكل بساطة هو ماهو مفيد لفكرنا وسلوكنا"))،هكذا فإن الذاتية متناقضة فإذا كنت تعتقد أن آراء غيرك صادقة نسبيا وكان غيرك يعتقد أنه صادق صدقا مطلقا يحدث التناقض،فقديما كان يعتقد أن الأرض مسطحة وحاليا نحن نعتقد أنها كروية،يقول وليم جيمس":((إن الناس في القرون الماضية كانو يعتقدون أن الأرض مسطحة وها نحن اليون نعتقد أنها كروية،إذن الحقيقة تغيرت وأنت ربما تقتنع بهذا القول ولا يقتنع به غيرك"))،فالحقيقة عند جيمس ليست غاية في ذاتها بل هي مجرد وسيلة لإشباع حاجيات حيوية أخرى.
إن الحقيقة تقاس بمعيار العمل المنتج أي أن الفكرة خطة لعمل مشروع له،والنتائج والآثار التي تنتهي إليها الفكرة هي الدليل على صدقها ومقياس صوابها إذا أردنا أن نحصل على فكرة واضحة لموضوع ما فما علينا —كما يعتقد جيمس—سوى النظر إلى الآثار العملية التي هي قادرة على تأديتها هذه الفكرة وأن ننظر إلى النتائج التي ستظهرها هذه الفكرة ورد الفعل الضار الذي قد ينجم عن هذه الفكرة الذي يجب أخذ الحيطة بإزائه ويفهم من هذا القول أن الحق لا يوجد أبدا منفصلا عن الفعل والسلوك،فنحن لا نفكر في الخلاء ،وإنما نفكر لنعيش وليس ثمة حقيقة مطلقة،بل هنالك مجموعة من الحقائق المتكثرة التي ترتبط بمنافع كل فرد منا في حياته.
(("نقد الموقف الأول شكلا وضمونا")).
إن ربط الحقيقة بمقياس المنفعة والمصلحة الماديتين بالمطلق وفق إدعاءات البراغماتيين فيه تجاوزات خطيرة ذلك أن ماهو نافع للفرد أو لمجموعة ليس بالضرورة نافع للجميع دوما؟!فكيف إذا كان النفع والمصلحة هذه متأتية من مضرة تمسهم أو عن طريق إلحاق الأذى بهم؟!ن في هذا زعزعة للقيم الأخلاقية والإنسانية لا يرقى لأن يكون معيارا للحقيقة التي من خصائصها رفع الإنسان وتمييزه لا الحط منه وقهره،الأمر الآخر الذي يعاب على أنصار البراغماتية أن إتباع مقياس المنفعة واللذة قد يدخلنا في صراعات كبيرة ومتداخلة بين الأفراد والجماعات،ذلك أن كل فرد أو مجتمع أو أمة تريد بلوغ أكبر قدر ممكن من اللذة والمنفعة وتحرص دوما على أن تستحوذ عليها، وهذا ماينتج الصراع المحتدم بين الأفراد والجماعات؟!ولو سلمنا جدلا بمقياس اللذة والمنفعة والمصلحة كمقياس أوحد للحقيقة ألا يدخلنا هذا في متاهة الشخصنة والفردانية المتطرفة فلكل شخص مصلحته ومنفعته ورأيه الخاص حيال مايراه بأنه حقيقة بالنسبة له،وعليه إن مقياس اللذة والمنفعة مقياس يفرق أكثر منه أنه يجمع بين الذوات البشرية كما أنه يدخلنا في العديد من المتاهات والتناقضات التي مامن شأنها التفريق بين الذوات البشرية أكثر منه الجمع بينها في إطار واحد،ومن صفات الحقيقة الوحدة والثبات وعدم التناقض.
(("الموقف الثاني"))
إن الوضوح والبداهة هو المعيار الأساسي للحقيقة،والأداة الأساسية في البرهنة والمقياس الذي نميز به بين الأفكار الصحيحة والأفكار الخاطئة ،وبين الأفعال الخيرة والأفعال السيئة،والمنبر الوحيد الذي نطل به على الحقيقة،فجميع المعارف تنشأ عن المبادئ العقلية البديهية الموجودة في العقل،والتي ليست متولدة من الحس أو التجربة،ويمثل هذا الموقف رواد المذهب العقلاني والميثالي:بداية مع أريستوكل أفلاطون—مؤسس نظرية المثل—روني ديكارت،باروخة سبينوزا،مالبرانش،غولفريد لايبنتز،وغيرهم العديد.
يتبع في الأسفل على مربع الاجابة اسفل الصفحة التالية