خطبة الجمعة عن الأشهر الحرم حكمها وفضائلها مكتوبة
خطبة عن الأشهر الحرم ملتقى الخطباء
مرحباً زوار موقع باك نت يسرنا بزيارتكم أن نقدم لكم خطبة مكتوبة ومؤثرة عن الأشهر الحرم حكمها وفضائلها
وهي كالتالي
( الأشهر الحُرُم: حكمتها ، وفضائلها ) : خطبة الجمعة..اقرأ وتدبر
الخطبة الأولى
الحمد لله..
الذي أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة..
أحمده - سبحانه - رضي لنا الإسلام دينًا وجعلنا خير أمة،
وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له
شهادةً تكون لمن استمسك بها خير عصمة،
وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبد الله ورسوله
بعثه للعالمين رحمة..
اللهم صلِّ وسلِّمْ على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه صلاةً تكون لنا نورًا في الدجى والظلمة.
= أما بعد:
فأُوصيكم - أيها الناس - ونفسي بتقوى الله،
فاتقوا الله - رحمكم الله -؛
فالحياة يعقُبُها الممات،
والأترابُ يُسلِمون للتراب،
سبقَ القومُ بكثرة الصلاة والصوم،
هجَروا لَذيذَ المنام،
وغايتُهم دارُ السلام،
فالجِدَّ الجِدَّ - رحمكم الله - من أجل أن تغنَموا،
والبِدارَ البِدَارَ من قبل أن تندَموا،
واطرُقوا في الدُّجَى بابَ الرجاء،
الموتُ بابٌ مورود،
والأجلُ غيرُ مردود،
﴿ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ * وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ * يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ ﴾
[هود: 103- 105].
= أيها المسلمون:
يقول الله تعالى في محكم آياته :
( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)
(36) التوبة
= إخوة الإسلام :
إن الله اصطفى من خلقه صفايا:
فاصطفى من الملائكة رسلا،
ومن الناس رسلا،
واصطفى من الكلام ذكره،
واصطفى من الأرض المساجد،
واصطفى من الشهور رمضان والأشهر الحرم،
واصطفى من الأيام يوم الجمعة،
واصطفى من الليـالي ليلة القدر،
ألا فعظموا ما عظم الله،
فإنما تعظيم الأمور بما عظمها الله به ،
والأشهر الحرم بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع ، ففي الصحيحين (أَنَّهُ قَالَ:
- « إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلاَثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبٌ شَهْرُ مُضَرَ الَّذِى بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ …)
هذا ، وقد سميت هذه الأشهر بالأشهر الحرم لأمرين :
الأمر الأول:
لأن الله تعالى حرم فيها القتال بين الناس ،
يقول الله جل وعلا:
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ}
(البقرة:217)،
فدل ذلك على أنه محرم فيها القتال،
وذلك من رحمة الله تعالى بعباده حتى يسافروا فيها ويحجوا ويعتمروا.
والأمر الثاني:
لتعظيم انتهاك المحارم فيها بأشد من تعظيمه في غيرها،
وتعظيم الطاعات فيها أيضا ،
وقد ذكر ابن كثير في تفسيره :
- «وإنما كانت الأشهر المحرمة أربعة، ثلاثة سرد وواحد فرد؛
لأجل أداء مناسك الحج والعمرة في أمن وأمان،
فحرم قبل شهر الحج شهر، وهو ذو القعدة؛ لأنهم يقعدون فيه عن القتال، فيذهبون إلى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج وهم آمنون،
وحرم شهر ذي الحجة لأنهم يوقعون فيه الحج ويشتغلون فيه بأداء المناسك وهم آمنون،
وحرم بعده شهر آخر، وهو المحرم؛ ليرجعوا فيه إلى نائي أقصى بلادهم آمنين،
وحرم رجب في وسط الحول، لأجل زيارة البيت والاعتمار به، لمن يقدم إليه من أقصى جزيرة العرب،
فيزوره ثم يعود إلى وطنه فيه آمنا» ،
ومن المعلوم أن هذه الأشهر ورثت العرب «حرمتها وتعظيمها، فكانت تعظمها فتحرم فيها القتال،
وهو مما ورثته من دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام،
غير أن العرب كانت تقوم معيشتهم على الحروب والثارات والغارات، فكانت تضطر إلى الحرب، فكانت تحتال على هذه الأشهر الحرم، فتؤخر تحريم هذا الشهر إلى آخر، وهو النسيء الوارد ، في قوله تعالى:
{إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}
(التوبة:37)،
وربما حرمت العرب شهرا حلالا وأحلت شهرا محرما،
وقد تجد نفسها جعلت السنة ثلاثة عشر شهرا، خلافا لما خلق الله تعالى عليه السنة،
ولذلك جاء في الآية:
{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ}
(التوبة:36)،
= أيها المسلمون :
ومن حرمة هذه الأشهر أن الأعمال فيها «مضاعفة الجزاء،
إن خيرا فخير،
وإن شرا فشر،
لذلك أكد النهي عن الظلم فيها؛ فقال:
{فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ}
(التوبة:36)،
والظلم هنا يشمل المعاصي كلها؛
كبيرها وصغيرها،
بترك الواجبات وفعل المحرمات،
مما يتعلق بحقوق الخالق والمخلوق،
ويقول القرطبي:
- «لا تظلموا فيهن أنفسكم بارتكاب الذنوب،
لأن الله سبحانه إذا عظم شيئا من جهة واحدة صارت له حرمة واحدة، وإذا عظمه من جهتين أو جهات صارت حرمته متعددة فيضاعف فيه العقاب بالعمل السيئ كما يضاعف الثواب بالعمل الصالح،
فإن من أطاع الله في الشهر الحرام في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام،
ومن أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في شهر حلال في بلد حلال» ،
وقال ابن عباس رضي الله عنهما:
- «تحفظوا على أنفسكم فيها واجتنبوا الخطايا،
فإن الحسنات فيها تضاعف والسيئات فيها تضاعف» ،
وقال قتادة:
- «إن العمل الصالح والأجر أعظم في الأشهر الحرم، والذنب والظلم فيهن أعظم من الظلم فيما سواهن،
وإن كان الظلم على كل حال عظيما،
ولكن الله يعظم من أمره ما يشاء،
وتتجلى الحكمة في مضاعفة الأجر والثواب في الأشهر الحرم في «رحمة الله تعالى بالمؤمنين، وحسن تربيته لعباده، والأخذ بأيديهم برحمة وحكمة،
فلو أنه سبحانه ضاعف الوزر كامل السنة لربما هلك الصالحون بمضاعفة ما قد يأتون من معصيتهم وظلمهم لأنفسهم؛
إذ أنهم ليسوا بمعصومين،
فكان أن جعل الله تعالى الحرمة والمضاعفة خاصة بأربعة أشهر فقط، ليستطيع المسلم شد إزاره والاجتهاد فيها أكثر ما يستطيع ،
ثم ليكون ذلك دربة له في باقي الأشهر المخففة،
وهكذا إذا اتَّقى الله تعالى وجاهد نفسه؛
وجد نفسه في سائر الشهور متقيا محترسا متيقظا،
قد صار له ذلك عادة وسجية» ،
فهذه الأشهر مما عظمها الله سبحانه في كتابه ,
فيجب علينا أن نُعظم ما عظم الله ,
فإن تعظيمنا يُعد عبادة قلبية من أجلّ العبادات,
فحين تدخل هذه الأشهر نستشعر تحريمها وتعظيم الله لها ,
= عباد الله :
وكما علمتم فإن من بين الأشهر الحرم شهر الله المحرم ،ولشهر الله المحرم في الإسلام مكانةٌ مقدَّسة خاصة؛ ولذلك سماه الرسول عليه الصلاة والسلام: “شهر الله”،
ولم يندب عليه الصلاة والسلام إلى صيام شهرٍ كامل على سبيل التطوُّع غير شهر المحرم،
وجعله أفضل صيام بعد رمضان.
ففي صحيح مسلم :
(سُئِلَ:
- أَيُّ الصَّلاَةِ أَفْضَلُ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ وَأَيُّ الصِّيَامِ أَفْضَلُ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ؟
فَقَالَ :
- « أَفْضَلُ الصَّلاَةِ بَعْدَ الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ الصَّلاَةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ
وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ صِيَامُ شَهْرِ اللَّهِ الْمُحَرَّمِ ».
ويظهر أنه كان له كذلك مكانةٌ خاصة في نفوس العرب في الجاهلية،
بدليل أنه اختُصَّ من بين الشهور الأربعة الحُرُم بالاسم الذي يدلُّ صراحةً على حرمتِه،
وذلك قبل أن يعبثوا في مدة الشهور وأوضاعها،
ويبتدعوا نظام النسيء الذي كان يُتِيحُ لهم في الغالب انتهاكَ حرمة هذا الشهر بالذات.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم.
فاستغفروه..
إنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية في الأسفل مع الدعاء