خطبة الجمعة التحذير من الاغترار بالدنيا : خطبة مؤثرة عن الغرور والكبرياء
مرحباً اعزائي الزوار في موقع باك نت يسرنا بزيارتكم أن نقدم لكم خطبة الجمعة مكتوبة ومختصرة عن الاغترار بالدنيا ملتقى الخطباء خطبة الجمعة القادمة وهي كالتالي
اقرأ وتدبر
الإجابة هي كالتالي
خطبة الجمعة التحذير من الاغترار بالدنيا : خطبة مؤثرة عن الغرور والكبرياء
الخطبة الأولى
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ
نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ،
وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا،
مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ،
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لهُ،
وَأَشْهَدُ أَنَّ مُـحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
= أما بعد:
يقول الله -جل وعلا-، وهو يناديكم في محكم كتابه:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ)
[فاطر: 5 - 6].
= أيها المسلمون:
>> يناديكم ربكم،..
ويؤكد لكم، أنه لا بد من وقوع ما وعدكم به من البعث والنشور، والجزاء على أعمالكم بالثواب أو العقاب،
ويحذركم من فتنتين عظيمتين هما :
فتنة الدنيا، وفتنة الشيطان.
وكم في كتاب الله من التحذير من الاغترار بهذه الدنيا وذمها، وبيان سرعة زوالها،
وضرب الأمثال لها؛ ما يكفي بعضه زاجراً لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد؟
- وإن الدنيا -أيها الإخوة- في الحقيقة أنها لا تذم لذاتها،
فهي قنطرة أو ممر إلى الجنة أو إلى النار،
وإنما يذم فعل العبد فيها، من اشتغاله بالشهوات، والغفلة والإعراض عن الله والدار الآخرة،
وإلا فالدنيا مزرعة الآخرة،
ومنها يؤخذ زاد الجنة،
وخير عيش ناله أهل الجنة، إنما كان بما زرعوه في الدنيا.
= عباد الله -أيها المسلمون-:
كيف آثرتم الحياة الدنيا على ما عند الله ؟
كيف شغلتكم أموالكم وأولادكم عن ذكر الله ؟
مهما عشت -أيها الإنسان- وجمعت من المال، فإنك راحل،
وما في يديك زائل،
ولا يبقى لك إلا عملك،
إنك خرجت إلى الدنيا ليس معك شيء، وستخرج منها ليس معك منها إلا العمل،
قال الله -تعالى-:
(وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاء ظُهُورِكُمْ)
[الأنعام: 94].
إنك مررت بالدنيا في طريقك إلى الآخرة،
وأُتيحت لك الفرصة لتأخذ منها زاداً لسفرك،
فأنت بمنزلة المسافر الذي هبط إلى السوق ليأخذ منه زاداً يبلغه في مسيره، فليس لك من هذه الدنيا إلا ما تزودت به للآخرة.
= عباد الله:
إن حلال هذه الدنيا حساب،
وحرامها عقاب،
ومصيرها إلى الخراب،
ولا يركن إليها إلا من فقد الرشد والصواب.
>> فكم من ذاهب بلا إياب ؟
>> وكم من حبيب قد فارق الأحباب،
وترك الأهل والأصحاب،
وصار إلى ثواب أو عقاب ؟
إنها رحلات متتابعة إلى الدار الآخرة لا تغتر،
يذهب فيها أفراد وجماعات وآباء وأمهات، وملوك ومماليك، وأغنياء وصعاليك، ومؤمنون وكفار، وأبرار وفجار،
كلهم يذهبون إلى الآخرة،
ويودعون في القبور،
ينتظرون البعث والنشور، والنفخ في الصدور:
(يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ)
[المعارج: 43 - 44].
أتأمل في الدنيا تجدُ وتعمر
وأنت غداً فيها تموت وتقبر
تلقح آمالاً وترجو نتاجها
وعمرك مما قد ترجيه أقصر
فهذا صباح اليوم ينعاك ضوءه
وليلته تنعاك إن كنت تشعر
ورزقك لا يعدوك إما معجل
على حالة يوماً وإما مؤخر
فلا تأمن الدنيا وإن هي أقبلت
عليك فما زالت تخون وتغدر
وشمر فقد أبدى لك الموت وجهه
وليس ينالُ الفوز إلا المشمر
فلا بد يوماً أن تصير لحفرة
بأثنائها تطوى إلى يوم تُنشر
إن الله -سبحانه وتعالى- ذم الذين يؤثرون الدنيا على الآخرة في كثير من الآيات،
قال تعالى:
(أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآَخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ)
[البقرة: 86].
وقال تعالى:
(كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ * وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ)
[القيامة: 20 - 21].
وقال تعالى:
(إِنَّ هَؤُلَاء يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا)
[الإنسان: 27].
وقال تعالى:
(بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى)
[الأعلى: 16 - 17].
وقال تعالى:
(فَأَمَّا مَن طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى)
[النازعات: 37 - 39].
إن إيثار الدنيا على الآخرة يظهر جلياً على تصرفات الناس،
والناس يزدحمون على أبواب المتاجر،
ولا يزدحمون على أبواب المساجد،
والناس يزدحمون على طلب الدنيا،
ولا يزدحمون على طلب العلم النافع،
الناس يصبرون على تحمل المشاق الصعبة في طلب الدنيا،
ولا يصبرون على أدنى مشقة في طاعة الله،
الناس يغضبون إذا انتقص شيء من دنياهم،
ولا يغضبون إذا انتقص شيء من دينهم.
- كثير من الناس :
لشدة حبه للدنيا- لا يقنع بما أباح الله له من المكاسب، فيذهب يتعامل بالمعاملات المحرمة، والمكاسب الخبيثة، من الربا والرشوة والغش في البيع والشراء،
بل يفجر في خصومته،
فيحلف بالله كاذباً،
أو يقيم شهادة زور،
ليستولي على مال غيره بغير حق، وهو يسمع قول الله -تعالى-:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ)
[البقرة: 278 - 279].
وقول الله -تعالى-:
(وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ)
[البقرة: 188].
وقوله جل وعلا:
(إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
[آل عمران: 77].
- كثير من الناس:
استولى عليه حب الدنيا، وإيثارها على الآخرة،
حتى شغل كل أوقاته بجمعها،
ولم يبق وقتاً لآخرته،
فالصلوات المفروضة يؤخرها عن أوقاتها،
أو لا يحضرها مع الجماعة،
وحتى في أثناء صلاته، يكون قلبه منصرفاً إلى الدنيا،
يفكر فيها،
ويعدد ماله،
ويتفقد حسابه،
ويتذكر ما نسي من معاملاته في صلاته.
- كثير من الناس:
حمله إيثار الدنيا على الآخرة،
على البخل والشح بالنفقات الواجبة والمستحبة،
حتى بخل بالزكاة التي هي ركن من أركان الإسلام.
= أيها المسلمون:
>> لقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم:
أن الدنيا لو ساوت عند الله جناح بعوضة، ما سقى كافراً منها شربة ماء.
>> وأخبر عليه الصلاة والسلام:
أن مثلها في الآخرة، كمثل ما يعلق بأصبع من أدخل أصبعه في البحر.
>> وأخبر عليه الصلاة والسلام:
أنها سجن المؤمن وجنة الكافر.
>> وأمر عليه الصلاة والسلام العبد:
أن يكون فيها كأنه غريب أو عابر سبيل.
>> وأمر عليه الصلاة والسلام العبد إذا أصبح:
أن لا ينتظر المساء، وإذا أمسى أن لا ينتظر الصباح.
>> وأخبر عليه الصلاة والسلام:
أن الدنيا حلوة خضرة، وأنها تأخذ العيون بخضرتها والقلوب بحلاوتها.
>> وأخبر عليه الصلاة والسلام:
أنه ليس لأحد من هذه الدنيا، سوى بيت يسكنه، وثوب يلبسه، وقوت يقيم صلبه.
>> وأخبر عليه الصلاة والسلام:
أنه يتبع الميت أهله وماله وعمله، فيرجع أهله وماله، ويبقى عمله.
>> وأخبر عليه الصلاة والسلام:
أنه ليس لابن آدم من ماله إلا ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى، أو تصدق فأمضى.
>> وأخبر عليه الصلاة والسلام:
أن غنى العبد في نفسه لا في كثرة ماله.
>> وأخبر عليه الصلاة والسلام:
أن من كانت الدنيا أكبر همه، جعل الله فقره بين عينيه، وشتت عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له.
= عباد الله:
لقد كان الصحابة -رضي الله تعالى عنهم-، يحذرون من التنعم في الدنيا، ويخافون أن تعجل لهم بذلك حسناتهم،
ففي الصحيحين:
عن خباب بن الأرت -رضي الله عنه- قال:
هاجرنا مع رسول الله نلتمس وجه الله، فوقع أجرنا على الله،
فمنا من مات ولم يأكل من أجره شيئا، منهم مصعب بن عمير -رضي الله عنه- قتل يوم أحد وترك بردة،
فكنا إذا غطينا بها رأسه بدت رجلاه، وإذا غطينا رجليه بدا رأسه،
فأمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نغطي رأسه، ونجعل على رجليه شيئاً من الإذخر، ومنا من أينعت له ثمرته، فهو يهدبها".
وفي صحيح البخاري :
عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال:
"أتي عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- بطعام وكان صائما، فقال:
- قتل مصعب بن عمير وهو خير مني، وكفّن في بردة إن غطى رأسه بدت رجلاه، وإن غطى رجلاه بدا رأسه،
وقتل حمزة -رضي الله عنه- وهو خير مني، فلم يوجد له كفن إلا بردة، ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط، أو قال: أعطينا من الدنيا ما أعطينا، وقد خشيت أن تكون عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا، ثم جعل يبكي حتى ترك الطعام".
يتبع في الأسفل تابع قراءة الخطبة