المبحث الثاني: نقل الملكية في العقار في القانون الجزائري
نقل الملكية في العقار
إن البيع الوارد على العقار لا ينعقد انعقادا صحيحا إلا إذا استوفى ركن الشكلية إضافة إلى أركان أخرى، لذلك فهو ليس بعقد رضائي كما في بيع المنقولات بل هو عقد رسمي وهذه الشكلية تتمثل في التوثيق، فإذا توفرت هذه الأركان انعقد البيع صحيحا وإلا كان باطلا.
حتى وان انعقد البيع صحيحا فإن نقل الملكية لا يتم إلا بإجراء التسجيل لدى مصلحة التسجيل واخيرا شهره في مجموعة القطاعات العقاري لكي يرتب المبيع اثره العيني وهو نقل الملكية.
المطلب الأول: الشهر العقاري
لقد تناول المشرع في المادة 165 من القانون المدني الجزائري التي نصت:" لا تنتقل الملكية والحقوق الأخرى في العقار سواء كان ذلك بين المتعاقدين أم في حق الغير إلا إذا ......... الإجراءات التي ينص عليها القانون وبالأخص القوانين التي تدير مصلحة شهر العقار." من خلال هذين النصين يتضح لنا أن انتقال الملكية في العقارات أو الحقوق العينية الأخرى كحق ارتفاق أو حق انتفاع أو حق السكن والحكر .......... لا يتم إلا بعد اتخاذ إجراءات الشهر المنصوص عليها في القانون سواء كان المتعاقدين أو بالنسبة للغير لأنه قبل الشهر لا ترتب هذه الحقوق سوى مجرد التزامات شخصية بين طرفي العقد حسب المادة 85 من المرسوم 76 – 63 المتعلق بتأسيس السجل التجاري، كما نصت المادة 15 من الأمر 75 – 74 المؤرخ في 12/11/1975 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام، وتأسيس السجل العقاري على أنه :" كل حق للملكية وكل حق عيني آخر يتعلق بعقار لا وجود له بالنسبة للغير إلا عن تاريخ إشهارها هما في مجموعة البطاقات العقارية، غير أن نقل الملكية عن طريق الوفاة يسري مفعوله من يوم وفاة أصحاب الحقوق العينية."
كما نصت المادة 16 من نفس الأمر على أنه:" أن العقود الإدارية والاتفاقات التي تبرم إلى إنشاء أو نقل أو تفريغ أو تعديل أو انقضاء حق عيني، لا يكون لها أثر حتى بين الأطراف إلا من تاريخ نشرها في مجموعة البطاقات العقارية."
ومن خلال هذين النصين أيضا نستخلص أن كافة التصرفات التي من شانها نقل الملكية العقارية يجب أن تشهر باستثناء نقل الملكية عن طريق الوفاة.
وباعتبار بيع العقار عقد رسمي (المادة 324 مكرر 1 من القانون المدني الجزائري) لا يمكن شهره إلا إذا تم في شكله القانوني و إلا كان باطلا وهذا ما نصت عليه المادة 61 من المرسوم 76 – 63 المتعلق بالسجل العقاري:" كل عقد يكون موضوع إشهار في محافظة عقارية يجب أن يقدم في شكل رسمي."
الفرع الأول: تعريف الشهر العقاري وصحيته:
أولا: تعريف الشهر العقاري:
سهر العقار هو تكوين بطاقة عقاري لدى المحافظ العقاري في السجل المعدل لذلك وعن طريقه يعلم الغير الراغبين في التعامل في العقار معرفة كل ما يتعلق بذلك العقار، وكذلك كل الحقوق الواردة عليه والشهر يتم إما عن طريق التسجيل بالنسبة للحقوق العينية الأصلية أو عن طريق القيد بالنسبة للحقوق العينية التبعية.
فالتسجيل: يتم بإثبات كل البيانات الواردة في المحرر الذي يراد شهره في سجل معد لذلك حتى يتعرف الجميع على ما ورد في التصرف المسجل.
أما القيد: فيكون بإثبات البيانات الجوهرية فقط للتصرف المراد شهره بناءا على قيد (قائمة) يتقدم بها الدائن يذكر فيها اسمه واسم الدائن وبيان العقار الوارد عليه حق عيني تبعي المراد قيده.
وتكمن الحكمة من الشهر العقاري باعتباره يحقق استمرار الملكية العقارية و يدعم الثقة في المعاملات العقارية كما يحقق سلامة التصرفات العقارية ويسهل تداولها ومن شانه أيضا تشجيع الائتمان العقاري (الإقراض بضمان الحقوق العقارية).
ثانيا: آثار الشهر العقاري:
طبقا للنصوص السابقة (793 من القانون المدني الجزائري المادتين 15 و 16 من الأمر رقم 75 – 74) فإن العقد الغير مشهر لا ينقل الملكية، وبالتالي فإتمام الإشهار يرتب انتقال الملكية و يحتج بهذا الانتقال فيما بين المتعاقدين وفي مواجهة الغير.
كما يفهم من النصوص أنه ليس للشهر أثر رجعي:" لا أثر لها إلا من يوم إشهارها." ومن وقت الشهر يصبح المشتري مالكا للعقار وله أن يتصرف فيه ويستغله و يستعمله.
ثالثا: حجية الشهر العقاري:
أن ضمان الحقوق العينية العقارية لا يتحقق إلا عن طريق شهرها في السجل العقاري وليس للشهر تأثير في صحة التصرف ولا يترتب عليه إزالة العيوب التي تكون عالقة بالسند الذي تم على أساسه الشهر وهذا ما يعني أن حجية الشهر ليست سوى قرينة بسيطة تقبل إثبات العكس أي أنه يمكن الطعن في التصرف الذي ظهر بسبب عيب الشكل أو الجوهر وهذا إذا تبين للمحكمة أن الطعن يستند إلى سبب مقبول وأخذت به فإنه يتم شطب وإزالة الشهر وجميع آثاره بين المتعاقدين، ومنه فقيمة الشهر مرتبطة بقيمة التصرف الذي قام عليه الشهر فإذا كان التصرف صحيحا فتكون للشهر حجية مطلقة، أما إذا كان التصرف باطلا فإنه يظل كذلك على الرغم من شهره.
فحين يرى البعض أن الشهر يصحح التصرف المعيب ويمنح صاحبه حجية مطلقة في مواجهة الغير، فإننا نقول أن هذا غير صحيح ودليلنا في ذلك هي النصوص التي أوردها المشرع التي تجيز الطعن في التصرفات المشهرة ومنها:
1- المادة 24 من الأمر 75- 74:" تكون قرارات المحافظة العقارية قابلة للطعن أمام الجهات القضائية المختصة إقليميا."
2- المادة 85 من المرسوم 76- 63 :" إن دعاوي القضاء الرامية إلى النطق بفسخ أو إبطال أو إلغاء أو نقض حقوق ناتجة عن وثائق تم شهرها..."
3- المادة 86 من المرسوم 76- 63:" إن فسخ الحقوق العينية أو إبطالها أو إلغائها أو نقضها...".
الفرع الثاني: أنظمة الشهر العقاري:
ويمكن تفسير الشهر العقاري إلى نوعين رئيسيين وهما:
- نظام الشهر الشخصي ونظام الشهر العيني (نظام السجل التجاري):
أولا: نظام الشهر الشخصي:
تكمن وظيفة هذا النظام العلنية فقط و ليس له أية قوة ثبوت غذ يقتصر على شهر التصرف كما هو دون الاهتمام بصحته الحق الذي يرمي إلى إنشائه وبقوم هذا النظام على إنشاء سجل عام في مختلف إقليم الدولة و يحتوي هذا السجل على قوائم المتصرفين ومنه يبين أن الشهر يتم على أساس أسماء الأشخاص الصادرة منهم التصرفات لا على أساس أسماء الأشخاص الصادرة منهم التصرفات لا على أساس العقار الذي هو محل التصرف، إضافة إلى أن النظام لا يصحح التصرف الباطل ويبطل عقد صحيحا ولا يحقق استقرار الملكية.
ويتم الشهر الشخصي وفق طريقتين إما حسب الترتيب الزمني لتقديم محررات الشهر وحسب الترتيب الأبجدي لأسماء الأشخاص.
عيوب هذا النظام: ويعيب الفقهاء هذا النظام بالآتي:
1- أنه لا يعطي للمتصرف إليه مشترط أنه ضمانة بثبوت حقه في العقار أو في أي حق عيني أكتسبه بصفة نهائية (حكم بطلان العقد).
2- كما يعاب النظام من حيث الحصر إذ لم يحصر التصرفات حصرا دقيقا.
3- إضافة إلى أنه معين من ناحية الترتيب لأن التسجيل والقيد يكون عن طريق أسماء الأشخاص ما قد يؤدي إلى الخلط في حالة تشابه السماء.
ثانيا: نظام الشهر العيني:
يقوم هذا النظام على أساس أن التصرفات لا تشهر بأسماء القائمين بها، بل وفقا للعقار ذاته الذي وقع عليه التصرف، فككل عقار سجل عقاري خاص تكتب فيه جميع التصرفات التي تقع على عقار وما ينقله من حقوق، كما أن التصرفات الواجبة الشهر لا تتم إلا بعد التأكيد والتحري من صحتها وهذا من خلال استقصاء عن موقع العقار وحدوده ومساحته ثم عن الأسماء من وقع منهم التصرف وأهليتهم ثم عن التصرف نفسه إذا كان صحيحا يشهر ويسجل وإذا كان التصرف معيبا فلا يتم الشهر والتسجيل ويكون للتصرف المشهر في هذا النظام حجية كاملة وإذ كان هنالك عيب في التصرف ولم يكتشف إلا بعد التسجيل فإن العيب يظهر ويزول بموجب التسجيل ومنه فالشهر في هذه الحالة هو الناقل للحق وليس للعقد.
أما من ناحية عيوب هذا النظام فتتمثل أساسا إلى ما يتطلبه من جهود ونفقات باهضة في مسح الأراضي، قبل الأخذ به.
ويقوم نظام الشهر العيني على مجموعة من المبادئ وهي:
1- مبدأ التخصيص: أي أنه تخصص صحيفة من السجل لكل وحدة عقارية وتدون فيها كل التصرفات الواردة على العقار وهذا ما أخذ به المشرع في المادة 23 من المرسوم 76- 62 المتعلق بإعداد مسح الراضي العام.
2- مبدأ قوة الثبوت المطلقة: وهي قرينة لا تقبل إثبات العكس أي أن ما هو مدون في الصحيفة هو الحقيقة
3- مبدأ الشرعية: أي أن التسجيل لا يتم إلا بعد التحري والاستقصاء مما يجعل إيراد التسجيل على عقد معيب نادرا جدا.
4- مبدأ عدم التقادم: إذ لا يمكن اكتساب الحقوق العينية الأصلية في نظام السجل العيني أيا كان الزمن.
الفرع الثالث: النظام المتبع في الجزائر:
يتضح من الأمر 75- 74 المؤرخ في 12 نوفمبر 1975 والذي يتضمن مسح الأراضي وتأسيس السجل العقاري ومن المرسوم رقم 76- 62 المؤرخ في 25 مارس 1976 والذي يتعلق بإعداد مسح الأراضي العام أن القانون الجزائري قد اتبع نظام السجل العيني، وهذا ............. الملكية في العقار في الجزائر بالتسجيل الذي يعتبر حجة قاطعة على انتقال الملكية ويؤدي إلى تطهير التصرف المعيب لأنه هو الذي ينقل الملكية لا التصرف القانوني، كما يحقق هذا النظام ميزة استقرار الملكيات عكس نظام الشهر الشخصي.