المشكلة الثالثة : في العلاقات الأسرية والنظم الاقتصادية والسياسية. شعبة الآداب وفلسفة.
نص السؤال: دافع عن الأطروحة القائلة: " الأسرة مؤسسة اجتماعية ضرورية تصون المجتمع وأخلاقه".
الطريقة: استقصاء بالوضع
بكالوريا 2022 2023 bac الجزائر
أهلاً بكم طلاب وطالبات الباك 2023 في موقعنا باك نت .baknit.net الموقع التعليمي المتميز والمتفوق بمنهجية موضوع النص الفلسفي الجدلية والمقارنة والاستقصاء بالوضع كما نقدم لكم بقلم أستاذ الفلسفة الاجابة الصحيحة لجميع دروس والمقالات الفلسفية المتوقعة والمقترحة في باك جميع الشعب الفلسفية كما نقدم لكم الأن أعزائي الطلاب والطالبات مقالة مختصرة وهي إجابة السؤال .... مقالة استقصاء بالوضع دافع عن الأطروحة القائلة الأسرة مؤسسة اجتماعية ضرورية تصون المجتمع وأخلاقه
وتكون اجابتة الصحية هي التالي.
المشكلة الثالثة : في العلاقات الأسرية والنظم الاقتصادية والسياسية. شعبة الآداب وفلسفة.
نص السؤال: دافع عن الأطروحة القائلة: " الأسرة مؤسسة اجتماعية ضرورية تصون المجتمع وأخلاقه".
الطريقة: استقصاء بالوضع
إن الأسرة الحديثة كمؤسسة اجتماعية فقدت الكثير من وظائفها، وخاصة في الميادين الدينية والتربوية والاقتصادية. ولذلك شاع لدى البعض اعتقاد مفاده أن الأسرة قد فقدت الكثير من أسباب وجودها التي تبرر القول بأهميتها ودورها في حياة الفرد و المجتمع ككل. وبالتالي أصبحت غير ضرورية ولا جدوى من وجودها. وعلى النقيض من هذا الطرح، هناك من قام يدافع عن الأسرة وما زال يقول بقيمتها ودورها، فالأسرة ما تزال تقوم بدور هام في الحياة الاجتماعية، وتؤدي وظائف ذات أهمية كبرى. وبالتالي فلا غنى عن الأسرة. فإذا كانت هذه الأطروحة صادقة والدفاع عنها أمر مشروع حق لنا أن نتساءل: كيف يمكننا الدفاع عن هذه الأطروحة القائلة: "الأسرة مؤسسة ضرورية تصون المجتمع وأخلاقه"؟ وما هي الأدلة والحجج المثبتة لذلك؟ وكيف يمكننا حينها الأخذ برأي مناصريها؟
يرى عدد من المفكرين وعلماء الاجتماع أمثال: "أوغيست كونت" أن الأسرة هي الخلية الاجتماعية الأولى والوسط الرئيسي الذي يؤثر في نمو الطفل: الجسدي، النفسي والعقلي، ويشكل بالتالي شخصية الفرد. فالمجتمع في نظر القائلين بأهمية الأسرة مهما ناب عنها في عدد من أعمالها، فإنه لا يستطيع أن يقوم مقامها في وظائف تخصها دون غيرها. ومعنى ذلك أننا نلتمس قيمتها وأهميتها في الوظائف التي تؤديها، وتتميز بها عن مختلف المؤسسات الاجتماعية الأخرى، ومن بين أهم هذه الوظائف التي تؤديها الأسرة: نجد الوظيفة البيولوجية التناسلية: فعن طريق الزواج يتحد رجل وامرأة لبناء أسرة، ومن ثمة المشاركة في استمرار النوع البشري. وبفضل هذه الوظيفة تضمن الأسرة من جهة إشباع حاجات الإنسان الجنسية، ومن جهة أخرى تضمن حفظ النوع البشري عن طريق إنجاب الأطفال الذين يسهمون في التكوين الاجتماعي والسكاني، وبالتالي تسهم الأسرة في إقامة التماسك داخل المجتمع. كذلك الوظيفة النفسية: حيث تعد الأسرة الجماعة الوحيدة التي تتكون فيها عواطف من نوع خاص، لأنها مبنية على علاقات متينة. ففيها وحدها نجد حلاوة خاصة لا يمكن مقارنتها بأية حلاوة أخرى، حلاوة من نحبهم، وعذوبة حب من نعيش معهم. والأسرة السليمة هي التي يسود بيتها جو اجتماعي مفعم بعواطف المحبة والتآلف والحنان. فالفرد لا يستطيع إنماء عواطفه، أو المحافظة على اتزان شخصيته إلا ضمن الأسرة.
ومما لا شك أن الأم والأب يؤديان دورا هاما في تقوية شخصية الطفل، فبوجود الأم يتعلم الطفل الحب. وهذا الأخير ضروري لإنماء شخصية الفرد السوي، وغياب الحب أو التفريط فيه، أو توجيهه توجيها سيئا بالإفراط فيه، أمور تؤدي إلى إيقاف نمو الطفل العاطفي والعقلي. وربما أدت إلى اضطرابات عنيفة في سلوك الفرد، وفي علاقاته الاجتماعية بالآخرين، كجنوح الأحداث، وإصابة بعضهم بأمراض نفسية.
بالإضافة إلى الوظيفة التربوية الاجتماعية، وإذا كانت المدرسة تؤدي دورا كبيرا في مجال التربية الاجتماعية حيث يتعلم الأطفال قواعد السلوك الاجتماعي إلى جانب اكتسابهم العلم والمعرفة. ومع ذلك ما زلنا نسجل الأثر القوي للأسرة في المجال التربوي. فما زالت الأسرة محتفظة بأهميتها في تربية الأطفال وتأهيلهم للحياة الاجتماعية. إذا لا شك أن الطفل يبدأ حياته في الأسرة، حيث يمتلك تقاليد مجتمعه وقيمه، ومثله العليا، وأنماط تفكيره وسلوكه. فالطفل يكتسب منظومة مجتمعه الثقافية، فهو يتعلم كيف يتناول طعامه، وكيف يتأقلم مع الوسط الحضاري الذي يعيش فيه. يتعلم الطفل من الأسرة اللغة التي تساعده على التواصل والتفاهم، وعلى الاطلاع على ثقافة المحيط الذي يتعامل معه. وفي الأسرة يتكون السلوك الأخلاقي للطفل، فيكتسب معاني الخير والشر ويعرف ما له من حقوق وما عليه من واجبات. ثم إن الوظيفة التربوية التي تقوم بها الأسرة تفسح للفرد المجال لتكوين شخصيته تكوينا سليما يساعد على التلاؤم مع البيئة الاجتماعية، ويهيئ له فرص تحقيق فاعليات سلوكه. وعليه فحسب أنصار هذه الأطروحة فالأسرة مؤسسة اجتماعية واجبة الوجود.
غير أننا وفي المقابل نجد أن لهذه الأطروحة التي تؤكد على أهمية وقيمة الأسرة، خصوما. وهم الذين يقللون من قيمة الأسرة وأهميتها، بل ويذهبون إلى درجة القول بزوالها تدريجيا، وهذا ما نجده ماثلا لدى أنصار نظرية التطور أمثال:
"هربرت سبنسر" و "مرغان". فهؤلاء يرون أن الأسرة تطورت عبر تاريخها الطويل في أشكال مختلفة: من العشير إلى الحياة الزوجية ومن الشيوعية الجنسية إلى العلاقات الحرة، فكذلك تتطور الأسرة من الوجود إلى التلاشي. والى جانب فلاسفة التطور نجد كلا من "كارل ماركس" و "ف. انجلز" اللذان يدعوان إلى إلغاء الأسرة بحجة أنها تعيق محو الفوارق الطبقية. وتحافظ على استمرار الملكية الفردية عن طريق الميراث. حيث يعتبرها "ف. انجلز" مجرد وحدة اقتصادية، لكن زوال الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج في إطار النظام الاشتراكي سوف يغير العلاقات الاجتماعية، فتأخذ الدولة على عاتقها مسؤولية تربية الأطفال ورعايتهم فتضمحل الأسرة لانعدام أي دور تقوم به تجاه الأطفال. وفي نظر "أندريه جيد" أن الأسرة تقيد الفرد وتمنعه من التعبير عن وجوده بحرية وتشل إرادته وتوقف تطوره. والأسرة بهذا المعنى سجن قضبانه من عاطفة.
غير أن هؤلاء الخصوم الذين انتقصوا من قيمة وأهمية الأسرة، وقللوا من دورها وذهبوا إلى درجة القول بزوالها، لم يتأملوا جيدا في النتائج الوخيمة المترتبة عن ذلك. ولم يقرأوا جيدا الأخطار التي يتعرض لها الأطفال في نموهم. لذلك تفطنت الأمم الغربية – على الخصوص – التي أخذت فيها الأسرة مدلولا آخر غير المدلول الصحيح للأسرة، تفطنت هذه الأمم وانتهت إلى الاعتراف بالأدوار الأساسية التي تؤديها الأسرة في التنشئة السليمة للأطفال والتي لا يمكن أن نتصور مجتمعا متماسكا وصالحا بدونها. فالأسرة في المجتمع بمثابة الدعامة، والأساس الذي يقوم عليه. كما أن إلغاء الأسرة معناه جعل المجتمع مهدد بالانحلال والفوضى وفساد القيم، واختلاط الأرحام. بالإضافة إلى أن الأسرة هي التي تعبر عن المؤسسة الشرعية والطبيعية التي تميز النوع الإنساني عن الحيوان، لأنها مصانة بمنظومة قيم وأخلاق تنسجم مع كرامة الإنسان وماهيته العاقلة. ثم إن الأسرة لا تسجن الأفراد، ولا تعدم حريتهم، بل تكونهم نفسيا وجسميا واجتماعيا قصد تمكينهم من التكيف ومواجهة الواقع وتحمل مسؤولية مواصلة المسيرة الانسانية.
إن هذه الانتقادات الموجهة للخصوم والمقللين من دور وقيمة الأسرة هي التي تدفعنا للبحث عن حجج جديدة ندافع بها عن الأطروحة. فمما يؤكد قيمة الأسرة ودورها في تنشئة الأطفال وتكوين شخصياتهم، ما تثبته الملاحظات المتكررة: فالأشخاص الذين يعيشون حياة طفولية بائسة أو مشردة أو يخضعون لتربية وجدانية قامعة أو قائمة على الدلال كثيرا ما تكون شخصياتهم غير سوية. كل ذلك يؤكد قيمة الأسرة السليمة ودورها في إعداد الأفراد الصالحين لأنفسهم وأمتهم...كما أن الإسلام بدوره اعتنى بالأسرة منذ بدء تكوينها فوضع الأسس والقواعد التي يعتلي عليها البناء الشامخ القوي الذي لا يهتز أمام رياح المشاكل وعواصف الأزمات. فجعل الدين هو الأساس الأول في تكوين الأسرة وتنشئة الأبناء وتربيتهم. فالإسلام جعل العلاقة بين الزوجين وأبنائهما علاقة تكامل لا تنافس، قوامها المودة والرحمة، قال تعالى: " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون". ومن الفلاسفة الذين دافعوا عن قيمة الأسرة وأهميتها نجد: "أوغيست كونت" في قوله: "إن المجتمع الإنساني يتألف من الأسر لا من الأفراد". ويعطي "كونت" أهمية كبيرة للأسرة والمرأة على وجه الخصوص في التنشئة الأخلاقية، وهذا ما تضمنه أيضا المثل القائل: "إذا أخذت من الطفل أباه لم تأخذ منه أي شيء، وإذا أخذت منه أمه لم تترك له أي شيء". والتأكيد على دور الأم نجده كذلك عند "حافظ إبراهيم" القائل: "الأم مدرسة فإن أعددتها *** أعددت شعبا طيب الأعراق". ولقد أثبت الطبيب "روني سبيتز" أن الطفل قد يعاني آلاما من الناحية العضوية بسبب فقدانه حنان الأم. ذلك لأن الأم التي ترضع ولدها بالحليب تغذيه في نفس الوقت بفيتامين سيكولوجي اسمه الحنان. وهذا ما جعل الفيلسوف البريطاني "هربرت سبنسر" يقول: "إن العاطفة هي الفيتامين السيكولوجي للنمو".
ختاما ومما سبق نستنتج أن الأطروحة القائلة: " الأسرة مؤسسة اجتماعية ضرورية تصون المجتمع وأخلاقه" أطروحة صحيحة وصادقة والدفاع عنها أمر مشروع، وبالتالي يمكننا تبنيها والأخذ برأي مناصريها. حيث تأكد لنا فعلا أن الأسرة لها قيمة وأهمية بالغة وعليها تتوقف إلى حد بعيد قوة المجتمع ومناعته وصلاحه. وصدق من قال: " في الأسرة وحدها نجد هذه الحلاوة التي لا يمكن مقارنتها بأية حلاوة أخرى، حلاوة من نحبهم، وعذوبة حب من نعيش معهم".....(أمثلة من الواقع).