خطبة فضل شهر رجب الحرام مكتوبة كاملة فضائل رجب ملتقى الخطباء 1445 2024
خطبة فضل شهر رجب الحرام مكتوبة كاملة
خطبةالجمعة مكتوبة ومختصرة خطبة فضل شهر رجب الحرام مكتوبة كاملة مع الدعاء أول جمعة في رجب
وهي كالتالي
خطبة فضل شهر رجب الحرام مكتوبة كاملة
الحَمْدُ للهِ؛ الحَمْدُ للهِ الَّذِي أعاد مواسم الخيرات عَلَى عباده تترى، فلا ينقضي موسمٌ إِلَّا ويعقبه آخر مرةً بعد أخرى، (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ)[الأنعام: 1]، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، شهادةً نرجو بها الفلاح وَالنَّجَاة، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، أولي المكرمات، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ: عباد الله: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، فـ(اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].
الحمد لله منشئ الأيام والشهور، ومفنى الأعوام والدهور، ويديل الأيام بين عباده عبارة لذوي العقول والأبصار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين... أما بعد،
فيا عباد الله* : اتقوا الله وتيقنوا أن لله تعالى الحكمة البالغة فيما يصطفي من خلقه، فالله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس، ويفضل من الأوقات أوقاتا ومن الأمكنة أماكن. لقد ذهب نصف عامنا هذا عنا وارتحل، وانقضت عنا أيّامه إلى غير عودة، ونحن في غفلة شديدة عن الآخرة، وتنافس كبير على العاجلة، وتكاسل عن أعمال البر الطيبة.
*عباد الله:* نحن مقبلون على دخول شهر رجب، وهو أحد الشهور الأربعة الحُرُم التي يُحرَم فيها القتال، قال تعالى (( *_إن عدّة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يومَ خلق السموات والأرض منها أربعة حُرُمٌ ذلك الدين القيم، فلا تظلموا فيهن أنفسكم_* )) وهذه الأشهر الحرم هي: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب، التزموا حدود الله تعالى، أقيموا فرائض الله واجتنبوا محارمه، أدوا الحقوق ما بينكم وبين ربكم، وفي ما بينكم وبين إخوانكم من الخلق، ومن ثَمَّ عُرِف شهرُ رجب بشهر العبادة والطاعة ولا عجب في ذلك.
عباد الله: أرأيتم كيف احتفظ الإسلام لشهر رجب بمكانته، وكيف أضفى عليها جلالا وبهاء، فهلاّ طهّرنا فيه القلوب وصفّينا فيه النفوس وأخلصنا لله -عز وجل- في أيامه المباركة وتنافَسنا فيه على الطاعات وألوان البر وأكثرْنا فيه من صيام التطوُّع، لأن الصيام فيه -وفي غيره من الأشهر الحرم- مستحب، فقد وُرِدَ أن رجلا من باهِلةٍ أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أنا الذي جئتك عام الأول، فقال: فما غيّرَك وقد كنتَ حسنَ الهيئة؟ قال: ما أكلتُ طعاما إلا بليل منذ فارقتُك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لِمَ عذَّبتَ نفسك؟ ثم قال: صُم شهر الصبر ويوما من كل شهر" قال: "زدني فإن بي قوةً" قال: "صم يومين" قال: "زدني" قال: "صم من الحُرُم واترك" هذا ولا يخفى ما أعده الله -عز وجل- من الأجر للصائمين، فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يصوم عبدٌ يوما في سبيل الله إلا باعد الله -بذلك اليوم- النار عن وجهه سبعين خريفا".
*عباد الله* : كان أهل الجاهلية يخُصّون شهر رجب بالذبائح لأصنامهم وآلهتهم التي كانوا يعبدونها من دون الله، ومنها الذبيحة المسمّاة بالعتيرة، ويسميها الناس الرَّجَبية لأنهم يذبحونها لآلهتهم في رجب، فلما جاء الإسلام أبطَلَ ذلك ونهى عنه، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا فَرْعَ ولا عتيرةَ"، قال الحسن البصري -رحمه الله- "ليس في الإسلام عتيرةٌ" إنما كانت العتيرة في الجاهلية كان أحدهم يصوم رجبَ ويعتر فيه.
*عباد الله* : لم يصح في فضل الصوم في رجب بخصوصه شيءٌ عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه وإنما يشرع فيه من الصيام ما يشرع في غيره من الشهور من صيام الاثنين والخميس والأيام البِيضِ وصيام يومٍ وإفطار يومِ، ورُوي عن عمر -رضي الله عنه- "أنه كان يضرب أَكُفَّ الرّجال في صوم رجب حتى يضعوها في الطعام، ويقول: ما رجب؟ إن رجبا كان يُعظمه أهل الجاهلية، فلما كان الإسلام تُرك". وعن أبي بكرة -رضي الله عنه- أنه رأى أهلَه يتهيّئون لصيام رجبٍ فقال لهم: "أجعلتم رجبَ كرمضانَ؟ وألقَى السُّلال وكَسرُ الكِيزان". أما صلاة الرغائب فهي صلاة مُخترعةٌ في أول ليلةِ جُمعة من رجبٍ، قال ابن رجب: "لم يصح في شهر رجب صلاة مخصوصة تختص به والأحاديثُ المرويةُ في فضل صلاة الرغائب في أول ليلةِ جُمعة من شهر رجب، كذبٌ وباطل لا تصح".
*عباد الله* : إن الواجب في مثل هذه الأشهر الحُرُم: تركُ ظلم النفس فيهن بترك المُحَرّمات، وتجنّبُ المنهيّات، والاستزادةُ من فعل الخيرات والانكباب على الطاعات، وعبادة الله بدون ذِكْرِ فضيلةٍ لعمل مُعَيّن بدون دليل، فعبادة الله تعالى في كل زمان ومكان، وتزيد في ما خصّه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عن غيره من الشهور، ويجب على الإنسان أن يبتعد عن ظلمةٍ لنفسه والإساءة إلى شخصه بمعصيته لخالقه، وخاصةً ما يتساهل فيه بعض الناس من صغائر الذنوب ومُحقرات المعاصي، وعن أنس -رضي الله عنه- قال: إنكم لتعملون أعمالا هي أَدَقُّ في أعينكم من الشَّعْر، إن كنا نعدّها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم الموبقات، قال أبو عبد الله يعني بذلك المهلكات.
*عباد الله* : وإذا كانت الطاعة واجبة في كل الأوقات، فإن الطاعة في الأشهر الحُرُم تكون أوجبَ وبالتالي، فإن الطاعات فيها يتضاعف أجرُها، وإذا كانت المعاصي والآثام محرمةً في كل وقت، فإن العقوبة تتضاعف عندما يحدث ذلك في الأشهر الحُرُم، وكذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا، هكذا أقام الإسلام موازين العدالة ونَصَبَ مشاعِلَ الهداية ودعمَ أركان الإسلام في كل مكان، ولو طبقت تعاليمُه لعاشَ الناسُ جميعا أخوةً متحابِّين مُتعاطفين مُتراحمين غير مُتزاحمين ولا مُتكالبين ولا مُتنافسين، لا تفرقهم الدنيا ولا ينزع بينهم الشيطان.
*عباد الله* : عظِّموا شرع الله وعظِّموا دينَه وتمسّكوا به لعلكم تُفلحون، قال أبو هريرة -رضي الله عنه- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن فيمن قبلكم رجُلين كان أحدهما صالحا وكان الآخر مُسيئا، فكان الرجل الصالح يأمر هذا وينهاه، فلما طال الأمد قال: واللهِ لا يغفرُ الله لك، فَقَبَضَهما اللهُ فأَوْقف هذا بين يديه، وقال: من يَتأَلّى عليَّ أن لا أغفرُ لفلانٍ قد غفرتُ له وأَحْبَطتُ عملَك.
*عباد الله:* واتقوا الله، واعلموا أنّ دينَ الإسلام دِينُ الحنيف، واحفظوا دينَكم، ولْتسألوا عن دِينِكم أهلَ العلمِ كيْ تنالوا من الله أجراً قال تعالى: ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)).
اللهم جنبنا الآثام والابتداع، وأحينا على السنة والاتباع، وتوفّنا على ذلك وأنت راضٍ عنّا، اللهم أصلح قلوبنا وأعمالنا.
اللهم اغفرلنا ولأهلينا وجميع المؤمنين أحياء وأمواتا، وأصلح ولاتنا ونُوّابَهم وجُندَنا، ووفقهم لك خير، إنك سميع الدعاء.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
أقيموا الصلاة يرحمكم الرحمن...
بقلم// *رضوان الله عبد الغني أديوالى الأدبي*