تحليل قصيدة البردة للبوصيري
#قصيدة_البردة:
مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم في موقع باك نت.baknit الموقع التعليمي المتميز والمتفوق بمنهجية الإجابة الصحيحة والنموذجية من مرحلة التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي bac 2023 كما يسرنا بزيارتكم أن نقدم أهم المعلومات والحلول وأفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية 2022 2023 وكما عودناكم أعزائي الزوار في صفحة موقع باك نت أن نطرح لكم ما تبحثون عنه وهو ......تحليل قصيدة البردة للبوصيري
. وتكون الإجابة على سؤالكم هي على النحو التالي
قصيدة البُردة لشرف الدين البوصيري أجل قصيدة في مدح النبي ﷺ ولا مفنِّد.
حسبك أنك لا تجد قصيدة غيرها في معناها ومحتواها احتفى بها العلماء شرحا لمقاصدها ومعانيها، وتفسيرا لغريب ألفاظها ومبانيها كما احتفَوْا بالبردة.
وهي من أجلِّ ما نَظَمَ الشعراء في مدح النبيِّ ﷺ، لعظمة ما اشتملت عليه من البلاغة الساحرة للألباب، وبراعة النظم في انتظام درر السيرة بأرقِّ الكلمات العِذاب.
ومن حيث محتواها فلا شكَّ أنَّها أفضل من قصائد ابن الفارض والشُشْتري على رقَّتها، فضلا عن أشعار صاحب ترجمان الأشواق، لخلوِّ البردة من وجوه الغلوِّ في الإطراء الذي نهى عنه النبي ﷺ، ومن التحليق في بيداء الفناء ومُوهِم العبارات المبْطِنة لعقيدة وحدة الوجود والحلول والاتِّحاد.. وإنما ضمَّنها صاحبها من العواطف أصدقها، ومن أخبار السيرة والشمائل المحمدية أشهرها، مما تداولته كتب السيرة من التعريف بما لرسول الله ﷺ من المكارم والفضائل، وجميل الخصال والشمائل، وباهر العلامات والدلائل. فكأنَّك تقرأ للقاضي عياض في كتابه الشفا في التعريف بحقوق المصطفى، ما نثره في كتابه نثرا منثورا، نظمه البوصيري شعرا منشورا.
ولهذا تبارى العلماء في شرحها لما حوته من الألفاظ المستغرَبة، والبلاغة المُعجِبة، وتداولها المُنْشدون بالألحان المُطْرِبة في جميع أقطار المعمورة.
حتى قال الأستاذ الدكتور زكي مبارك، وصَدَق: «البوصيري بهذه البردة هو الأستاذ الأعظم لجماهير المسلمين، ولقصيدته أثر في تعليمهم الأدب والتاريخ والأخلاق، فعن البردة تلّقى الناس طوائف من الألفاظ والتعابير غنيت بها لغة التخاطب، وعن البردة عرفوا أبوابًا من السيرة النبوية، وعن البردة تلّقوا أبلغ درس في كرم الشمائل والخلال. وليس من القليل أن تنفذ هذه القصيدة بسحرها الأخاذ إلى مختلف الأقطار الإسلامية، وأن يكون الحرص على تلاوتها وحفظها من وسائل التقرب إلى الله والرسول».
وقد شرحها جمع من أئمة العربية وعلماء الشريعة منهم:
- حافظ الجزائر وفقيهها محمد بن أحمد بن مرزوق التلمساني الجزائري المتوفى سنة 842 هـ. وله في ذلك ثلاثة شروح وهي:
(إظهار صدق المودّة في شرح البردة)، وهو أكبر شروحه على البردة، قال عنه محمد المقري في نفح الطيب: «واستوفى فيه غاية الاستيفاء، وضمَّنه سبعة فنون في كل بيت».
وله: الشرح الأوسط والشرح الأصغر المسمى: (الاستيعاب لما في البردة من البيان والبديع والمعاني والإعراب).
- ابن هشام الحنبلي إمام النحو المتوفى سنة 761.
- شرح العلامة ابن خلدون.
- شرح علي بن ثابت بن سعيد القرشي الجزائري المتوفى 829.
- شرح أحمد بن الحاج اليبدري التلمساني شيخ ابن مريم التلمساني وتلميذ ابن زكري.
- شرح عبد الرحمن ابن مقلاش الوهراني، وهو من علماء القرن الثامن، وله فتاوى في المعيار، وله ثلاثة شروح كبير وصغير ووسط، وهذا الأوسط مطبوع في مجلدين.
- شرح عبد الرحمن الغبريني البجائي.
- شرح ابن جزي المالكي الغرناطي
- شرح سعيد العقباني الأندلسي التلمساني.
- شرح علي القلصداي الأندلسي
- شرح ابن القصار التونسي
- ابن الصائغ: المتوفى سنة 776 هـ.
- بدر الدين الزركشي المتوفى سنة 794 هـ. وهو مطبوع في مجلد.
- جلال الدين المحلي: المتوفى سنة 864 هـ وهو مؤلف النصف الآخر من (تفسير الجلالين)، والذي أتمَّه جلال الدين السيوطي بعده ففسَّر النصف الأوَّل.
- خالد الأزهري، شيخ العربية المتوفى سنة 905 هـ.
- شهاب الدين القسطلاني (حافظ فقه مصري وأصله من مدينة قسطلة شرقي تبسة بالجزائر)، تُوُفِّي سنة 923 هـ، وسمَّى شرحه على البردة الأنوار المُضية في شرح الكواكب الدُرية.
- زكريا الأنصاري: المتوفى سنة 926هـ وسماهُ الزبدة الرائقة في شرح البردة الفائقة.
- ابن حجر الهيتمي المكِّي إمام الشافعية في زمانه، المتوفى سنة 974 هـ وسمَّى شرحه: (العمدة في شرح البردة).
- محمد علي بن علاَّن الصدّيقي المكي، المتوفى عام 1057، وسماه الذخر والعدة في شرح البردة.
- ابن العماد الحنبلي المتوفى سنة 1089 هـ.
وغيرهم كثير...
وشرحها آخرون من شيوخ الضلالة وعُباد الأضرحة والقبور، مثل شرح الخربوتي وداود بن سليمان بن جرجيس العراقي، ونحوهما، فأفسدوا البردة بما نحَّلوها من تأويلاتهم المائدة، وتفسيراتهم الفاسدة، فكان ذلك سببا في طعْن مَن طعَن فيها من
الشيوخ المتأخرين مثل محمد بن عبد الوهاب التميمي في تفسيره لسورة الفاتجة ومحمد بن علي الشوكاني في رسالته في التوحيد، وتبعهما أحفاد الشيخ ابن عبد الوهاب.. ودرج على ذلك أتباعهم إلى زماننا، وكان ذلك حاجبًا لمن قنع برأيهم في هذه البردة عن رؤية محاسنها لدى كثير من الناس، لسوء ظنِّهم بها، بسبب أولئك الشراح المنحرفين وما افترَوه على الشاعر من سيِّء المقاصد، ولحسن ظنهم فيمن انتقدها من المشايخ المذكورين بحسب ما فهموه من تأويل شُرَّاحها المنحرفين عن الجادَّة.
مع أنَّ العلماء تداولوها في حياة الشاعر واشتهر شأنها، وطار في طبقات الناس خبرها، فكانت معلومة الحال لدى أهل العلم منذ ذلك الحين إلى يومنا هذا، فما تعرَّض لها بالنقض والطعن فيها أحد من مشايخ الإسلام ممن عاصروا الشاعر أو كانوا بعده مثل ابن تيمية وابن القيم وأصحابهما، ممن أخذ عن الشاعر مثل ابن حيان وابن سيد الناس، وهما قد أثنيا عليها خيرا، ومثل ابن رجب الذي رواها عن الصفدي عن ابن حيان، ضمن مروياته عنه، بل أطبقت كلمة الشراح على استحسانها واستملاحها.. قرنا بعد قرن، حتى جاء ابن عبد الوهاب فكان أوَّل مَن فسَّرها على غير وجهها، وحمل بعض أبياتها على أسوء المحامل في تأويلها، وشاع ذلك في أتباعه.. ودرج على ذلك المقلِّدون من أتباعهم المتعصِّبون لهم..
وناظم البردة هو الشاعر الرقيق محمَّد بن سعيد بن حمَّاد بن محسن بن عبد الله ابن حياني بن صنهاج بن ملال الصنهاجي شرف الدين أبو عبد الله.
هكذا ساق نسبه خليل الصفدي في تاريخه الوافي بالوفيات (90/3)، وقال:
«كان أحد أبَوَيْه من (بوصير) والآخر من (دُلاص) فركب له نسبة منهما وقال الدلاصيري، ولكن اشتهر بالبوصيري».
قلت:
بل الحروف الأولى (دل) من (دلاصيري) نسبة إلى مدينة (دلَّس) بالجزائر، وكان يقال لها (تادلس)، وهي موطن والده وآبائه، ثمَّ البوصيري نسبة إلى قرية بوصير بمصر، التي نشأ بها، فهذا وجه الجمع بينهما.
وهو جزائري أصيل من قبيلة صنهاجة البربرية، ومنهم الحماديون الزيريِّون، الذين حكموا الجزائر في أعقاب دولة العُبيديين، ما بين بداية القرن الرابع وبداية السادس الهجريين، وكانت عاصمتهم مدينةَ بجاية الناصرية. فولد الشاعر سنة 608 هـ بنواحي مدينة دلَّس، أتى به والده إلى مصر، فنشأ بمدينة بوصير وهي قريبة من دلاص بمصر، فظنَّ من ظنَّ أنَّه ولد بقرية (دُلاص) المصرية، لشبهها باسم (دلَّس) الجزائرية، وهي مدينة على ساحل البحر بين بجاية والجزائر، يسكنها قوم من البربر من قبيلة صنهاجة، وكانت تحت سلطة الحماديين الزيريين. ويحصُل هٰذا الوهم كثيرًا للمشارقة للجهل بمدن المغاربة، هٰذا مع ذكرهم أنَّ والد الشاعر أتى به إلى مصر من أرض الحمَّاديين!
فنشأ بمصر وحفظ القرآن في صغره، ثم تلقَّى العلم على كبار شيوخ ذلك العصر.
ثم أخذ عنه كبار العلماء، مثل إمام العربية والقراءات والحديث والتفسير أبي حيان أثير الدين محمد بن يوسف بن حيان النفزي الغرناطي، أبو العباس المرسي، وهو إمام العربية في زمانه غير مدافع، وصاحب العلوِّ في إسناد دواوين الحديث والقراءات، وهو أندلسي غرناطي سكن مصر واستقر فيها بعدما جاب أرض الجزائر وتونس والحجاز والحبشة والفرس واليمن والشام والعراق... وأصله من قببلة نفزاوة البربرية، ومواطنهم في أرض الجزائر بنواحي تبسة وخنشلة.
ومن العلماء الآخذين عن البوصيري الحافظ فتح الدين أبو الفتح محمد بن محمد ابن سيِّد الناس اليعمُري الأندلسي الإشبيلي.
وقد أثنى تلن حيان وابن سيد الناس على شعر البوصيري عموما، وعلى قصيدتَيه البردة الميمية والهمزية..
وقال الصفدي الوافي بالوفيات (93/3):
«وشعره في غاية الْحسن واللطافة عذب الألفاظ، منسجم التَّركيب، كان الشيخ فتح الدين (ابن سيِّد الناس) يَقُول: هُوَ أحسن من شعر الجزار والوراق».
قال:
«وروى عَنهُ الشَّيْخ أثير الدّين (ابن حيان) فَحِينَئِذٍ لي رِوَايَة جَمِيع شعره عَن أثير الدّين عَنهُ.
وقال الشيخ أثير الدين كان البوصيري شيخا مختصر الجرم وكان فيه كرم. قلت وأظن وفاته كَانَت في سنة سِتٍّ وتسعين أَو سبع وتسعين وستِّ مائة أو ما حولهما، وللبوصيري في مديح النَّبي ﷺ قصائد طنَّانة منها قصيدة مهموزة.. وقصيدته المشهورة بالبردة».
#سبب_نظم_البردة_وتسميتها:
قال الصفدي في الوافي بالوفيات (93/3-94):
«قَالَ البصيري كنت قد نظمت قصائد في مدح رسول الله ﷺ منها ما كان اقترحه عليَّ الصاحب زين الدين يعقوب بن الزبير، ثمَّ اتَّفق بعد ذلك أنَّه أصابني فالج أبطل نصفي ففكرت في عمل قصيدتي هذه البردة فعملتها واستشفعت به [أي بهذا العمل] إِلى الله عزَّ وجل في أن يُعافيني، وكرَّرت إنشادها وبكيت ودعوت وتوسَّلت به، ونمت، فرأيت النَّبيَّ ﷺ فمسح على وجهي بيده الكريمة، وألقى عليَّ بُردةً، فانتبهت، وَوجدت فيَّ نهضة، فخرجت من بيتي ولم أكن أعْلمت بذلك أحدا، فلقيَني بعض الفقراء، فقال: أريد أن تُعْطيني القصيدة التي مدحت بها رسول الله ﷺ، فقلت: أيُّها؟ فقال: التي أنشأتها في مرضك، وذَكَر أوَّلها وقال: والله لقد سمعنا البارحة وهي تُنشد بين يدي رسول الله ﷺ، ورأيته ﷺ يتمايل وأعجبته، وألقى على من أنْشدها بُردة. فأعطيته إِيَّاها. وذكر الفقير ذلك، فشاع المنام إلى أن اتَّصل بالصاحب بهاء الدين وزير الظاهر فبعث إليَّ واستنسخها، ونذر أن لا يسمعها إلَّا قائما حافيا، مكشوف الرأس، وكان يحبُّ سماعها هو وأهل بيته، ثمَّ إنَّه بعد ذلك أدرك سعدَ الدين الفارقي الموقِّع رمَدٌ، أشرف منه على العَمَى، فرأى في المنام قائلاً يقول له: اذهب إلى الصاحب، وخذ البردة واجعلها على عينيك تُعافى بإذن الله تعالى. فأتى الصاحبَ وذكر منامه، فقال: ما أعرف عندي من أثر النبيِّ ﷺ بُردة! ثمَّ فكَّر ساعة، وقال: لعلَّ المراد قصيدة البردة. يا ياقوت قل للخادم يفتح صندوق الآثار ويخرج القصيدة من حق العنبر، ويأت بها. فأتى بها، فأخذها سعد الدين ووضعها على عينيه فعُوفِيَتا. ومِن ثَمَّ سُمِّيت البردة».
قلت: هذه رؤيا منام، وهي من المبشِّرات التي - وإن لم تفد حُكما شرعيا - يثبت بمثلها الفأل الحسن.
وقد كتب الله لهذا الشاعر وقصيدته (البردة)، أن تكون أعظم وأشهر وأشرف قصيدة اعتنى بها المسلمون في جميع أصقاع العالم مَشرقا ومغربا.
ولم يزل الأمر كذلك حتى تناولها بعض المخرِّفين فدسَّ فيها ما ليس منها بما يشينها من الغلو والإطراء الذي نهى عنه النبي ﷺ، وحذَّر منه الشاعر نفسه حيث قال في قصيدته:
دَعْ مَا ادَّعَـتْهُ النَّصَــارَى في نَبِيِّـــهِمُ * وَاحْكُمْ بِمَا شِئْتَ مَدْحًا فِيهِ وَاحْـتَكِمِ
وَانْسُبْ إِلَى ذَاتِهِ مَا شِئْتَ مِنْ شَرَفٍ * وَانْسُبْ إِلَى قَدْرِهِ مَا شِئْتَ مِنْ عِظَمِ
وسأبين ذلك إن شاء الله في مقال لاحق.
يُتبع.../...