. هل العادة وليدة التكرار أم وليدة عوامل نفسية واجتماعية مقال العادة و التكرار
الدراسات والتخصصات لحاملي شهادة البكالوريا 2022 للتسجيل في الجامعات والكليات الجزائرية
أهلاً بكم زوارنا الكرام في موقعنا باك نت baknit.net يسرنا بزيارتكم أن نقدم أهم المعلومات والاجابات الصحيحة في شتى المجالات التعليمية والثقافية والاخبارية كما نقدم لكم الأن أعزائي الزوار طلاب وطالبات البكالوريا 2022 2023 الجزائر أهم المعلومات والاجابات حول التخصصات والتسجيلات الجامعية وماتتطلبها كما نقدم أهم المعلومات عن....
هل العادة وليدة التكرار أم وليدة عوامل نفسية واجتماعية مقال العادة و التكرار
.
الإجابة هي كالتالي
هل العادة وليدة التكرار أم وليدة عوامل نفسية واجتماعية مقال العادة و التكرار
الإجابة هي
هل العادة وليدة التكرار أم وليدة عوامل نفسية واجتماعية
هل العادة سلوك آلي مرتبط بالجسم أم أنها فاعلية نفسية واجتماعية ؟
طرح المشكلة :
يسعى الإنسان إلى التكيف مع العالم الخارجي وكشف غموضه باستخدام مجموعة من الآليات والوسائل ، ومن بين هذه الآليات نذكر على سبيل المثال لا الحصر العادة والإرادة ، فالعادة من حيث مفهومها تعني أنها قدرة مكتسبة على أداء فعل ما مع السرعة والدقة والاقتصاد في الجهد ، ولقد طرح موضوع العادة جدلا واسعا بين الفلاسفة والمفكرين ، حيث ذهب البعض إلى اعتبار العادة هي اعتياد وتكرار آلي مرتبط بالجسم ، في حين ذهب البعض الآخر إلى اعتبار أن أساس تكوين العادات مرتبط بعوامل نفسية واجتماعية ، وبين هذا وذاك وجب طرح التساؤل التالي : هل التكرار وحده كاف لاكتساب العادات أم أن هناك عوامل أخرى تتحكم في ذلك ؟
محاولة حل المشكلة :
الموقف الأول : يرى العديد من الفلاسفة والمفكرين وعلى رأسهم " ارسطو ، ماك دوغال ، بافلوف ، واحسن ، ثورندايك " أن السلوك التعودي لا يمكن أن يترسخ إلا إذا داومنا على تكراره ، فالتكرار هو العامل الرئيسي في تكوين العادات ، فالفعل لا يصبح عادة إلا إذا قمنا بتكراره عدة مرات ، فالعازف لا يكتسب مهارة العزف على الكمان إلا من خلال تكرار العزف عدة مرات حتى يصبح عملية آلية ، يقول " ارسطو " : « العادة وليدة التكرار » ، وحسب هؤلاء أنه لكي تتم عملية اكتساب الفعل التعودي بنجاح لابد من تقسيمه إلى أجزاء وتكرار كل جزء على حدى ، وهذا مثل ما يحدث عند تعودنا على مهارة السباحة ، فلكي نتعود على السباحة كرياضة لابد من تقسيم هذه المهارة إلى أجزاء ومراحل ( التعود على عدم الخوف من الماء ، تعلم غطس الرأس في الماء...الخ ) ، كما ذهب الفيلسوف الفرنسي وابو الفلسفة الحديثة " رونيه ديكارت " إلى إعتبار أن السلوك التعودي الذي يقوم على التكرار يترك أثرا ماديا على مستوى الجهاز العصبي ، وهذا الأثر المادي يسهل علينا اكتساب العادات وتكرارها من جديد ، وقد اعتقد ديكارت أن العادة شبيهة بالطية أو الثنية ، فالثنية التي قمنا بطيها على الورقة تسهل علينا طيها من جديد ، وهذا لأنها تركت ما يدل عليها ، وبالتالي فالعادة تترك في الدماغ آثارا مادية تسهل علينا تكرارها من جديد ، وهذا ما أكده " ماك دوغال " في قوله : « إن العادة ليست سوى مجموعة منظمة من الآثار المترابطة في الجهاز العصبي » ، كما ذهب أيضا " بافلوف " إلى إعتبار أن سلوك الإنسان هو استجابة آلية لمنبهات خارجية نتيجة التكرار ، وقد أثبت ذلك من خلال تجارب المنعكس الشرطي ، إذ لاحظ أن الكلب يسيل لعابه لمجرد رؤية الخادم ، فقام بالتجربة التي تمثلت في الإقتران بين المثير الطبيعي ( اللحم المجفف ) والمثير الإصطناعي ( صوت الجرس ) لعدة مرات ، ثم قام بإزالة المثير الطبيعي والإبقاء على المثير الإصطناعي ( صوت الجرس ) فحدثت نفس الإستجابة وهي سيلان اللعاب ، أما زعيم المدرسة السلوكية " واطسن " قام بتجربة المنعكس الشرطي على الإنسان من خلال التجربة على " آلبرت الصغير " التي أثبت خلالها أن الخوف ليس فطري في الإنسان بل يحدث بسبب التكرار ، حيث قام بإحضار فأر أبيض ولاحظ أنه - أي الطفل - لم يكن خائفا منه ، بعد ذلك قام بعملية الإقتران بمساعدة خادمته " راينر " ، حيث أحضر الفأر الأبيض للصبي ( المثير الطبيعي ) وقاما بقرع القضيب الحديدي ( المثير الشرطي ) في نفس الوقت الذي يخرج فيه الفأر ، فبكى الطفل من الخوف ، وقد تم تكرار العملية لعدة مرات ، وأخيرا قاما بإحضار الفأر الأبيض بمفرده بدون المثير الشرطي فظهر الخوف على الصبي ، ومن ثم أظهرت التجربة كيف أن المشاعر قد تصبح ردود أفعال مشروطة نتيجة التكرار . في حين ذهب " ثورندايك " إلى اعتبار أن الإنسان يتعلم من خلال المحاولة والخطأ ، فالإنسان أثناء تعلمه لسلوك معين بعد تكراره عدة مرات فإنه يبقي على المحاولات الصحيحة ويتخلص من الخاطئة ، وقد وضع ثورندايك قط جائع داخل قفص حديدي مغلق له باب يفتح ويغلق بواسطة سقافة ، ثم وضع خارج القفص طعام بحيث إذا نجح في الخروج يحصل على الطعام ، ولاحظ أن محاولات القط الأولى كانت عشوائية وبعد تكرار التجربة أصبحت عملية خروج القط تتم بسهولة وسرعة نتيجة لاستبعاد المحاولات الخاطئة .
نقد وتقييم :
صحيح أن التكرار يلعب دور كبير في تكوين العادات ، لكن هؤلاء نظروا إلى الإنسان وإلى الكائن الحي بصفة عامة نظرة آلية وهو ما يجرد الإنسان من إنسانيته ، فاعتبار الإنسان مجرد آلة تكرر مجموعة من الحركات فيه مساس بكرامة الإنسان وطابعه القيمي ككائن عاقل وواعي ، ثم أين الشعور والإنتباه ؟ حيث يستحيل تعلم سلوك دون تدخل الوعي ودون تدخل العوامل النفسية كالرغبة والإرادة مثلا ، ولعل هذا ما جعل بعض المفكرين يرون أن أساس تكوين العادات مرده إلى عوامل نفسية وعقلية وإجتماعية .
الموقف الثاني :
من جهة أخرى يرى العديد من الفلاسفة والمفكرين وعلى رأسهم " فون درفلت ، كوهلر ، دولاكروا ، دوركايم " إلى اعتبار أن العادات مرتبطة بالاستعدادات الذهني الذهنية والفعاليات النفسية ، فالعادة لا يمكن اكتسابها إلا إذا كان العقل حاضرا مع وظائفه العليا من إدراك وذاكرة وذكاء...الخ ، حيث يؤكد " فون درفلت " إلى إعتبار أن العادة ليست مجرد تكرار لحركات سابقة و إنما هي تجديد وتطور دائم ، ومثال ذلك أن الطفل أثناء تعلمه الكتابة لا يكتب بنفس الطريقة ، ففي كل مرة يعدل من خطه حتى يصبح أكثر سلامة ووضوحا ، حيث يؤكد ذلك في قوله : « إن الحركة الجديدة ليست مجرد تجمع حركات قديمة إنها تحذف الحركات غير المجدية والزائدة » ، كما أكدت المدرسة الجشتالطية بزعامة " كوهلر " على أن تعلم السلوك لا يكون عن طريق تجزيئه وتكراره وإنما يكون عن طريق فهمه فهما كليا " نظرية الإستبصار " ، فتعلم كتابة مقال فلسفي لا يحتاج إلى تكرار وإنما يحتاج إلى فهم آليات كتابة المقال الفلسفي ، وهذا ما أثبته كوهلر من خلال تجربته على الفرد والصناديق ، حيث وضع قرد داخل غرفة ، ووضع موزة على السقف بحيث لا يمكن الوصول إليها مباشرة ، وفي ركن الغرفة وضع ثلاثة صناديق ، فأخذ الشامبانزي ينظر إلى الفاكهة ويحاول الوصول إليها بمد يديه للوثب ولكنه فشل ، ثم أخذ ينظر من ركن إلى آخر في حيرة ، وأخيرا لاحظ الصناديق فنظر إليها ونظر إلى الموزة فوقه فأدرك كيفية الوصول إلى الهدف ، وذلك من خلال الاستعانة بالصناديق ، كما قام " كوهلر " بتجربة القرد والعصاتين الطويلة والقصيرة ، فحاول القرد عدة مرات للوصول إلى الموزة المعلقة في السقف ، حيث تلصق العصا القصيرة بالطويلة مثل لعبة التركيب ، ولكن محاولات القرد في البداية كانت فاشلة ، ولكن مع مرور الوقت حاول القرد تركيب العصاتين إلى أن وجد فجوة فادخلهما في بعض ومد العصا إلى الموزة وحصل عليها ، حيث وصل القرد إلى الإستبصار وهو بمعنى أن يصل الكائن الحي لنتيجة مرضية ، كما أن العادات تحتاج في تكوينها إلى الإهتمام والرغبة ، فالإهتمام والميل نحو شيء ما يسهل التعود عليه ويخلق فينا الإرادة القوية ، فالعازف لو لم يكن يملك الإرادة لما اكتسب عادة العزف ، يقول " دولاكروا " : « إن الإنتباه وإرادة التعلم وكيفية تصور العمل كل ذلك يؤثر في تكوين العادات » ، كما أن هناك العوامل الإجتماعية التي لها دور كبير في تكوين العادات ، فنحن نكتسب من المجتمع اللغة ونكتسب منه العادات والعرف والتقاليد ، فالمجتمع يجعلنا خاضعين لنظام محدد تمليه علينا الجماعة ، وهذا ما أكده" دوركايم " في قوله : « حينما يتكلم الضمير فينا فإن المجتمع هو الذي يتكلم » .
نقد وتقييم :
صحيح أن العادات في تكوينها تتطلب حضور الوعي والاهتمام والرغبة والى عوامل اجتماعية ، إلا أن هذا الطرح بالغ في اقصاءه وإنكاره لدور التكرار ، فتوفر هذه العوامل في ظل غياب التكرار لن يؤدي إلى اكتساب الفعل التعودي مثل تعلم السياقة ، وبالتالي فالواقع يثبت دور التكرار في ترسيخ أفعالنا وسلوكاتنا .
تركيب :
من خلال ما سبق ذكره يمكننا القول بأن العادة سلوك يكتسب بالتكرار وليس سلوكا لاشعوريا بل سلوك يخضع إلى العقل الذي يراقبه وينظمه ويعدله كلما إقتضت الضرورة إلى ذلك ، وكذلك فإن العادة تبنى عن طريق محصلة من الرغبة والإرادة لتعطيها دفعة نحو تحقيقها وبلورتها إلى جملة من السلوكات التي تهدف إلى التكيف مع العالم الخارجي ، وهذا ما أكده " بول غيوم " في قوله : « إن علم النفس لا يجد صعوبة في استخلاص شرطين في تكوين العادات وهما : من جهة مرات تكرار الفعل ومن جهة أخرى الإهتمام الذي يوليه الشخص لفشله وإنجاحه » .
حل المشكلة :
في الأخير يمكننا القول أن التكرار دور كبير في تكوين العادات واكتساب السلوك التعودي ، لكنه لوحده غير كاف فلابد من حضور العقل والفاعليات النفسية والعقلية والإجتماعية ، فالعادة ليست سلوك آلي محض بل سلوك خاضع للعقل الذي يراقبه ويعدله على حسب الضرورة ، ومن هنا فالعادة هي محصلة للعوامل النفسية والإجتماعية والعوامل الآلية ( التكرار ) .