0 تصويتات
في تصنيف ثقافة وعلوم اسلامية بواسطة (627ألف نقاط)

خطبة عن العاشر من محرم دروس وعبر 1445هـ 

مرحباً بكم متابعينا الأعزاء في موقع باك نت يسرنا بزيارتكم أن نقدم لكم خطبة الجمعة مكتوبة ومختصرة بعنوان العاشر من محرم دروس وعبر 1445هـ 

وهي كالتالي 

خـطـبـةجـمـعــة بعـنـوان

العاشـر من مـحـرم.دروس وعــبرة

    الخطبـــة الاولـــى

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، 

الحمد لله الذي خلق الأرض والسموات ،

 الحمد لله الذي علم العثرات ،

 فسترها على أهلها وانزل الرحمات ،

 ثم غفرها لهم ومحا السيئات ،

 فله الحمد ملئ خزائن البركات ، 

وله الحمد ما تتابعت بالقلب النبضات .

وأشهد أن لا إله إلا الله لا مفرج للكربات إلا هو ، ولا مقيل للعثرات إلا هو ، 

ولا مدبر للملكوت إلا هو ،

 ولا سامع للأصوات إلا هو ، 

ما نزل غيث إلا بمداد حكمته ،

 وما انتصر دين إلا بمداد عزته ،

 وما اقشعرت القلوب إلا من عظمته ،

 وما سقط حجر من جبل إلا من خشيته 

وأشهد أن محمداً عبده ورسوله قام في خدمته ، وقضى نحبه في الدعوة لعبادته ، واقام اعوجاج الخلق بشريعته ، وعاش للتوحيد ففاز بخلته ، وصبر على دعوته فارتوى من نهر محبته ، ...

 صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجه واستن بسنته وسلم تسليمًا كثيرا إلى يوم الدين ...

 

 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]

 (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1] ؛ 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:70-71]،...

 أمــا بعــد : عبــــاد الله :-

لقد جعل الله الأحداث والوقائع والمناسبات وتاريخ الأمم والشعوب والأفراد وسيلة من وسائل التربية والتقويم وتصحيح المسار وأخذ العبرة والعظة للأفراد والأمم والشعوب التي تأتي بعدهم ليقيم الحجة على عباده ..

قال تعالى (قدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِينَ [أل عمران 137] ...

 وقال سبحانه (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [الروم 9] ..

 وقال عز من قائل (كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ ) (الدخان25-28) ..

وقال شعيب عليه السلام لقومه مذكراً لهم حتى يرتدعوا عن طغيانهم ويستسلموا للحق الذي جاءهم من ربهم: (وَيَا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ) [هود: 89]،

فذكرهم بمصارع الماضين وبسنة الله في الغابرين، وكأنه يقول لهم: العاقل من وعظ بغيره ولقد كان لكم في مَنْ مضى عبرة لو كنتم معتبرين، فسنن الله تعالى لا تعرف المحاباة فمن يشاقق الرسل من بعد ما تبين له الهدى مصيره مصير من سبقه من الماضين، ولن تجد لسنة الله تبديلاً .

والمتأمل في سير الأمم السابقة وأخبار الماضين يتبين ذلك جلياً...

 وأمر سبحانه وتعالى بتذكر وتدبر أحداث الأمم والشعوب والأفراد فقال ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآياتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) (إبراهيم:5)..

 والمقصود هنا بتعبير‏ (‏ أيام الله‏)‏ هي الأحداث الكبرى في حياة الناس بما فيها من النعم والنقم‏ ..

 والعاشر من شهر محرم من أيام الله العظيمة والتي ينبغي للمسلمين أن يأخذوا الدروس والعبر من أحداثه .. 

فقد قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم عاشوراء فقال : " ما هذا ؟ قالوا : هذا يوم صالح ، هذا يوم نجَى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى ، قال : فأنا أحق بموسى منكم ، فصامه وأمر بصيامه" . [ رواه البخاري 1865 ] ...

ولماذا نحن أحق بموسى عليه السلام ؟

 لأننا أمة من صميم عقيدتها أنها تؤمن بالله وتؤمن بجميع رسله ..

 قال تعالى (آمَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبّهِ وَٱلْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ ءامَنَ بِٱللَّهِ وَمَلَـئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مّن رُّسُلِهِ [البقرة:285] ... 

وإن صيام هذا اليوم له فضل عظيم عند الله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم يوم عاشوراء ، وهذا الشهر يعنى شهر رمضان" . [رواه البخاري 1867] ..

 ومعنى يتحرى أي : يقصد صومه لتحصيل ثوابه . وقال صلى الله عليه وسلم : " صيام يوم عاشوراء ، إني احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله" [رواه مسلم 1976] ... 

وإن من السنة في صيام هذا اليوم أن يصوم المرء يوماً قبله ليخالف اليهود...

أيها المؤمنون / عبــاد الله :

يقول سبحانه وتعالى ( إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ [القصص:2-4]...

 ففي مثل هذه الأيام من شهر محرم نجى الله موسى عليه السلام وقومه من فرعون وجنوده بعد حياة طويلة عاشوا فيها الظلم والاستعباد والحرمان بكل صوره فمن كان يظن أن فرعون الذي كان يقول في تكبر وتجبر ( يٰأَيُّهَا ٱلْملاَ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِى فَأَوْقِدْ لِى يٰهَـٰمَـٰنُ عَلَى ٱلطّينِ فَٱجْعَل لّى صَرْحًا لَّعَلّى أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ وَإِنّى لاظُنُّهُ مِنَ ٱلْكَـٰذِبِينَ [القصص:38]...

وكان ينادي ( يٰقَوْمِ أَلَيْسَ لِى مُلْكُ مِصْرَ وَهَـٰذِهِ ٱلأَنْهَـٰرُ تَجْرِى مِن تَحْتِى أَفَلاَ تُبْصِرُونَ [الزخرف:51] وكان يقول (مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ [غافر:29] ...

من كان يظن أن كل هذا التكبر والتجبر سيأتي عليه يوم ويأذن الله بنهايته وزواله بل ويصبح فيما بعد عبرة للمعتبرين ودرساً للطغاة والظالمين قال تعالى (فَأَخَذْنَـٰهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَـٰهُمْ فِى ٱلْيَمّ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلظَّـٰلِمِينَ وَجَعَلْنَـٰهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى ٱلنَّارِ وَيَوْمَ ٱلْقِيـٰمَةِ لاَ يُنصَرُونَ وَأَتْبَعْنَـٰهُم فِى هَذِهِ ٱلدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ القِيَـٰمَةِ هُمْ مّنَ ٱلْمَقْبُوحِينَ [القصص:40-42] ...

 و هذه هي سنة الله يملي للطغاة والظلمة ثم يأخذهم أخذ عزيز مقتدر وإنها لسنة الله أيضاً في حفظ أولياءه والتمكين لهم في الأرض قال تعالى (وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنينَ [الروم:47]..

 وقال تعالى ( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَـٰلِبُونَ )[الصافات:171- 173] ...

 فموسى عليه السلام كان ممن توعدهم فرعون بالقتل والتصفية الجسدية وما زال في بطن أمة فمكر فرعون وجنوده والله خير الماكرين وولد موسى وألقت به أمه في البحر خوفاً عليه من القتل وهل يعقل هذا ؟

 إنه كان يجب عليه إذا كانت تخاف عليه أن تضمه إلى صدرها ..

  لكنها الثقة بالله قال تعالى ( وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ [القصص:7] ..

 فأخذه فرعون ليكون له ولد ولم يكن يعلم أنها مقادير الله وأن نهايته ستكون على يدي هذا الطفل الرضيع ولكنها إرادة الله إذا أراد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون .. وإنها لعبرة وعظة لكل متجبر وظالم طغى في هذه الأرض...

عبــــــــاد الله :-

إن حركة التغيير على مستوى الأمم والجماعات والأفراد لا تتوقف فإما أن تكون إلى الأحسن وإما أن تكون إلى الأسوأ فأما التي إلى الأحسن فتحكمها السنة القائلة {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد/11] ...

فما من أهل قرية ولا بيت ولا بلد كانوا على معصية الله ثم تحوَّلوا عنها إلى ما أحب من الطاعة إلا حوَّلهم الله عما يكرهون من العذاب إلى ما يحبون من الرحمة ..  

وأما التغيير إلى الأسوأ فتحكمه السنة القائلة {ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سميع عليم } 

إن الله ليملي للظالم سوى كان فرداً أو مجتمع أو أمة ويغدق عليه من النعم والخيرات فيما يبدوا للناس حتى إذا كثر شره وزاد فسقه وانتشر ظلمه وغرته نفسه أخذه أخذ عزيز مقتدر ...

قال تعالى (ألَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ} [الأنعام:6].. 

وقال تعالى: {فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَال

ِـمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ} [الحج: 45] .. 

 

والله سبحانه وتعالى لا يأذن بزوال الظلم وأهله حتى يكون هناك من يقارع الظلم ويقف أمام الباطل ويصدع بكلمة الحق ولو كان ضعيفاً أو فقيراً أو وحيداً ،

كما فعل موسى عليه السلام وغيره من الأنبياء وأصحاب الحق والعظماء في كل زمان ومكان لأن الله لا يتخلى عن عباده ولا يترك أولياءه بل ينظر إلى أعمالهم ويطلع على نياتهم فإذا ما وجد من الجهد المطلوب والنية الخالصة أذن بنصره وهلاك أعدائه ...

قال موسى عليه السلام (قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي ۖ فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ) (المائدة:25) ..

 وهكذا هي سنة الله في هذه الحياة والتاريخ يشهد وأيام الله تترى علينا كل يوم تثبت هذه الحقيقة وتغرس في النفوس الإيمان والأمل والإستقامة وتقوم الإعوجاج وتصحح المسار وتوجه الإنحراف في أخلاقنا وأعمالنا وسلوكياتنا كلما صدقنا في فهمها وتدبرها ...

 

فاللهم أهدنا بهداك ولا تولنا أحداً سـواك وخذ بنواصينا إلى كل خير ... 

قلت ما سمعتم واستغفر الله

لي ولكم فاستغفروه...

 تابع قراءة        الخطبة الثانية مع الدعاء في أسفل الصفحة على مربع الاجابة اسفل الصفحة التالية 

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (627ألف نقاط)
 
أفضل إجابة
خطبة العاشر من محرم دروس وعبر

الخطــــبة.الثانــية

عبــــــــاد الله :- ولا ننسى أن

نذكر في هذا اليوم مقتل سبط رسول الله صل الله عليه وسلم وحفيده وسيد شباب الجنة الحسين بن على رضي الله عنهم،

وكان قد خرج إلى الكوفة ليبايعه أهلها ورفضاً لولاية يزيد بن معاوية، وكان أهل الكوفة قد دعوا الحسين وأوهموه بأن أعدادهم كثير حتى بلغت في الروايات إلى ثمانية عشر الف وأربعون الف،

فأرسل ابنَ عمه مسلمَ بن عقيل بن أبي طالب ليستطلع الأمر ويقفَ على حقيقته..

ولما علم الصحابة بما أراده الحسين توافدوا عليه لثنيه عن وجهته؛ فكان ممن جاءه ابن عباس وأبو سعيد الخدري وعبدالله بن عمرو بن العاص وعبدالله بن الزبير وجابر بن عبدالله والمسور بن مخرمة وغيرهم

بل إن عبدالله بن عمر لما بلغه مخرج الحسين لحق به على مسير ثلاثة أيام من مكة ونصحه بالعودة..

 فقال له الحسين: هذه كتبهم وبيعتهم.

 فقال ابن عمر: لا تأتهم؛ وإني محدثك حديثاً: إن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فخيّره بين الدنيا والآخرة؛ فاختار الآخرة ولم يُرِد الدنيا. وإنكم بَضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ والله لا يليها منكم أحد أبداً؛ وما صرفها الله عنكم إلا للذي هو خير لكم.

فأبى الحسين أن يرجع؛

 فاعتنقه ابن عمر وبكى ،

وقال: أستودعك الله من قتيل.

بلغ الخبرُ يزيدَ بن معاوية ، فكتب إلى واليه على البصرة: عبيدالله بن زياد؛ يضم إليه الكوفة ويدعوه إلى معالجة الأمر...

ولما وصل عبيدالله بن زياد إلى الكوفة بعث من يتحرى له الأخبار ويتقصّى الحقائق؛

فعلم أن الناس ينتظرون قدوم الحسين؛ وأن الرأس المدبر هو مسلم بن عقيل ، فطلبه. وعلم مسلم بمراد عبيدالله بن زياد فجمع معه أربعة آلاف؛ وحاصروا قصر عبيدالله بن زياد بالكوفة،

 فصار عبيدالله بن زياد يأمر أشراف القبائل ووجهاء الكوفة أن يخذّلوا الناس عنه؛ حتى كانت الأم تأتي إلى ابنها وتقول: ارجع؛ والناس يكفونك.

 ويأتي الأب إلى ابنه فيقول: إنه لا طاقة لك بجنود الشام لو أقبلت.

 فتخاذل الناس عنه حتى لم يبق معه إلا خمسمئة نفس؛ ثم نقصوا حتى الثلاثمئة؛ ولم يزالوا يرجعون عنه حتى لم يبق معه إلا ثلاثون رجلاً؛ فصلى بهم المغرب؛ ولما أظلم الليل صار وحيداً؛ فصار يمشي متخفياً؛ لكنه لم يلبث أن ظفر به عبيدالله بن زياد وعزم على قتله...

ولما وُقف به –أعني: مسلم بن عقيل- بين يدي عبيدالله بن زياد؛ وعَلِمَ أنه قاتله؛ التفت في وجوه الحاضرين،

  فوقع بصره على محمد بن الأشعث؛ فأوصاه أن يبعث إلى الحسين ليرجع؛

 وقال مقولته المشهورة: ارجع بأهلك ولا يغرنّك أهل الكوفة؛ فإن أهل الكوفة قد كَذَبوك وكذبوني؛ وليس لكاذب رأي.

 ثم قُتل رحمه الله في يوم عرفة من سنة ستين للهجرة.

علم الحسين رضي الله عنه بمقتل ابن عمه في الكوفه، فجاءته رسائل وكتب من أهل الكوفه للقدوم، وأنه ليس كأبن عمه مسلم بن عقيل وأنهم سيقفون معه،

أصر عندها الحسين على القدوم على الكوفه ،

فعلم عبيد الله بن زياد والي الكوفه فأرسل الحر بن يزيد الحنظلي في ألف مقاتل ليصدوا الحسين؛

 فلقيه بالقادسية وطلب منه أن يغيّر وجهته فأبى؛

عندها كانت المعركة بين الحسين ومن معه وبين الحر بن يزيد الحنظلي وجيش عبيد الله بن زياد،

 وقتل الحسين رضي الله عنه،

 أما أهل الكوفه ومن أدعى مشايعته ونصرته فقد غدروا به وكذبوا عليه،

مات الحسين رضي الله عنه مظلوماً وشهيداً ومجتهداً ، رحمه الله رحمة الأبرار...

معاشر المسلمين:

قتل كما قتل الأبطال والعظماء على مر التاريخ، وأصبحت سيرتهم عطره على كل الأفواه ،

لكن هذه الحادثة والواقعة لا تعطي لأحد الحق في إثارت النعرات الجاهلية ، والطائفية المقيته، التي أهلكت الأمة، وسالت دمائها بسبب الجهل وتغذيتها من قبل أعداء الاسلام...

وينبغي لكل من تذكّر هذه الرزية أن يسترجع استرجاع المؤمن عند المصائب؛ فالقلب يحزن؛ والعين تدمع؛ ولا ينطق اللسان إلا ما يرضي الله جل وعلا...

ولذا؛ لا تحلّ أفعال بعض الغوغاء في هذا اليوم من النياحة واللطم على الحسين؛ حيث زعم بعضهم أنه يكفّر بذلك خطيئة أجداده الذين خانوا الحسين؛

 فالنصوص جاءت عامة بالنهي عن النياحة على الميت؛ وعن لطم الخدود وشق الجيوب...

ثم إنه قد قُتل من هو خير من الحسين فلم يفعل معه الناس كما يفعلوا اليوم؛

فقد قُتل أبو الحسين عليٌ فجر الجمعة في السابع عشر من رمضان فلم يُتخذ يوم مقتله مأتماً؛

وقُتل عثمان؛ وقبله عمر؛ ومات الصديق؛

 بل مات رسول الله صل الله عليه وسلم كما مات الأنبياء والرسل قبله فلم تُتخذ أيام موتهم مآتم...

قال ابن رجب رحمه الله: "وأما اتخاذه –يعني: يوم عاشوراء- مأتماً كما تفعله الرافضة لأجل قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما فيه فهو من عمل من ضل سعيه في الحياة الدنيا وهو يحسب أنه يحسن صنعا، ولم يأمر الله ولا رسوله باتخاذ أيام مصائب الأنبياء وموتهم مأتماً فكيف بمن دونهم"اهـ.

عباد الله:

لقد قدم رسول الله صل الله عليه وسلم المدينة فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء فقال لهم رسول الله: " ما هذا اليوم الذي تصومونه؟" فقالوا: هذا يو م عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكراً فنحن نصومه. فقال رسول الله صل الله عليه وسلم : "فنحن أحق وأولى بموسى منكم"، فصامه وأمر بصيامه...

وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي قتادة أن النبي صل الله عليه وسلم سئل عن صوم عاشوراء فقال: "يكفر السنة الماضية". وفي رواية: "أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله"...

عبـــــاد الله :-

لنستفد من أحداث الزمان ووقائع التاريخ، ولنتجنب السلبيات، ولنعمل على تعزيز الإيجابيات،

 فعودوا إلى دينكم رحمكم الله، وتعاهدوا الإيمان في قلوبكم وأدوا فرائضكم وقووا أخوتكم تتغير أحوالكم وتتنزل عليكم رحمات ربكم وتحفظ بلادكم وأوطانكم وتنتصروا على واقعكم المؤلم قال تعالى: ( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) (الأنعام:82) وقال تعالى: ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً ) (طـه:112)..

 ثم اعلموا أن بعد العسر يسراً وبعد الشدة فرجاً ومخرجا ..

 فثقوا بالله وتوكلوا عليه..

إذا اشتملت على اليأس القلوب

             وضاق لما به الصدر الرحيبُ

وأوطأت المكـاره واطمأنت   

              وأرست في أماكنها الخطوبُ

ولم تر لانكشاف الضر وجهاً  

              ولا أغـنى بحيلته الأريـبُ

أتاك على قـنوط منك غوثٌ  

          يمن به اللطـيف المستجيبُ

وكـل الحادثات وإن تـناهت **

         فموصول بها الفرج القريبُ

اللهم أصلح شأن المسلمين, ويسر أمورهم,

 اللهم اجعل لأمة الإسلام من كل هم فرجاً, ومن كل ضيق مخرجاً, ومن كل عسر يسراً, ومن كل بلاء عافية, ..

هـــذا ﻭﺻﻠﻮﺍ ﻭﺳﻠﻤﻮﺍ ﺭﺣﻤﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍﻟﻤﻬﺪﺍﺓ، ﻭﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﺪﺍﺓ ،

 النبي المصطفى والرسول المجتبى ،

 ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻭﺇﻣﺎﻣﻨﺎ ﻭﻗﺪﻭﺗﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ محمد بن عبد المطلب صاحب الحوض والشفاعة.

ﻓﻘﺪ ﺃﻣﺮﻛﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺎﻟﺼﻼ‌ﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼ‌ﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ: {ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﻣَﻼ‌ﺋِﻜَﺘَﻪُ ﻳُﺼَﻠُّﻮﻥَ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺻَﻠُّﻮﺍ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠِّﻤُﻮﺍ ﺗَﺴْﻠِﻴﻤًﺎ} [ﺍﻷ‌ﺣﺰﺍﺏ: 56].

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞِّ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺑﺎﺭﻙ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ، صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر،

ﻭﺍﺭﺽَ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻋﻦ ﺧﻠﻔﺎﺋﻪ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ،

 أبي بكر و عمر و عثمان و علي ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ، ﻭﻣﻦ ﺗﺒﻌﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻋﻨﺎ ﻣﻌﻬﻢ ﺑﻤﻨﻚ ﻭﺭﺣﻤﺘﻚ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ الراحمين ..

 اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، واحم حوزة الدين يا رب العالمين..

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺯﺩﻧﺎ ﻭﻻ‌ ﺗﻨﻘﺼﻨﺎ، ﻭﺃﻛﺮﻣﻨﺎ ﻭﻻ‌ ﺗﻬﻨﺎ، ﻭﺃﻋﻄﻨﺎ ﻭﻻ‌ ﺗﺤﺮﻣﻨﺎ، ﻭﺁﺛﺮﻧﺎ ﻭﻻ‌ ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻴﻨﺎ، ﻭﺍﺭﺽ ﻋﻨﺎ ﻭﺃﺭﺿﻨﺎ،

ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺟﻌﻞ ﺯﺍﺩﻧﺎ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ، ﻭﺯﺩﻧﺎ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎً ﻭﻳﻘﻴﻨﺎً ﻭﻓِﻘﻬﺎً ﻭﺗﺴﻠﻴﻤﺎً،

اللهم احقن دمائنا واحفظ بلادنا وألف بين قلوبنا ... ومن أرادنا أو أراد بلادنا بسوء أو مكروه فرد كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً عليه ..

 اللهم إنا نعوذ بك من همزات الشياطين وَنعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ ..

 اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا وتولى أمرنا وردنا إلى دينك رداً جميلاً ...

 ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﻣﻮﺟﺒﺎﺕ ﺭﺣﻤﺘﻚ، ﻭﻋﺰﺍﺋﻢ ﻣﻐﻔﺮﺗﻚ، ﻭﺍﻟﺴﻼ‌ﻣﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺇﺛﻢ، ﻭﺍﻟﻐﻨﻴﻤﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺑﺮ، ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﺍﻟﻔﻮﺯ ﺑﺎﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ،

 ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻻ‌ ﺗﺪﻉ ﻟﻨﺎ ﺫﻧﺒﺎً ﺇﻻ‌ ﻏﻔﺮﺗﻪ، ﻭﻻ‌ ﻫﻤﺎً ﺇﻻ‌ ﻓﺮﺟﺘﻪ، ﻭﻻ‌ ﺩﻳﻨﺎً ﺇﻻ‌ ﻗﻀﻴﺘﻪ، ﻭﻻ‌ ﻣﺮﻳﻀﺎً ﺇﻻ‌ ﺷﻔﻴﺘﻪ، ﻭﻻ‌ ﺣﺎﺟﺔً ﺇﻻ‌ ﻗﻀﻴﺘﻬﺎ ﻭﻳﺴّﺮﺗﻬﺎ ﻳﺎ ﺭﺏّ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ،

 ﺭﺑﻨﺎ ﺁﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻓﻲ ﺍﻵ‌ﺧﺮﺓ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻗﻨﺎ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻨﺎﺭ...

عبــاد الله:

 إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون...

فذكروا

الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.....

والحمد لله رب العالمين

اسئلة متعلقة

0 تصويتات
0 إجابة
مرحبًا بك إلى موقع باك نت، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...