0 تصويتات
في تصنيف ثقافة وعلوم اسلامية بواسطة (627ألف نقاط)

خطبة جمعة بمناسبة العطلة الصيفية الجزائر بعنوان أَثَرُ الْمَعَاصِي وَالْمُحَرَّمَاتِ، عَلَى الْأَفْرَادِ وَالْمُجْتَمَعَاتِ

خطبة جمعة (01) بمناسبة العطلة الصيفية 2023 

خطبة جمعة (01) بمناسبة العطلة الصيفية تحت عنوان

[أَثَرُ الْمَعَاصِي وَالْمُحَرَّمَاتِ، عَلَى الْأَفْرَادِ وَالْمُجْتَمَعَاتِ]

من اعداد: رشـيــد الـمـعاشــي

اَلْخُطْبَةُ الْأَولَى

    اَلْحَمْدُ لِلَّـهِ الْكَرِيـمِ الْمَنَّانِ، أَبَاحَ لِعِبَـادِهِ الْمُؤْمِنِينَ التَّرْوِيحَ عَنِ النَّفْسِ بِمَا هُوَ مُبَاحٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَآنٍ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الرَّحِيمُ الرَّحْمَانُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمَبْعُوثُ إِلَى النَّاسِ بِخَيْرِ الْأَدْيَانِ، صَلَّى اللَّـهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَآن،ٍ وَمَنِ اقْتَفَى أَثَرَهُمْ وَسَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ بِإِحْسَانٍ، حَتَّى نَقِفَ جَمِيعاً بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ الدَّيَّـانِ. 

أَمَّا بَعْدُ فَيَا أَيُّهَا الْإِخْوةُ الْمُسْلِمُونَ:

    مَا إِنْ تُلْقِ الْعُطْلَةُ الصَّيْفِيَّةُ بِظِلَالِهَا عَلَيْنَا، حَتَّى يَحْصُلَ لِلنَّاسِ فَرَاغٌ كَبِيرٌ، فَيَسْعَوْنَ فِي الْغَالِبِ إِلَى عِمَارَتِهِ بِالتَّفَاهَاتِ، أَوْ بِمَا حَرَّمَهُ رَبُّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ، وَكَأَنَّهُ جُزْءٌ مُقْتَطَعٌ عَلَى هَامِشِ الْحَيَاةِ مِنَ الْأَوْقَاتِ، رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ. لِذَلِكُمْ سَيَكُونُ عُنْوَانُ خُطْبَتِنَا لِهَذَا الْيَوْمِ الْمُبَارَكِ السَّعِيدِ بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ: تَحْذِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، مِنْ خَطَرِ الْمَعَاصِي عَلَى الْمُجْتَمَعَاتِ، وَسَيَنْتَظِمُ كَلَامُنَا حَوْلَ هَذَا الْعُنْوَانِ فِي ثَلَاثَةِ عَنَاصِرَ: 

الْعُنْصُرُ الْأَوَّلُ: اَلْمَفْهُومُ السَّلْبِيُّ لِلْعُطْلَةِ، فَالْآفَاتُ كُلُّهَا نَاشِئَةٌ عَنِ الْفَهْمِ الْخَاطِئِ لِـ(الْعُطْلَةِ)، لِأَنَّ (الْعُطُلَ) فِي اللُّغَةِ هُوَ: الرَّجُلُ الَّذِي لَا سِلَاحَ مَعَهُ، وَ(التَّعْطِيلُ) هُوَ: التَّفْرِيغُ وَالْإِخْلَاءُ وَتَرْكُ الشَّيْءِ بِلَا عَمَلٍ، وَ(الْمُعَطَّلَةُ) مِنَ الْإِبِلِ هِيَ: الَّتِي لَا رَاعِيَ لَهَا، وَيُقَالُ: (تَعَطَّلَ) الرَّجُلُ أَيْ: بَقِيَ بِلَا عَمَلٍ، وَلِلْأَسَفِ الشَّدِيدِ فَقَدْ تَسَرَّبَ هَذَا الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ إِلَى وَاقِعِنَا، فَصَارَ مَعْنَى الْعُطْلَةِ عِنْدَنَا هُوَ: تَسْوِيغَ ضَيَاعِ الْأَوْقَاتِ، وَإِمْضَاءَهَا فِي التَّفَاهَاتِ، أَوْ فِي الْمَعَاصِي وَالْمُحَرَّمَاتِ. وَكَأَنَّنَا لَمْ نَسْمَعْ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: يَعْنِي إِذَا فَرَغْتَ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا وَأَشْغَالِهَا وَقَطَعْتَ عَلَائِقَهَا، فَانْصَبْ فِي الْعِبَادَةِ، وَقُمْ إِلَيْهَا نَشِيطًا فَارِغَ الْبَالِ، وَأَخْلِصْ لِرَبِّكَ النِّيَّةَ وَالرَّغْبَةَ. وَقَدْ مَرَّ الْإِمَامُ ابْنُ عَقِيلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ يَوْماً عَلَى صِبْيَانٍ أَمْضَوْاْ عَامَّةَ يَوْمِهِمْ فِي اللَّعِبِ فَقَالَ لَهُمْ: مَا هَذَا؟ فَقَالُواْ: فَرَغْنَا، فَقَالَ: أَوَ بِهَذَا أُمِرَ الْفَارِغُ؟ أَيْنَ أَنْتُمْ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ؟.

الْعُنْصُرُ الثَّانِي: شُؤْمُ الْمَعْصِيَةِ، فَكُلُّ هَذِهِ الْمَآسِي الْمُتَلَاحِقَةِ الَّتِي تَعِيشُهَا مُجْتَمَعَاتُنَا، إِنَّمَا هِيَ بِسَبَبِ جُرْأَتِنَا عَلَى الْمُحَرَّمَاتِ فِي أَقْوَالِنَا وَأَفْعَالِنَا، وَكِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى خَيْرُ شَاهِدٍ عَلَى ذَلِكَ، فَمَا الَّذِي كَانَ سَبَباً فِي هَلَاكِ قَوْمِ عَادٍ بِالرِّيحِ الْعَاتِيَةِ؟، وَمَا الَّذِي كَانَ سَبَباً فِي هَلَاكِ قَوْمِ ثَمُودَ بِالصَّيْحَةِ؟، وَمَا الَّذِي كَانَ سَبَباً فِي هَلَاكِ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ بِالْغَرَقِ؟، وَمَا الَّذِي كَانَ سَبَباً فِي هَلَاكِ قَارُونَ بِالْخَسْفِ؟، إِنَّهُ شُؤْمُ الْمَعَاصِي وَالْمُوبِقَاتِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ. وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا فُتِحَتْ قُبْرُصْ فَفُرِّقَ بَيْنَ أَهْلِهَا فَبَكَى بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ، رَأَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَالِساً وَحْدَهُ يَبْكِي، فَقُلْتُ: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ مَا يُبْكِيكَ فِي يَوْمٍ أَعَزَّ اللَّهُ فِيهِ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ؟ فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا جُبَيْرُ، مَا أَهْوَنَ الْخَلْقَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَضَاعُواْ أَمْرَهُ، بَيْنَا هِيَ أُمَّةٌ قَاهِرَةٌ ظَاهِرَةٌ لَهُمُ الْمِلْكُ، تَرَكُواْ أَمَرَ اللَّهِ فَصَارُواْ إِلَى مَا تَرَى.

   نَفَعَنِي اللَّـهُ وَإِيَّاكُمْ بِكِتَابِهِ الْـمُبينِ، وَبِسُنَّةِ نَبيِّهِ الْمُصْطَفَى الْكَرِيمِ، وَأَجَارَنِي وَإِيَّاكُمْ مِنْ عَذَابِهِ الْمُهِينِ، وَجَعَلَنِـي وَإِيَّاكُمْ مِنَ الذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ آمِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْـحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمينَ.

اَلْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

    اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ وَليُّ الصَّالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، سَيِّدُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرينَ، صَلَّى اللَّـهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَمَنِ اقْتَفَى أَثَرَهُمْ وَسَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ فَيَا أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ:

الْعُنْصُرُ الثَّالِثُ: فَضْلُ الِاسْتِقَامَةِ فِي الدَّارَيْنِ، فَالِاسْتِقَامَةُ عَلَى طَرِيقِ اللَّهِ تَعَالَى يَجِبُ أَنْ تَكُونَ فِي أَوْقَاتِ الْعَمَلِ وَالْعُطْلَةِ، وَالْمُؤْمِنُ فِي أَقَلِّ أَحْوَالِهِ مَأْمُورٌ بِاجْتِنَابِ الْمُحَرَّمَاتِ، ذَلِكَ أَنَّ الِاسْتِقَامَةَ تَتَحَقَّقُ بِهَا أَعْلَى الدَّرَجَاتِ، وَتَعُمُّ بِهَا الْخَيرَاتُ وَالْبَرَكَاتُ، وَيَسْعَدُ بِهَا الْأَفْرَادُ وَالْمُجْتَمَعَاتُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ. وَقَالَ سُبْحَانَهُ: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوفٌ عَلَيهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ. وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَــــدُ عَنْ زَيْـــــدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنْ كَانَ هَمُّهُ الْآخِرَةَ، جَمَعَ اللَّهُ شَمْلَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ الدُّنْيَا، فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِـهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ. فَاتَّقُواْ اللَّهَ – أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ -، وَدَاوِمُواْ عَلَى طَاعَتِهِ فِي كُلِّ أَحْوَالِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ.

اَلدُّعَاءُ

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (627ألف نقاط)
 
أفضل إجابة
خطبة جمعة بمناسبة العطلة الصيفية الجزائر بعنوان أَثَرُ الْمَعَاصِي وَالْمُحَرَّمَاتِ، عَلَى الْأَفْرَادِ وَالْمُجْتَمَعَاتِ

اسئلة متعلقة

مرحبًا بك إلى موقع باك نت، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...