0 تصويتات
في تصنيف ملخصات دروس بواسطة (627ألف نقاط)

ملخص الذاكرة والخيال مقدمة عن الذاكرة والخيال

أهلاً بكم زوارنا الكرام على موقع باك نت يسرنا بزيارتكم أن نقدم لكم أعزائي الطلاب والطالبات ملخص الذاكرة والخيال مقدمة عن الذاكرة والخيال للسنة الثالثة ثانوي بكالوريا 2022 2023 

وهو كالتالي 

: الذاكرة والخيال

مقدمة : طرح المشكلة

نلجأ في كثير من المواقف التي تعترض حياتنا، وأيضا لمواجهة مشاكلها إلى مكتسبات وخبرات الماضي، إذ أننا لا نبقى في مستوى اللحظة الراهنة وإمكانياتها، فحياة الإنسان ليست مقتصرة على منطق الحاضر لوحده، فهو ينظم حياته داخل شبكة نسيجها الماضي والحاضر والمستقبل، كما يمكن للإنسان أن يقوم بعملية تركيب لصور الماضي بدون أن يكون ذلك الماضي كما هو، وذلك عن طريق بنائه من جديد إما بالإضافة أحيانا أو بالحذف أحيانا أخرى، كما أنه له القدرة على تجاوز الحاضر والماضي معا، والذي يقوم بهذه العملية وظيفتان نفسيتان وعقليتان هما الذاكرة والخيال اللتان ترتبطان معا وتتداخلان، لكن إذا كنا لا نستغني عن العالم الخارجي في نشاطاتنا الذهنية فإننا في استحضار ذكرياتنا وتحريك خيالاتنا، نبني ونبدع، ولكن لماذا لا يسعنا في بنائنا أو إبداعنا، إعادة معطيات الماضي ولا مدركات الحاضر كما هي؟

كيف يمكن اعتبار التذكر استعادة لما هو ماض من أجل إعادة بناء ما هو راهن؟

مفهوم الذاكرة: هي الوظيفة التي تعمل على حفظ الخبرات الماضية، والقدرة على إعادة إحيائها واسترجاعها، قصد التكيف مع الوضع الراهن.

وقد عرفها "لالاند" في معجمه " المصطلحات الفلسفية " بأنها : (( وظيفة نفسية تتمثل في إعادة بناء حالة شعورية ماضية مع التعرف عليها من حيث هي كذلك )).

وعليه يمكن أن نستنتج أن الذاكرة عملية نفسية شعورية، تدل على خصوصية إنسانية عامة، يتفاوت فيها الأفراد بحسب قدراتهم.

أولا: طبيعة التذكر بين الخصائص العضوية والخصائص الشعورية:

تفسير طبيعة التذكر تعددت فيه الآراء، ولم يتفق الفلاسفة والعلماء حول تفسير واحد لها، من حيث انه عملية يتداخل فيها ما هو عضوي وجسمي بما هو نفسي.

أ ـ التفسير العضوي ( المادي ) للتذكر:

يرد أصحاب هذا الرأي تفسير طبيعة التذكر إلى خصائص عضوية مادية، فعملية تثبيت وحفظ الذكريات واسترجاعها، مرتبطة بأجهزة عضوية بيولوجية، موجودة على مستوى الدماغ، وهي المسؤولة عن مختلف عمليات الذاكرة، ولهذا اعتبر " ريبو " أن : (( الذاكرة ظاهرة بيولوجية بالماهية، وظاهرة سيكولوجية بالعرض )). ويؤكد هذا الاتجاه المادي، محاولا تفسير عملية التذكر تفسيرا علميا، إلى إرجاع حدوثها إلى مجموع الارتباطات الديناميكية بين الخلايا العصبية التي تسجل الانطباعات، وتحتفظ بآثارها في الدماغ على شكل آثار مادية تركتها الحوادث على خلايا القشرة الدماغية، ويزيد تثبيت وحفظ هذه الذكريات أكثر عن طريق التكرار، فثني الوراقة مثلا عدة مرات يبرز أثر الثني أكثر، كما أن الذكريات تزول من الدماغ، كلما أصيبت منطقة فيه بأي نوع من أنواع التلف، فيصاب بالتلف ما كانت تحتفظ به جزئيا أو كليا. وعليه استنتج ريبو (( أن الذاكرة وظيفة عامة للجهاز العصبي ))، لذلك فإن طبيعة الذاكرة أساسها الفاعلية العضوية المرتبطة بالجسم ووظائفه.

مناقشة: غير أننا نلاحظ تفسير طبيعة الذاكرة بالخصائص العضوية المادية وحدها، فيه كثير من المبالغة، لأن هناك اضطرابات وصدمات نفسية تؤدي إلى فقدان القدرة على التذكر رغم سلامة الدماغ والجهاز العصبي. كما أن ربط الذكريات بمراكز معينة في الدماغ فكرة لا تثبتها أبحاث العلماء، بل يبرهنون على أن الجهاز العصبي نظام دقيق ومتشابك يشمل جميع الوظائف الحسية والفكرية لدى الإنسان، مما يعني أن الفاعلية العضوية مقتصرة على توضيح الجانب المادي في آلية الذاكرة فقط، أما الذاكرة كوظيفة حيوية وكيفية فقد ترتبط بخصائص أخرى شعورية.

ب ـ التفسير الشعوري ( الروحي ) للتذكر:

إن تفسير طبيعة التذكر ووظائفه المختلفة عند أصحاب هذا الاتجاه وعلى رأسهم " برغسون " يرد إلى الخصائص الشعورية النفسية، فالذاكرة عملية نفسية واعية قوامها الشعور، فهي جوهر روحي محض، وديمومة شعورية، تسجل كل ما عشناه وما مر بنا، ويبقى محفوظا وحيا كصور في أعماق النفس، ولا يعود إلى ساحة الشعور، إلا عند الحاجة، وأداة استرجاع الماضي وربطه بالحاضر هي الدماغ أو الجهاز العصبي. ولتوضيح هذا الأساس، والرد في نفس الوقت على أصحاب التفسير العضوي، يميز برغسون بين نوعين من الذاكرة :

ـ ذاكرة حركية: وتكون في شكل عادات آلية مرتبطة بالجسم ، وهي تشمل الأنشطة الحركية المكتسبة

بالتكرار، وهي مجرد عادة آلية نفعية فقط، ولا تعبر عن حقيقة التذكر.

ـ ذاكرة نفسية شعورية: وهي المعبرة عن حقيقة الذاكرة لأنها تشمل الماضي، وتستحضره وتعيد إحيائه في آن واحد، فهي ذاكرة الصور النفسية المرتبطة بديمومة الشعور، والمستقلة عن الدماغ وعن ذاكرة العادة. ومن هنا تكون الذاكرة خاصية شعورية تعبر عن الصور النفسية التي تعيش الماضي وتستحضرهن وتملك القدرة على إحيائه في الحاضر.

مناقشة: غير أن ربط الذاكرة بالخصائص الشعورية وحدها، أمر مبالغ فيه، لأن استرجاع بعض الذكريات يحتاج إلى سند حركي، وإلى وضعية نفسية، مندرجة في وضعية جسمية، كما أنه من الصعب أن نفهم أن الذاكرة كشعور نفسي خالص، وتستخدم الدماغ كآليات مادية من أجل استحضار الذكريات، ألا يدل هذا على تداخل ما هو عضوي بما هو نفسي، وأن الفصل بينهما أمر شائك.

ثانيا : التذكر بين المعرفة والتوازن النفسي:

يلعب فعل التذكر دورا هاما في حياة الإنسان سواء من الناحية المعرفية أو الانفعالية، والأفراد يختلفون في معارفهم وتوازنهم النفسي باختلاف القدرة على استدعاء ذكرياتهم، ولكن أين تكمن القيمة النفسية للتذكر، هل في دور العقل أم في دور الانفعالات التلقائية؟

أ ـ الذاكرة العقلية والتذكر الإرادي:

الذاكرة العقلية هي الذاكرة التي تحفظ المعاني والأفكار والبراهين والأحكام والتصورات ، وهي التي تعبر عن مجموع الصور العقلية ونشاطاتها المخزنة، ولها أثر بالغ الأهمية في اكتساب العلوم والمعارف وتنمية القدرات العقلية وتنشيطها. ومن أبرز صور الذاكرة العقلية:

ـ التذكر الإرادي: وهو أرقى وظائف الذاكرة لأنه تذكر منظم، يتميز بتدخل العقل وحضور الوعي، وفعاليته في تمثيل الماضي، ومراقبتهن وتأويله، واصطفاء عناصره، وتنسيقها، وهذا يتطلب جهدا أكثر، وتأملا أعمق، وفهما أوضح، يقتضي الاستعانة بوظائف أخرى، كالذكاء، والتخيل، والإدراك، فهو تذكر أساسه الانتقاء والاختيار والقصد.

ب ـ الذاكرة الانفعالية والتذكر العفوي:

الذاكرة الانفعالية وهي الذاكرة المرتبطة بالقدرة على تذكر الأحوال الانفعالية السابقة، وما يصحبها من شعور وانطباعات نفسية، وهذه الذاكرة هي التي تحيي العواطف، وتوقظ الميول وتجدد الانفعالات، لكن تأثيرها يختلف من شخص إلى آخر، فقد تكون قوية واضحة، وقد تكون ضعيفة، بحسب الذات، وأثر ذكرى الموضوعات فيها، وكما أن حياتنا الانفعالية لما كانت حقيقة فطرية تعبر عن حيوية حياتنا ونشاطاتها بطريقة تلقائية عفوية، فإن الذاكرة الانفعالية هي أيضا فعل تلقائي، واسترسال شعوري لا إرادي، ومن هنا يبرز شكل آخر للتذكر هو:

ـ التذكر العفوي: وهو تذكر تلقائي، سهل لا عناء فيه، أساسه استدعاء الذكريات كاستجابة تكيفية آلية لظروف حاضرة، وتكون هذه الاستجابة التلقائية التكيفية تبعا لمنبهات معينة ( عوامل نفسية، علاقات اجتماعية... ) وهذا التذكر العفوي محكوم بمبدأ تداعي المعاني ، والذي يعني أن الظواهر أو الأحوال النفسية ترتبط ببعضها وتدعو بعضها بعضا للحضور وفق شروط معينة، كالاقتران، والتشابه، والتضاد...

ثالثا: الذاكرة الفردية والمجتمع

إن الذاكرة ومهما اتسمت بالصبغة الفردية، لارتباطها بالشعور الفردي المتميز، فإنها تبقى متينة الصلة بالحياة الاجتماعية التي يستمد منها الفرد وجوده وعلاقاته، كمواد وخبرات لذاكرته، لذلك كانت ملامح الذاكرة الفردية لا تحدد إلا من خلال طبيعة الموقع الذي يأخذه الإنسان في مجتمعه، وأن الجماعة التي ننتمي إليها هي التي تحفظ الخبرات الماضية، وتقدم لنا الوسائل التي تساعدنا على استرجاعها، ولهذا يؤكد " هالفاكس " أننا حينما نتذكر فإن الغير هو الذي يدفعنا إلى ذلك لأن ذاكرته تساعد ذاكرتنا، في نطاق الأطر العامة للذاكرة الاجتماعية، واللغة هي الإطار الأول والأكثر ثباتا للذاكرة الاجتماعية، من هنا كان الفرد ضمن الجماعة لا يعيش ماضيه الفردي الخاص، بل يعيش ماضيه الجماعي المشترك، كالاحتفالات الدينية، والوطنية.

مناقشة: غير أن هذا الكلام لا يعني تعويم الذاكرة الفردية في نطاق الذاكرة الاجتماعية، لأنه بالرغم من أن المجتمع قد يشكل إطارا عاما لتكوين الذكريات، فإن هناك الكثير من الذكريات الفردية الخاصة المرتبطة بميولاتنا، واهتماماتنا، ورغباتنا، لا دخل للمجتمع فيها.

ـ إن الذاكرة ليست مجرد وعاء لتسجيل الخبرات، بل هي وظيفة حيوية، تعبر عن حضورها الفردي في شعورنا الراهن وليست بمعزل عن العالم الخارجي، والبيئة التي نعيشها.

يتبع قراءة الدرس في الأسفل 

2 إجابة

0 تصويتات
بواسطة (627ألف نقاط)
 
أفضل إجابة

. وظيفة التخيل بين الاسترجاع والإبداع:

مفهوم التخيل: يعرف التخيل على أنه : (( قدرة الفكر على استحضار الصور، بعد غياب الأشياء التي أحدثتها، وتركيب الصور تركيبا حرا )).

وعرف " ابن سينا " التخيل بأنه : (( قدرة العقل على التصرف في الصور بالتركيب والتحليل )).

واعتبر " لالاند " التخيل بأنه : (( ملكة تركيب شيئا لا واقعيا ولا موجودا )).

أولا : الاسترجاعية والاستمرارية في التخيل:

1 ـ الاسترجاعية بين التخيل والتذكر: في الحقيقة أن التخيل والتذكر وظيفتان مترابطتان ومتداخلتان، ولا يمكن أن نستغني عن بعض من التخيل ونحن نمارس فعل التذكر، ولا أن نستغني عن بعض من التذكر ونحن بصدد التخيل، لكن هذا لا يعني أنه لا يوجد اختلاف وظيفي بينهما، فبرغم اشتراكهما في التعامل مع معطيات التجربة الإدراكية وما تقدمه من وقائع، وكذلك اشتراكهما في استخدام آلية الاسترجاع للتعامل مع عناصر الخبرة الماضية، إلا أن التخيل والذاكرة يختلفان من حيث أن الاسترجاع في الذاكرة هو استدعاء للخبرة الشعورية الماضية بأحوالها وعناصرها، قصد التكيف مع المواقف الراهنة، مما يعني أنه استرجاع مألوف، ومغلق على الحالة التي عرفناها فقط. أما الاسترجاع في التخيل فهو استدعاء يتميز بأنه حر يمكنه محو بعض العناصر أو إضافة أخرى، عن طريق خاصية تجميع الصور أو التفريق بينها، وإعطائها وظائف جديدة، مما يعني أن الاسترجاع في التخيل يكون مفتوحا، وممارسا للتغيير والتجديد، والتخلص من الواقع.

2 ـ الاستمرارية بين التخيل والإدراك: إن تحصيل أي موضوع أو صورة، وجب أن يكون قد مر على الإدراك أولا، فالذات لا تتعامل إلا مع مدركاتها، لهذا كان الإدراك محصورا في الواقع والحاضر، ويدرك الموضوعات على الصورة التي عليها، وكما هي واقعة، ليعرفها على حقيقتها، ويحكم عليها. أما التخيل فبرغم اعتماده على عناصر الواقع، فإنه يتجاوز ذلك ويمكنه التحرر منها، وتشكيل وتغيير الصور على النحو الذي تشاؤه الذات، وفي صور جديدة وإبداعية، تتجاوز الماضي والحاضر، وتتوجه إلى المستقبل، وبناء وتركيب صور وهمية لا مثيل لها في الواقع، كما هو الحال في الخيال الأدبي والفنين مما يجعل من التخيل تحررا من صور الإدراك وسيطرته، وانفتاحا على الإبداع والإتيان بالجديد.

لكن هل فعالية التخيل كلها صور واحدة معبرة عن الإبداع أم أنه أشكال مختلفة

ثانيا: أنواع التخيل: التخيل نوعان:

أ ـ التخيل التمثيلي: وهو استرجاع لصور الأشياء التي طبعت في الذهن، بعد غياب الأشياء التي أحدثتها، وسماها القدامى بالقوة المصورة، لأنها تعبر عن رجوع الصور النفسية الماضية إلى ساحة الشعور، بصورة تلقائية، دون التعرف عليها، ودون تحديد زمانها ومكانها، والتخيل التمثيلي عام في حياتنا لأننا نعيشه في كل علاقاتنا وتعاملاتنا اليومية بعفوية.

ب ـ التخيل الإبداعي: عملية ننشئ بها صورا جديدة بحيث نتحرر من الصور الماضية، وتركبها بأوجه لم تكن موجودة من قبل، فهو تخيل خصب وإيجابي، يتميز بالفعالية، والقدرة على الابتكار، والانفتاح على صور غير متوقعة، تنفلت من الواقع، كتخيل الرسام الذي يرسم صور خيالية يراها في أعماق نفسه، أو تخيل العالم الذي يبدع نظرية جديدة. من هنا يمكن القول أن التخيل الإبداعي هو قدرة وفعالية على الابتكار، لكن كل إنسان يمارسه حسب قدراته، ومجاله الذي يكون فيه، فخيال العالم وإبداعه، يختلف عن خيال الفنان، أو الأديب، أو المهندس، أو الفيلسوف...

وكل هذا يجعل التخيل الإبداعي أساسا لصناعة الواقع، والتعبير عنه بأشكال إبداعية تعبر عن الإنجازات الحضارية في مختلف الميادين، ويبرز قدرة الذات وأثرها في تغيير الواقع والتعامل مع العالم الخارجي.

غير أن تنشيط هذا الخيال المبدع، وتحفيزه يرتبط بشروط ومحددات قد ترتد إلى عوامل نفسية ( عقلية وانفعالية )، حيث يرى بعض العلماء والفلاسفة، أنه لا يمكن معرفة عملية الإبداع إلا بالرجوع إلى حياة المبدع النفسية فالعوامل الذاتية من عناصر انفعالية وفكرية تلعب دورا أساسيا في عملية الإبداع.

ولكن هناك من الفلاسفة والعلماء من يرها إلى العوامل الموضوعية فهي تمثل عاملا ودافعا للإبداع، إذ المبدع هو ابن بيئته التي يعيش فيها، ومن ثم فإبداعه هو نتاج الظروف المحيطة به من جهة، وما يحتاج إليه المجتمع من جهة أخرى.

.كيف نفسر نسبية عمل التذكر والتخيل؟

إن التعرف على التذكر والتخيل كفعاليات عقلية عليا، وفهم الصورة الإيجابية لهما، سواء في بناء الذكريات وإعادة الماضي قصد التكيف أو في إبداع الصور بواسطة التخيل، لكنهما من ناحية اخرى يخضعان لكثير من العوامل والتأثيرات التي تجعل من عملهما يتم بشكل نسبي وتقريبي ومن الصعب الوثوق به، فالذاكرة عاجزة على أن تحتفظ بكل دقائق وتفاصيل الخبرة الماضية ونسيان أجزاء منها، كما أن الكثير من تخيلاتنا تبقى عرضة للتحول والتغير، ومعايشة الأوهام، مما يدل بوضوح على القصور والنسبية في عملهما، فكيف نفسر ذلك؟

يتبع،،،،،، 

0 تصويتات
بواسطة (627ألف نقاط)

أولا: الذاكرة بناء غير مكتمل للماضي:

الذاكرة كاستعادة حاضرة لحوادث ماضية، لا يمكنها أن تسترجعه كما هو، لأنها تتأثر بالظروف التي تتم فيها من جهة، كما تتأثر بطابع الإدراك الذي تم به تسجيل الحوادث الماضية من جهة أخرى، إلى الحد الذي يؤدي إلى التعبير عن الماضي بصورة ناقصة، أو مشوهة، حسب الميول والاهتمامات الراهنة التي تندرج فيها الذات، وهذا ما يدل عليه شدة اختلاف الناس عندما يطلب منهم الإدلاء بشهاداتهم حول حادثة معينة يكونون قد شهدوها، خاصة في تفاصيلها، وهذا ما يظهر العمل غير المكتمل للذاكرة عن الماضي، والعجز والقصور في وظيفتها، فبماذا نفسر سبب ذلك؟

إن تفسير ذلك يرد إلى سببين أو ظاهرتين أساسيتين هما :

1 ـ آلية النسيان: النسيان ظاهرة نفسية مرتبطة بالذاكرة، لكنها تعاكسها في الوظيفة، لهذا نجد المدلول الشائع يعتبر أن النسيان : (( هو الوجه السلبي للتذكر )) مما يعني أن النسيان (( هو الفقدان المؤقت أو النهائي لما حفظته الذاكرة من الخبرات والمهارات المختلفة )). فالنسيان بهذا المعنى عاملا للهدم، وتدمير مواد الذاكرة وانحلالها وتلاشيها، واضمحلالا للماضي، والعجز عن استحضاره، ولا يعني هذا الكلام أن النسيان تعبير عن الفشل والإخفاق ، وأنه ذو طابع سلبي كما يعتقد عامة الناس، بل إن للنسيان وجها آخر محملا بالمعاني الإيجابية، التي لا تسيء إلى الذاكرة، بل يصير النسيان من شروط سلامتها وبقائها وتجديدها، ونوعا من التفريغ اللإرادي للأحداث والتفاصيل الثانوية، لإعطاء المرونة للذاكرة للاهتمام بالأهم والتكيف مع الراهن، كما أنه وسيلة للتراحم بين الأفراد، يمحو آثار الأحقاد والآلام والضغائن...مما يعني أن النسيان وجه إيجابي وشرط من شروط التوازن النفسي ووسيلة للتكيف والتأقلم.

وعلى هذا، فالنسيان ظاهرة ملازمة لحياة الإنسان لكنه على قسمين:

ـ نسيان طبيعي: وهو نسيان عادي، يلازم جميع الناس، كالنقص في تثبيت أمر ما، أو قلة اهتمام، أو نتيجة تداخل مواد دراسية مختلفة...

ـ نسيان غير طبيعي ( نسيان مرضي ): يحتاج إلى علاج ، والبحث عن أسبابه الحقيقية وهذا ما يتجسد بجلاء في أمراض الذاكرة.

2 ـ أمراض الذاكرة: إن الذاكرة تصاب بأمراض تهدد توازن الشخصية ووحدتها، وأشهر هذه الأمراض:

ـ صعوبة التذكر: ينشأ عن عجز في تثبيت الذكريات نتيجة مرض يصيب الجملة العصبية يكون مؤقتا أحيانا مثل المصاب بالحمى الشديدة، أو شبه دائم كما في أعراض الشيخوخة.

ـ فقدان الذاكرة: ويعني اضمحلال الذكريات والعجز عن استحضارها واسترجاعها، وقد يكون الفقدان ومؤقتا أي لمدة محددة من الوقت أو لبعض الأنواع من الذكريات كالأسماء أو الأماكن أو المهن، كما قد يكون العجز عاما لجميع الذكريات.

ـ انحراف الذاكرة: وهو مرض الذاكرة الكاذبة ينشأ عن فساد العرفان، حيث يورد المصاب باستمرار خبرات خاطئة ومحرفة ومشوهة، وهو لا يعلم أنها كذلك.

ـ فرط التذكر: وهو قوة استدعاء الذكريات بجزئياتها وتفاصيلها من الماضي القريب والبعيد، ويعرف بمرض تضخم الذاكرة الشائع خاصة عند المتقدمين في السن.

ثانيا: التخيل من الحلم إلى الوهم:

فقد يستبد التخيل بصاحبه، وينحرف به إلى عالم الأوهام الكاذبة ويفقد صلته بالواقع بطريقة عفوية لا إرادية، ومن أشكال وصور هذا التخيل السلبي :

ـ أحلام اليقظة: وهي حالة يعايش فيها الإنسان مجموع من الصور التي يتخيلها في يقظته، تنشأ عن نقص الانتباه، وشرود الذهن، فينسى صاحبها حاضره، لأنه يستبدل الحقيقة والواقع بالخيال.

ـ الوهم والهلوسة: وهما تعبيران عن الاضطرابات النفسية والعصبية الناتجة عن فرط الخيال، وفقدان صاحبه للقدرة على التحكم في صوره الذهنية. وما ينتج عن ذلك من اختلالات. والوهم ينشأ في حقيقته عن تمثل أو تصوير حسي كاذب ناتج عن كيفية تأويل المدركات، وإذا اشتد أثره على الذات وسيطر عليها تحول إلى مرض عصبي، وهلوسة تخيل لصاحبها صور يظنها حقائق خارجية، مع أنها غير موجودة في الواقع تماما، وأكثر الحواس هلوسة حاستا السمع والبصر.

خاتمة : حل المشكلة

إن الحديث عن الخيال يقتضي لا محالة الحديث عن مشكلة الذاكرة، إذ من الصعب تصور حياة نفسية مقصورة على مطلق الحاضر، أي على إدراك نقطة رياضية تفصل الماضي عن التخيل. وأن العالم الخارجي ودرايتنا به يشكلان كلا موحدا، فلا جدوى واقعيا من التفريق بين الذاكرة والخيال ، وأن ما نطلق عليه بالذاكرة الخالصة أو الخيال المجرد لا وجود له، وأن الذاكرة منبع للخيال بصورة آلية بقدر ما تشكل هي منطلقا له كفعل ناتج عن نشاط عقلي بصورة جزئية أو كلية، فهما إذن في علاقة جدلية متفاعلة على الدوام.

اسئلة متعلقة

0 تصويتات
1 إجابة
مرحبًا بك إلى موقع باك نت، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...