ملخص الذاكرة والخيال مقدمة عن الذاكرة والخيال
أهلاً بكم زوارنا الكرام على موقع باك نت يسرنا بزيارتكم أن نقدم لكم أعزائي الطلاب والطالبات ملخص الذاكرة والخيال مقدمة عن الذاكرة والخيال للسنة الثالثة ثانوي بكالوريا 2022 2023
وهو كالتالي
: الذاكرة والخيال
مقدمة : طرح المشكلة
نلجأ في كثير من المواقف التي تعترض حياتنا، وأيضا لمواجهة مشاكلها إلى مكتسبات وخبرات الماضي، إذ أننا لا نبقى في مستوى اللحظة الراهنة وإمكانياتها، فحياة الإنسان ليست مقتصرة على منطق الحاضر لوحده، فهو ينظم حياته داخل شبكة نسيجها الماضي والحاضر والمستقبل، كما يمكن للإنسان أن يقوم بعملية تركيب لصور الماضي بدون أن يكون ذلك الماضي كما هو، وذلك عن طريق بنائه من جديد إما بالإضافة أحيانا أو بالحذف أحيانا أخرى، كما أنه له القدرة على تجاوز الحاضر والماضي معا، والذي يقوم بهذه العملية وظيفتان نفسيتان وعقليتان هما الذاكرة والخيال اللتان ترتبطان معا وتتداخلان، لكن إذا كنا لا نستغني عن العالم الخارجي في نشاطاتنا الذهنية فإننا في استحضار ذكرياتنا وتحريك خيالاتنا، نبني ونبدع، ولكن لماذا لا يسعنا في بنائنا أو إبداعنا، إعادة معطيات الماضي ولا مدركات الحاضر كما هي؟
كيف يمكن اعتبار التذكر استعادة لما هو ماض من أجل إعادة بناء ما هو راهن؟
مفهوم الذاكرة: هي الوظيفة التي تعمل على حفظ الخبرات الماضية، والقدرة على إعادة إحيائها واسترجاعها، قصد التكيف مع الوضع الراهن.
وقد عرفها "لالاند" في معجمه " المصطلحات الفلسفية " بأنها : (( وظيفة نفسية تتمثل في إعادة بناء حالة شعورية ماضية مع التعرف عليها من حيث هي كذلك )).
وعليه يمكن أن نستنتج أن الذاكرة عملية نفسية شعورية، تدل على خصوصية إنسانية عامة، يتفاوت فيها الأفراد بحسب قدراتهم.
أولا: طبيعة التذكر بين الخصائص العضوية والخصائص الشعورية:
تفسير طبيعة التذكر تعددت فيه الآراء، ولم يتفق الفلاسفة والعلماء حول تفسير واحد لها، من حيث انه عملية يتداخل فيها ما هو عضوي وجسمي بما هو نفسي.
أ ـ التفسير العضوي ( المادي ) للتذكر:
يرد أصحاب هذا الرأي تفسير طبيعة التذكر إلى خصائص عضوية مادية، فعملية تثبيت وحفظ الذكريات واسترجاعها، مرتبطة بأجهزة عضوية بيولوجية، موجودة على مستوى الدماغ، وهي المسؤولة عن مختلف عمليات الذاكرة، ولهذا اعتبر " ريبو " أن : (( الذاكرة ظاهرة بيولوجية بالماهية، وظاهرة سيكولوجية بالعرض )). ويؤكد هذا الاتجاه المادي، محاولا تفسير عملية التذكر تفسيرا علميا، إلى إرجاع حدوثها إلى مجموع الارتباطات الديناميكية بين الخلايا العصبية التي تسجل الانطباعات، وتحتفظ بآثارها في الدماغ على شكل آثار مادية تركتها الحوادث على خلايا القشرة الدماغية، ويزيد تثبيت وحفظ هذه الذكريات أكثر عن طريق التكرار، فثني الوراقة مثلا عدة مرات يبرز أثر الثني أكثر، كما أن الذكريات تزول من الدماغ، كلما أصيبت منطقة فيه بأي نوع من أنواع التلف، فيصاب بالتلف ما كانت تحتفظ به جزئيا أو كليا. وعليه استنتج ريبو (( أن الذاكرة وظيفة عامة للجهاز العصبي ))، لذلك فإن طبيعة الذاكرة أساسها الفاعلية العضوية المرتبطة بالجسم ووظائفه.
مناقشة: غير أننا نلاحظ تفسير طبيعة الذاكرة بالخصائص العضوية المادية وحدها، فيه كثير من المبالغة، لأن هناك اضطرابات وصدمات نفسية تؤدي إلى فقدان القدرة على التذكر رغم سلامة الدماغ والجهاز العصبي. كما أن ربط الذكريات بمراكز معينة في الدماغ فكرة لا تثبتها أبحاث العلماء، بل يبرهنون على أن الجهاز العصبي نظام دقيق ومتشابك يشمل جميع الوظائف الحسية والفكرية لدى الإنسان، مما يعني أن الفاعلية العضوية مقتصرة على توضيح الجانب المادي في آلية الذاكرة فقط، أما الذاكرة كوظيفة حيوية وكيفية فقد ترتبط بخصائص أخرى شعورية.
ب ـ التفسير الشعوري ( الروحي ) للتذكر:
إن تفسير طبيعة التذكر ووظائفه المختلفة عند أصحاب هذا الاتجاه وعلى رأسهم " برغسون " يرد إلى الخصائص الشعورية النفسية، فالذاكرة عملية نفسية واعية قوامها الشعور، فهي جوهر روحي محض، وديمومة شعورية، تسجل كل ما عشناه وما مر بنا، ويبقى محفوظا وحيا كصور في أعماق النفس، ولا يعود إلى ساحة الشعور، إلا عند الحاجة، وأداة استرجاع الماضي وربطه بالحاضر هي الدماغ أو الجهاز العصبي. ولتوضيح هذا الأساس، والرد في نفس الوقت على أصحاب التفسير العضوي، يميز برغسون بين نوعين من الذاكرة :
ـ ذاكرة حركية: وتكون في شكل عادات آلية مرتبطة بالجسم ، وهي تشمل الأنشطة الحركية المكتسبة
بالتكرار، وهي مجرد عادة آلية نفعية فقط، ولا تعبر عن حقيقة التذكر.
ـ ذاكرة نفسية شعورية: وهي المعبرة عن حقيقة الذاكرة لأنها تشمل الماضي، وتستحضره وتعيد إحيائه في آن واحد، فهي ذاكرة الصور النفسية المرتبطة بديمومة الشعور، والمستقلة عن الدماغ وعن ذاكرة العادة. ومن هنا تكون الذاكرة خاصية شعورية تعبر عن الصور النفسية التي تعيش الماضي وتستحضرهن وتملك القدرة على إحيائه في الحاضر.
مناقشة: غير أن ربط الذاكرة بالخصائص الشعورية وحدها، أمر مبالغ فيه، لأن استرجاع بعض الذكريات يحتاج إلى سند حركي، وإلى وضعية نفسية، مندرجة في وضعية جسمية، كما أنه من الصعب أن نفهم أن الذاكرة كشعور نفسي خالص، وتستخدم الدماغ كآليات مادية من أجل استحضار الذكريات، ألا يدل هذا على تداخل ما هو عضوي بما هو نفسي، وأن الفصل بينهما أمر شائك.
ثانيا : التذكر بين المعرفة والتوازن النفسي:
يلعب فعل التذكر دورا هاما في حياة الإنسان سواء من الناحية المعرفية أو الانفعالية، والأفراد يختلفون في معارفهم وتوازنهم النفسي باختلاف القدرة على استدعاء ذكرياتهم، ولكن أين تكمن القيمة النفسية للتذكر، هل في دور العقل أم في دور الانفعالات التلقائية؟
أ ـ الذاكرة العقلية والتذكر الإرادي:
الذاكرة العقلية هي الذاكرة التي تحفظ المعاني والأفكار والبراهين والأحكام والتصورات ، وهي التي تعبر عن مجموع الصور العقلية ونشاطاتها المخزنة، ولها أثر بالغ الأهمية في اكتساب العلوم والمعارف وتنمية القدرات العقلية وتنشيطها. ومن أبرز صور الذاكرة العقلية:
ـ التذكر الإرادي: وهو أرقى وظائف الذاكرة لأنه تذكر منظم، يتميز بتدخل العقل وحضور الوعي، وفعاليته في تمثيل الماضي، ومراقبتهن وتأويله، واصطفاء عناصره، وتنسيقها، وهذا يتطلب جهدا أكثر، وتأملا أعمق، وفهما أوضح، يقتضي الاستعانة بوظائف أخرى، كالذكاء، والتخيل، والإدراك، فهو تذكر أساسه الانتقاء والاختيار والقصد.
ب ـ الذاكرة الانفعالية والتذكر العفوي:
الذاكرة الانفعالية وهي الذاكرة المرتبطة بالقدرة على تذكر الأحوال الانفعالية السابقة، وما يصحبها من شعور وانطباعات نفسية، وهذه الذاكرة هي التي تحيي العواطف، وتوقظ الميول وتجدد الانفعالات، لكن تأثيرها يختلف من شخص إلى آخر، فقد تكون قوية واضحة، وقد تكون ضعيفة، بحسب الذات، وأثر ذكرى الموضوعات فيها، وكما أن حياتنا الانفعالية لما كانت حقيقة فطرية تعبر عن حيوية حياتنا ونشاطاتها بطريقة تلقائية عفوية، فإن الذاكرة الانفعالية هي أيضا فعل تلقائي، واسترسال شعوري لا إرادي، ومن هنا يبرز شكل آخر للتذكر هو:
ـ التذكر العفوي: وهو تذكر تلقائي، سهل لا عناء فيه، أساسه استدعاء الذكريات كاستجابة تكيفية آلية لظروف حاضرة، وتكون هذه الاستجابة التلقائية التكيفية تبعا لمنبهات معينة ( عوامل نفسية، علاقات اجتماعية... ) وهذا التذكر العفوي محكوم بمبدأ تداعي المعاني ، والذي يعني أن الظواهر أو الأحوال النفسية ترتبط ببعضها وتدعو بعضها بعضا للحضور وفق شروط معينة، كالاقتران، والتشابه، والتضاد...
ثالثا: الذاكرة الفردية والمجتمع
إن الذاكرة ومهما اتسمت بالصبغة الفردية، لارتباطها بالشعور الفردي المتميز، فإنها تبقى متينة الصلة بالحياة الاجتماعية التي يستمد منها الفرد وجوده وعلاقاته، كمواد وخبرات لذاكرته، لذلك كانت ملامح الذاكرة الفردية لا تحدد إلا من خلال طبيعة الموقع الذي يأخذه الإنسان في مجتمعه، وأن الجماعة التي ننتمي إليها هي التي تحفظ الخبرات الماضية، وتقدم لنا الوسائل التي تساعدنا على استرجاعها، ولهذا يؤكد " هالفاكس " أننا حينما نتذكر فإن الغير هو الذي يدفعنا إلى ذلك لأن ذاكرته تساعد ذاكرتنا، في نطاق الأطر العامة للذاكرة الاجتماعية، واللغة هي الإطار الأول والأكثر ثباتا للذاكرة الاجتماعية، من هنا كان الفرد ضمن الجماعة لا يعيش ماضيه الفردي الخاص، بل يعيش ماضيه الجماعي المشترك، كالاحتفالات الدينية، والوطنية.
مناقشة: غير أن هذا الكلام لا يعني تعويم الذاكرة الفردية في نطاق الذاكرة الاجتماعية، لأنه بالرغم من أن المجتمع قد يشكل إطارا عاما لتكوين الذكريات، فإن هناك الكثير من الذكريات الفردية الخاصة المرتبطة بميولاتنا، واهتماماتنا، ورغباتنا، لا دخل للمجتمع فيها.
ـ إن الذاكرة ليست مجرد وعاء لتسجيل الخبرات، بل هي وظيفة حيوية، تعبر عن حضورها الفردي في شعورنا الراهن وليست بمعزل عن العالم الخارجي، والبيئة التي نعيشها.
يتبع قراءة الدرس في الأسفل