ملخص تحضير درس المشكلة رقم (4): في الذاكرة والخيال ما مفهوم الذاكرة ؟ وما أنواع التذكر ؟ وما طبيعة الذاكرة ؟ هل هي عضوية أم نفسية أم اجتماعية
درس الذاكرة والخيال للسنة الثالثة ثانوي باك 2024
إشكالية ادراك العالم الخارجي.
مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم في موقع باك نت.baknit الموقع التعليمي المتميز والمتفوق بمنهجية الإجابة الصحيحة والنموذجية من مرحلة التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي bac 2023 كما يسرنا بزيارتكم أن نقدم أهم المعلومات والحلول وأفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية 2022 2023 وكما عودناكم أعزائي الزوار في صفحة موقع باك نت أن نطرح لكم ما تبحثون عنه وهو ....... ملخص تحضير درس المشكلة رقم (4): في الذاكرة والخيال
وتكون الإجابة على سؤالكم هي على النحو التالي
المشكلة رقم (4):في الذاكـــرة و الخيـــال.
طرح المشكلة:
يتفوق الإنسان عن بقية الكائنات الأخرى بجملة من القدرات وبفضلها يستطيع التكيف والتأقلم مع المحيط الخارجي من جهة وتجاوز المواقف الحريجة ومختلف المشاكل التي تواجهه في حياته اليومية من جهة أخرى ومن بينها الذاكرة والخيال ومنه نتساْءل : ما مفهوم الذاكرة ؟ وما أنواع التذكر ؟
وما طبيعة الذاكرة ؟ هل هي عضوية أم نفسية أم اجتماعية ؟ وبمعنى آخر هل الذاكرة ذات أصل فردي أم ذات أصل اجتماعي ؟ وما مفهوم التخيل وما أنواعه وما الذي يميز الذاكرة عن الخيال ؟ وما هي الشروط المتحكمة في عملية الإبداع هل تتوقف على الشروط الذاتية أم على الشروط الموضوعية؟
* مفهوم الذاكرة :
الذاكرة هي الوظيفة التي تعمل على حفظ الخبرات الماضية و القدرة على إعادة إحيائها و استرجاعها قصد التكيف مع الوضع الراهن ، أو هي إعادة إحياء حالة شعورية مضت وانقضت مع العلم والتحقق منها على أنها جزء من حياتنا الماضية أو هي قدرة متفاوتة بين الأفراد تتمثل في استحضار الماضي في الحاضر بغرض الاستفادة منه. ويعرفها أندري لالاند بقوله " الذاكرة وظيفة نفسية تتمثل في إعادة بناء حالة شعورية ماضية مع تعرف الذات عليها من حيث هي كذلك "
* أنواع التذكر :
التذكر نوعان وهما :
1. التذكر العفوي ( التلقائي ) : ففي هذه الحالة تحضر الذكريات في الذهن من تلقاء نفسها دون بذل جهد عقلي لاستحضارها ويخضع هذا النوع لبعض القوانين تعرف بقوانين التداعي كالتشابه والتضاد والاقتران.
2. التذكر الإرادي ( قصدي ) : ففي هذه الحالة تنبثق الذكرى في الذهن بإرادة الفرد ويعتمد في ذلك على مختلف الفعاليات العقلية العليا كالذكاء و التخيل و التأويل.
* طبيعة الذاكرة ( أساس الاحتفاظ بالذكريات ) :
لقد سعى الباحثون والدارسون في البحث عن طبيعة الذاكرة ونتج عن هذا البحث اختلاف في الرؤى والمواقف ، فمنهم من يرى أن الذاكرة ظاهرة عضوية خالصة أي أن الذكريات تحفظ في الدماغ ومنهم من يرى أنها ظاهرة سيكولوجية لكونها تخزن في النفس ومنهم من اعتبرها ظاهرة اجتماعية بالأساس. وانطلاقا من هذا العناد الفلسفي نتساءل : هل الذاكرة ظاهرة بيولوجية أم نفسية أم اجتماعية ؟ وبعبارة أخرى هل الذاكرة منشؤها الفرد أم منشؤها المجتمع ؟
* النظرية المادية (بيولوجية ، عضوية ، فيزيولوجية ):
ترى النزعة المادية بزعامة ريبو و جورج بروكا و تين أن الذاكرة مرتبطة ارتباطا وثيقا بالأجهزة العضوية( الدماغ) أي أن ذكريات الفرد تحفظ جميعها على مستوى خلايا القشرة الدماغية.
فهم يؤكدون أن كل خلية تقوم بتسجيل وتخزين ذكريات معينة وهذه الذكريات تترك آثار مادية على خلايا الدماغ كما ينطبع الصوت على الأسطوانة أي أن الذكريات لها مناطق معينة في الدماغ وتثبت حسب رأيهم عن طريق عامل التكرار فالذكريات الراسخة هي التي استفادت من تكرار طويل وهذا يعني أن الذاكرة وظيفة عامة يقوم بها الجهاز العصبي.
كما أننا لا نسترجع الذكريات إلا إذا كان هناك إدراكا مماثلا ( أثر مماثل ) مثل: (الكلمة ، صورة ، تاريخ)أي أن الادراكات المماثلة توقظ الذكريات القديمة.
كما أكد ريبــو أننا لا نفقد الذكريات إلا إذا كان هناك تلف في الخلايا الدماغية فحدوث إصابة في الدماغ يؤدي إلى فقدان ذكريات بصفة كلية أو جزئية فإصابة منطقة بروكا قاعدة التلفيف الثالث من الجهة الشمالية يوّلد مرض الحبسة الحركية وحدوث نزيف في الفص الجداري الأيمن يؤدي إلى فقدان المعرفة الحسية اللمسية في الجهة اليسرى مثل الفتاة التي أصابتها رصاصة.
كما بين ريبو عن طريق التجربة أن اختلال الهضم ودوران الدم و التنفس يضعف الذاكرة وهذا كله يؤكد أن الذاكرة ترتبط ارتباطا وثيقا بالجسم، حيث يقول ريبـــو " إن الذاكرة ظاهرة بيولوجية بالماهية وسيكولوجية بالعرض " وكذلك يقول " الذاكرة بطبيعتها عمل بيولوجي " إذن الذاكرة فاعلية عضوية خالصة مرتبطة بالجسم ووظائفه ،حيث يقول تيــن " إن الدماغ هو الوعاء الذي يستقبل ويخزن مختلف الذكريات ".
* النقد:
لكن ومع التسليم بأهمية الجهاز العصبي عموما والدماغ خصوصا في عملية التذكر إلا أن ربط الذاكرة بالدماغ وحده أمر مبالغ فيه، وهذا ما يفسر جملة الاعتراضات والانتقادات التي وجهت لأنصار هذه النظرية فقد قيل عن التفسير المادي أنه سطحي وساذج ،فهي ركزت على الجانب الفيزيولوجي وأهملت الجانب النفسي لأن هذا الأخير يلعب دور هام في عملية التذكر فالذاكرة قائمة على عنصر الانتقاء سواء في مرحلة التحصيل والتثبيت أو في مرحلة الاسترجاع ، وهذا الانتقاء لا يمكن تفسيره إلا بالميل والاهتمام والرغبة والشعور بالموقف الذي يتطلب التذكر وهذه كلها أمور نفسية لا مادية وكما أن عدم استرجاع الذكريات لا يعود دائما إلى تلف في الخلايا الدماغية وهذا ما يثبته الواقع فالتلميذ قد ينسى بعض المعلومات أو كلها عند إجراء امتحان بالرغم من أن جهازه العصبي سليم وحينما ينتهي من الامتحان يستعيد المعلومات فكيف نفسر ذلك؟ ، كما أنه رغم وجود خلل في الدماغ فالمصاب قد يسترجع بعض الذكريات في الحالات الانفعالية.
النظرية النفسية ( السيكولوجية الروحية ):
ترى النظرية النفسية بزعامة هنري برغسون أن ذكريات الفرد تحفظ في النفس أو في الأنا العميق. فهي مستقلة عن الدماغ وهذا الأخير لا يؤثر عليها بأي حال من الأحوال لأنه إذا كانت الذكريات مادية فإن إصابة الدماغ تؤدي إلى زوالها نهائيا ، لكن مادام البعض منها يستعاد فهي حينئذ ليست مادية ولقد توصل برغسون إلى التمييز بين نوعين من الذكريات
* ذاكرة حركية وهي مرتبطة بالجسم وتتمثل في صور عادات آلية التي تكتسب عن طريق التكرار كحفظ أبيات من الشعر أو كالحركات التي تؤديها راقصة البالي وهذا يعني أن برغسون أكد على أن ريبـــــو وقع في خلط بين مفهوم الذاكرة والعادة لأن هذه الأخيرة هي التي تكتسب عن طريق التكرار وتسترجع بطريقة آلية وكلما كانت هناك إصابات على مستوى الجهاز العصبي فهذا يؤثر عليها.
* ذاكرة نفسية ( ذاكرة محضة أو خالصة أو الحقة ) وهي مستقلة عن الجسم وتقوم بحفظ الماضي دفعة واحدة وتسترجعه وتحييه في آن واحد فهذه هي الذاكرة الحقيقية لأنها فريدة من نوعها فهي لا تتكرر وتعيد الماضي على شكل صور و معاني نفسية مثل حفظ درس تتذكر القراءة،الخط المكتوب،المكان الذي حفظت فيه ،وبالتالي فهي نوع من التصور، وعليه فالذاكرة عملية نفسية واعية قوامها الشعور فهي جوهر روحي محض ، وديمومة شعورية ، تسجل كل ما عشناه وما مر بنا ، ويبقى محفوظا وحيا كصور في أعماق النفس ولا يعود إلى ساحة الشعور إلا عند الحاجة ، ويفهم من هذا أن عملية التذكر ترتبط ارتباطا وثيقا بالفاعلية العقلية العليا الانتباه والتركيز والقصد.
إذن الذاكرة ظاهرة سيكولوجية خالصة لكونها مرتبطة بالشعور وفاعليات العقل.
النقـــــــد:
لكن هذا الموقف بالغ كثيرا في رأيه لكونه ركز على العامل النفسي و أهمل العامل العضوي إلا أن حفظ الذكريات أو التذكر يستند أساسا إلى العوامل البيولوجية و بالتالي لا يمكن إبعاد الجانب الفيزيولوجي للذاكرة إذ كلما كانت الأجهزة العضوية سليمة كانت الذاكرة سليمة فالطفل الصغير بمقدوره أن يحتفظ و يعيد بسهولة ما اكتسبه ، والسبب في ذلك سلامة الجملة العصبية لديه كما أن برغسون لم يحدد لنا أين تخزن و تحفظ الذكريات في النفس وبالتالي طرحه يبقى طرح غامض مبهم( تفسير ميتافيزيقي) ، فهو نظر للذاكرة نظرة فيلسوف وليس نظرة عالم لأنه لم يستند إلى أسس علمية تجريبية وهذا يبين لنا جليا أن الذاكرة ليست ظاهرة نفسية خالصة.
النتيجـــــــة:
يتبين لنا أن كل من النظريتين مبالغ في رأيهما فالذاكرة ليست بيولوجية ولا نفسية أي أنه لا توجد علاقة سببية كافية بين الذاكرة والجسم أو الروح وكل ما في الأمر أن العامل الفيزيولوجي والنفسي ضروريان في عملية التذكر لكون الإنسان عبارة عن مادة و روح.
إلا أن ريبو و برغسون يتفقان على أن الذاكرة ظاهرة فردية وهذا ما رفضه بعض علماء الاجتماع الذين أكدوا أن الذكريات ذات أصل اجتماعي.
النظريـــــــة الاجتماعيـــــــة:
يرى أقطاب المدرسة الاجتماعية وخاصة هالفاكس وإميل دوركايم وبيار جاني أن الذاكرة ظاهرة اجتماعية ، بمعنى أن الذكريات منشؤها المجتمع لكونه الوعاء الذي يقوم بحفظ مختلف الخبرات والفرد المعزول عن المجتمع ليست لديه ذكريات.
حيث أكد هالفاكس أن الفرد حينما يتذكر أمر أو شيء فهو يتذكره دائما داخل المدرسة أو الأسرة أو الشارع أو المهنة فهذه العوامل تلعب دورا هاما في عملية التذكر لأن الذكريات مجرد خبرات مشتركة بين الأفراد الذين ينتمون إلى جماعة واحدة كالأعياد والمناسبات الوطنية مثل 16 أفريل كل سنة نتذكر أنه يوم العلم لأن المجتمع هو الذي يذكرنا ، و 1 نوفمبر نتذكر كل سنة أنه يوم اندلاع الثورة.
وحسب رأيه أنه ينبغي ألا نبحث عن ذكريات منشؤها الفرد بل يجب أن نبحث عن ذكريات منشؤها المجتمع لأن ماضي الفرد في الواقع هو ماضي الجماعة حيث يقول " إنني في أغلب الأحيان عندما أتذكر فالغير هو الذي يدفعني إلى التذكر لأن ذاكرته تساعد ذاكرتي كما أن ذاكرتي تعتمد على ذاكرته " كما أن اللغة باعتبارها أداة اجتماعية هي التي تعبر عن الذكرى وتحفظها من الضياع.
كذلك فالإنسان لكي يتعرف على ذكرياته و يحدد إطارها الزماني و المكاني ،فإنه في الغالب يلجأ إلى أحداث اجتماعية ، فيقول مثلا ( حدث ذلك أثناء ... أو قبل ... وفي المكان ... ) ، وعليه فإن الذكريات بدون أطر اجتماعية تبقى صور غير محددة و كأنها تخيلات ويقول بيار جاني لو كان الإنسان وحيدا لما كانت لديه ذاكرة وما كان بحاجة إليها ".
إذن الذاكرة وظيفة اجتماعية بالدرجة الأولى.
النقد
لكن هذه النظرية بالغت كثيرا حينما أرجعت الذاكرة إلى البعد الاجتماعي و أنكرت دور الفرد في ذلك فلو كانت الذاكرة ظاهرة اجتماعية بالأساس فيلزم عن ذلك أن تكون ذكريات جميع الأفراد المتواجدين داخل المجتمع الواحد مماثلة (واحدة) وهذا يتنافى و يتناقض مع الواقع لأنه كثيرا ما نجد ذكريات خاصة بالفرد وحده ولا يحتاج إلى الغير لكي يتذكرها(أي أن المجتمع لا يتذكر مكانه) لأن تلك الذكريات متعلقة بأناه النفسي وأحداث الطفولة الخاصة بكل فرد ، والنجاحات و الإخفاقات المرتبطة بكل فرد كالعلماء و الرحالة والمستكشفين لديهم ذكريات خاصة بهم وهذا يؤكد أن هناك ذكريات لا يتقاسمها الفرد مع غيره وإجمالا هذا الموقف اخلط بين مفهوم الأساس و العامل لأن الأطر الاجتماعية مجرد عامل مساعد للتذكر.
وخلاصة القول إذا كانت الذاكرة أمر مركب ومعقد، فمن الصعب إيضاحها بعامل واحد لأنها تتكون من عوامل عديدة عضوية ، نفسية ، اجتماعية ، بمعنى أنها وظيفة يتداخل فيها ما هو مادي وما هو نفسي وما هو اجتماعي ، فهي من هذا المنظور من طبيعة فردية واجتماعية على حد سواء فمهما كانت للفرد ذكريات خاصة فإن هذا لا يعني عدم أهمية الأثر الاجتماعي في معرفة طبيعتها.