قصة المغول المسلمين في إيران
قصة المغول المسلمين في بلاد فارس وإيران منذ البداية وحتى نهاية دولة الأفشار، مع أهم الأحداث
قصة المغول المسلمين في إيران
المغول في إيران
دولة الإيلخانات في أقصى اتساعهاأعطى جنكيز خان لابنه تولوي بلاد فارس وخراسان وما يمكن ضمه من بلاد العرب وآسيا الصغرى, وتعتبر أسرة تولوي هي الأوفر حظًا من حيث المساحة التي حكمتها, فقد حكم هولاكو بن تولوي ومن بعده أبناؤه المنطقة التي نتناولها في هذا الفصل, والتي عرفت بالدولة الإيلخانية،ومن جهة أخرى أسس قوبيلاي أسرة حكمت في بلاد الصين, سيرد ذكرها في الفصل القادم، ونتناول الآن تاريخ الدولة الإيلخانية وحتى وقتنا الحالي.
هولاكو:
سبق أن تكلمنا عنه في نهاية الدولة العباسية, وهو الذي كان له الدور الرئيسي في نقل الفكرة السيئة عن المغول للمسلمين, لما ارتكبه فيهم من جرائم بشعة تقشعر منها الأبدان.
واستطاع أن يضم إلى ملكه بغداد وتوغل في بلاد الشام فدخل حلب عام 658هـ وغادر البلاد إلى قرة قورم لتهدئة الأوضاع بين أخوته المتنازعين على الخانية العظمى, فاستطاع تهدئة الأمور وتنصيب قوبيلاي خانًا أعظم, وإخضاع أبناء أوغطاى ثم عاد ليجد كتبغا قد دخل دمشق, ولكنه انهزم في عين جالوت وقتل فيها وازداد غيظه من ابن عمه بركة خان, فأخذ يحاربه فانتصر بركة خان في الجولة الأولى ثم عاود هولاكو الحرب ومعه ابنه أباقا فانتصروا على جيش بركة خان عند مدينة دربنت (باب الأبواب), ثم جمع بركة خان جيوشه وهزمهم عند نهر ترك في بلاد القوقاز, وأخذت أعداد من جنوده تفر إلى بلاد الشام وتنضم للظاهر بيبرس وتدخل في الإسلام, فنزلت به المصائب من كل مكان, فأصيب بالصرع وكان شديد الكره للمسلمين وزاد من ذلك الكره زواجه بنصرانية أخذت تشجعه على إبادة المسلمين, إلا أنه في أواخر أيامه عهد بتربية ابنه الثاني تكودار لمرب مسلم ومات هولاكو عام 663هـ.
أباقا خان:
كانت مدته كلها حروبًا على جميع الجبهات, فمن الشمال كانت حروبه مع أبناء عمومته مغول الشمال, ففى البداية مع بركة خان ثم مع مانكوتيمر وقد أحرز على مانكوتيمر انتصارًا كبيرًا, ثم ما لبث أن اتحدت عليه أسرة أوغطاي بقيادة قيدو بن قاشين وأسرة جغطاي بقيادة براق خان مع مغول الشمال, فكونت ضده الجبهة الشرقية أما من الغرب فكانت حروبه لا تنقطع مع المماليك, وقد انتصروا عليه عدة مرات منها عام 673هـ، واستطاعوا الوصول إلى الأناضول في عهد بيبرس, ثم حاول غزو الشام مرة أخرى ولكنه فشل عام 679هـ, ثم انهزم مرة أخرى أمام جيوش السلطان قلاوون عام 680هـ, وكان نهر الفرات يمثل الحدود بين الدولة الإيلخانية والمماليك, ومات أباقا عام 680هـ وتسلم مكانه أخوه تكودار وقد ورث أباقا كره المسلمين عن أبيه وورثه لابنه أرغون ومما زاد في كراهيته للإسلام زواجه من ابنة إمبراطور القسطنطينية بتخطيط صليبي.
تكودار:
أول من أسلم من أسرة هولاكو, وهو ابنه الذي عهد إلى مرب مسلم بتربيته فشب على الإسلام, وتسمى باسم أحمد وحاول عقد صلح مع السلطان قلاوون عام 681هـ، ولكن ابن أباقا خان أرغون قد تمرد على عمه تكودار وقتله, وتولى مكانه في الوقت الذي أرسل فيه تكودار وفدًا إلى السلطان قلاوون لعقد الصلح.
أرغـون:
ورث كراهية الإسلام عن أبيه أباقا خان, ولذلك تخلص من عمه تكودار المسلم وأخذ يتحالف مع الصليبيين والأرمن ضد المماليك, وكذلك ضد تدان مانكو خان مغول الشمال الذي أسلم، ومات عام 691هـ وتسلم مكانه أخوه كيغاتو.
كيغاتو:
لم يمكث في الحكم إلا قليلاً حتى قتل عام 693هـ.
بيدو:
وهو ابن عم كيغاتو وابن طرخاي بن هولاكو ولم تطل مدة حكمه، إذ قتل عام 695هـ.
غازان:
كان يدين بالبوذية ثم أعلن إسلامه عام 694هـ وتسمى باسم محمود, وعندما تولى الحكم عام 695هـ أسلمت معه أسرة تولوي كلها وسبعون ألفا من التتار, وأصبحت الدولة الإيلخانية مسلمة, وبرغم ذلك لم تنته حروبه مع المماليك وكان معظمها ينتهى بهزيمته, ومن أشهر هزائمه أمام المماليك معركة شقحب عام 702هـ في بلاد الشام التي اشترك فيها الخليفة العباسي وسلطان المماليك وابن تيمية, وكانت هزيمة منكرة لغازان, وفي نفس الوقت كانت هناك حروب مع مغول الشمال في عهد طقطاي بسبب مراغة وتبريز التي يسيطر عليها الإيلخانيون, وتسببت الهزائم التي منى بها غازان في الشام إلى توقف الحرب بينه وبين طقطاي، وتوفي غازان عام 703هـ وخلفه أخوه أولجايتو.
أولجايتو:
نشأ على النصرانية ثم اعتنق الإسلام وتسمى باسم محمد (محمد خرابنده) ولكن -للأسف الشديد- اعتنق المذهب الرافضي (الشيعي) عام 709هـ وأخذ يجبر رعيته على اتباع هذا المذهب, وقعت حروب بينه وبين المماليك ومغول الشمال, كان للأميرين الفارين من المماليك قرة سنقر والأفرم دور كبير في الانتصار على طقطاي خان مغول الشمال؛ ولذلك راسل طقطاي المماليك للاتحاد ضد الإيلخانيين ولكن ما لبث أن مات طقطاي، وكان المماليك في حروبهم مع الإيلخانيين لهم الغلبة في أكثر الأحيان، وفي عام 716هـ جاء إلى محمد خرابنده من مكة حميضة بن أبي نمى لمحاربة أهل مكة فساعده محمد خرابنده، وخاصة أن أهل مكة من السنة ولكن مات محمد خرابنده قبل الهجوم على مكة فلم تحدث حرب، وتولى بعد محمد خرابنده ابنه أبو سعيد.
أبو سعيد:
عندما تولى الحكم كان صغيرًا وراسل جوبان وزير أبيه محمد أوزبك خان مغول الشمال بتسلم البلاد ولكنه رفض, ثم قامت الحرب بين ييسور قائد جيوش أسرة جغطاي وأبى سعيد, استطاع أبو سعيد أن ينتصر وكان محمد أوزبك قد اتفق مع ييسور على حرب أبى سعيد ولكن هزيمة ييسور جعلت محمد أوزبك ينسحب من الحرب.
وحاول محمد أوزبك الاتحاد مع السلطان محمد بن قلاوون سلطان المماليك لمحاربة أبي سعيد، ولكن السلطان محمد قلاوون عقد صلحًا مع أبي سعيد.
وفي عهد أبي سعيد بدأ المذهب السنى يعود للبلاد بعد أن حاول أبوه فرض المذهب الشيعى عليها، وبدأت الأوضاع تتدهور في الدولة الإيلخانية، وتظهر فيها الانقسامات ويستقل الولاة بما لديهم, وظهرت عدة دول منها الجلائرية والأراتقة فعمت الفوضى في البلاد, وانقرضت الدولة الإيلخانية والتي كان آخر حكامها أبو سعيد.
جاء تيمورلنك عام 784هـ ليجتاح البلاد واستطاع السيطرة على كافة أجزائها عام 807هـ، ثم بموت تيمور تجزأت مملكته وتوزعت بين أبنائه وأحفاده وكان تيمورلنك يعتنق المذهب الرافضي (الشيعي)، وورث ذلك لأبنائه وأحفاده، وكان لهم دور كبير في نشره في عدة مناطق من أملاك الدولة التيمورية.
الصفويون
ومع تجزؤ دولة تيمورلنك بين أبنائه وأحفاده والضعف الذي بدأ ينخر في أرجائها، ظهر الصفويون في الدولة الإيلخانية.
إسماعيل الصفوي:
تمكن إسماعيل بن حيدر بن الجنيد بين صفي الدين الأردبيلي (أردبيل بلد في أذربيجان) من أن يجمع حوله أنصارًا من التركمان، وأن يسيطر على أملاك أسرة الأق قيلوني عام 907هـ ويضم أكثر أجزاء من العراق وأذربيجان, واتخذ من تبريز عاصمة لملكه، وأخضع الأمراء التيموريين في الجهات التي سيطر عليها واعتنق المذهب الشيعي واستطاع في وقت قصير أن يمد نفوذه إلى هراة ونهر جيحون شرقا والخليج العربي وخليج عمان جنوبًا، مستغلاًّ الأقلية الشيعية التي تقف بجانبه في كل حرب يخوضها, أو في أي منطقة يدخلها، وهزم إسماعيل الصفوي أمام العثمانيين في موقعة جالديران عام 920هـ وفقد بعدها ديار بكر وتبريز وغيرها, وكان يقاتل أيضًا الأوزبك في الشرق, وانتصر عليهم في بداية الأمر ثم انهزم أمامهم واستردوا منه كل ما ضمه من بلادهم, وكانوا يدعونه للعودة إلى السنة والإسلام الصحيح، ولكنه كان متمسكًا بالمذهب الشيعي, وكانت له علاقات طيبة مع ظهير الدين محمد بابر حاكم الهند, ثم ما لبث أن توترت هذه العلاقات بسبب مذهبه الشيعي.
وكان إسماعيل الصفوي شديد الكره للمسلمين السنة، فبالإضافة إلى حروبه معهم اتفق مع البرتغاليين والصليبيين على حرب أهل السنة بصفة عامة، وحرب الدولة العثمانية بصفة خاصة.
وتوفي إسماعيل الصفوي عام 930هـ وخلفه ابنه طهماسب، وقد تلقب إسماعيل بلقب شاه وتبعه في ذلك من جاء بعده.
طهماسب:
صورة مرسومة طهماسب الأولتولى الحكم صغيرًا, فكان زعماء الشيعة هم الحكام الفعليين في بداية الأمر حتى اشتد عوده فحارب الأوزبك وانتصر عليهم, واتجه لتـأديب والي بغداد الذي أعلن خضوعه للعثمانيين، ولكن العثمانيين استطاعوا دخول العراق وضموا إليهم بغداد وطردوا الصفويين من العراق, وفي الوقت ذاته كان الأوزبك يتقدمون من الشرق في بلاد الصفويين, ودخلوا مدينة مشهد عاصمة خراسان, فاضطر طهماسب لأن يعقد صلحًا مع العثمانيين, وهدأت الأوضاع على الجبهتين الشرقية والغربية وتوفي طهماسب عام 984هـ وتولى بعده ابنه إسماعيل. وكان طهماسب شديد القسوة عديم الثقة بأي شخص حتى أبنائه، فقد حبس ابنه إسماعيل في السجن قرابة 25 عامًا ولم يخرج إلا بعدما توفي أبوه، وحدث صراع على السلطة بين أبناء طهماسب إسماعيل ومحمد وعباس، فتولى في البداية إسماعيل ثم قتل، ثم تولى (محمد خرابنك) لمدة 10 سنوات ثم تبعهم عباس عام 995هـ.
عباس:
استغل العثمانيون فترة الفوضى التي عمت الدولة الصفوية وضموا إليهم تبريز وأرمينيا وبلاد الكرج (جورجيا) والداغستان ففكر عباس في تهدئة الأوضاع على الجبهة الغربية للتفرغ للأوزبك في الجهة الشرقية, فنقل العاصمة إلى أصفهان وعقد معاهدة صلح مع العثمانيين اعترف فيها بضمهم للأراضي السابق ذكرها مع أذربيجان, واتجه لحرب الأوزبك فانتصر عليهم واقتطع جزءًا من أرضهم.
وبعد 15 عامًا من الصلح مع العثمانيين، وبعدما استتب له الأمر من جهة الشرق اتجه غربًا لقتال العثمانيين لاسترداد ما ضموه من الصفويين، وكان قد درب الإنجليز جنوده وأعدوهم جيدًا للقتال, واستغل عباس الثورات الداخلية في الأناضول, فهجم على الأراضي العثمانية المتاخمة له استطاع أن يضم تبريز وأرمينيا وجزءًا كبيرًا من أذربيجان، وقارص, واتجه إلى بغداد فلم يستطع دخولها فلجأ إلى المكر والخديعة مع حاكمها الذي يعطى الأولوية لمصلحته الشخصية, فتمكن من دخولها, وكان أمر البرتغال قد بدأ يضعف فاتفق عباس مع الإنجليز على طرد البرتغاليين من الخليج العربي, وتمكنوا من طردهم من هرمز عام 1031هـ وكان أيضًا شديد التعصب للمذهب الشيعي شديد الحقد على المسلمين السنة, وكان يتمنى لو يتحالف معه الأوربيون ضد العثمانيين، وكان شديد الغلظة فقد قتل ولده الكبير, وفقع أعين اثنين من أبنائه ومات عام 1037هـ، وتولى بعده حفيده صفي الدين.
صفي الدين:
بدأ الضعف يعرف طريقه للدولة الصفوية, فحاربهم العثمانيون واستردوا منهم العراق وبغداد, وعقد معاهدة بين الدولتين عام 1049هـ؛ لتحديد الحدود بينهما.
عباس الثاني:
تولى الحكم عام 1052هـ، وأهمل شئون الحكم.
سليمان الأول (صفى الثاني):
تولى عام 1077هـ، واستولى في عهده الهولنديون على جزيرة قشم, وضم الأوزبك خراسان وأغار حكام عمان (اليعاربة) على ميناء بندر عباس.
حسين الأول:
وهو ابن عباس الثاني, وفي عهده بدأت تظهر الحركات الأفغانية, فأعلن مير محمود بن أويس في هراه التمرد على الصفويين، واستطاع أن يضم مشهد عام 1135هـ, وأخذ يتوغل في الدولة الصفوية ودخل أصفهان عاصمتهم ولم يبق للصفويين إلا بعض الأجزاء الشمالية، واستغل الروس هذه الفرصة وأبدوا للشاه حسين الأول مساعدته ضد الأفغان, وهم في الحقيقة يريدون ضم المزيد من أراضي الدولة الصفوية، فأبدى الصفويون موافقتهم.