تحليل الشخص بوصفه قيمة حلل النص وناقشه بكالوريا مسلك العلوم الإنسانية؟
موقع bac "نت
أهلاً بكم طلاب وطالبات الباك 2023 في موقعنا باك نت الموقع التعليمي المتميز عن بعد لجميع مراحل التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي يسرنا بزيارتكم أن نقدم لكم إجابة السؤال //
تحليل الشخص بوصفه قيمة حلل النص وناقشه بكالوريا مسلك العلوم الإنسانية؟
كما عودناكم طلاب وطالبات المستقبل في موقعنا باك نت أن نقدم لكم من كتاب الطالب الإجابة النموذجية بمنهجية صحيحة للسؤال القائل...
تحليل الشخص بوصفه قيمة حلل النص وناقشه بكالوريا مسلك العلوم الإنسانية؟
.
وتكون على النحو التالي
تحليل الشخص بوصفه قيمة حلل النص وناقشه بكالوريا مسلك العلوم الإنسانية
الإجابة هي
ورد هذا النص في الامتحان الوطني الموحد للبكالوريا، مسلك العلوم الإنسانية[ الدورة العادية: 2009 ]، وهو
للفيلسوف الألماني كانط Emmanuel kant ( 1724-1804 )، مأخوذ من مؤلف له بعنوان: " أسس ميتافيزيقا الأخلاقFondemends de La Metaphysique des Moeurs ، ترجمة عبد الغفار مكاوي، منشورات الجمل، ألمانيا ص 109-110.
" إن الشخص الذي يفكر في الانتحار، سيسأل نفسه إن كان من الممكن أن يتفق مسلكه مع فكرة الإنسانية، بوصفها هدفا في ذاته، فإذا لجأ إلى تحطيم نفسه ليهرب من حالة مؤلمة، فإنه يستخدم بذلك شخصا كمجرد وسيلة تهدف إلى المحافظة على حالة محتملة إلى نهاية الحياة.
ولكن الإنسان ليس شيئا، وبالتالي ليس موضوعا يمكن ببساطة أن يُعامل معاملة الوسيلة، بل ينبغي النظر في كل أفعاله بوصفه دائما هدفا في حد ذاته، ومن ثم فلست أملك حق التصرف في الإنسان الكامن في شخصي، سواء كان ذلك بتشويهه، أو إفساده أو قتله...
إن الذي ينوي أن يعطى وعدا كاذبا للغير، سيدرك على الفور، أنه يريد أن يستخدم إنسانا آخر كوسيلة فحسب، بغير أن يحتوي هذا الإنسان الأخير في نفس الوقت على الغاية في ذاته ".
حلل(ي) النص وناقشه(يه)
1-مطلب الفهم:
إن وجود الإنسان كشخص ليس بالوجود العبثي، الفاقد لكل معنى، بل وجود له قيمة، أي وجود مرغوب فيه، وإذا كانت الأشياء والكائنات غير العاقلة تمتلك هي أيضا قيمة، أي خاصية ثابتة تجعل الإنسان يرغب فيها ويفضلها عن غيرها، فإن قيمتها هذه لا يمكن أن تكون لها وجود إلا بوجود الإنسان، فهو الذي يمنح الأشياء والكائنات غير العاقلة قيمة، حسب ما تملكه من خاصية تسمح بتحقيق أغراضه الخاصة، ويفقدها تلك القيمة حين تفتقر لما يحقق له أغراضه، بخلاف ذلك نجد الإنسان كشخص، يحمل قيمة في ذاته، قيمة أصيلة كامنة فيه، إلا أن البحث عن هذه القيمة السامية التي يحملها الإنسان كشخص، يصطدم بمشكل المعيار أو الخاصية الثابتة في الشخص التي تشكل هويته، وتجعله ذا قيمة وجديرا بالاحترام والتقدير، فمنذ اليونان حتى الآن، لم يتم الحسم في ما يشكل الهوية الحقيقية للشخص وبالتالي قيمته، فمواقف الفلاسفة والعلماء على السواء متباينة في هذا الشأن، ومتعددة بتعدد مكونات الشخص، وهاهو مضمون السؤال الذي أمامنا، يعيد طرح سؤال قيمة الشخص من جديد، متسائلا عن ما يحدد هذه القيمة، وهو الأمر الذي يجعل من موضوع هوية الشخص وقيمته موضوعا إشكاليا، يحمل مفارقات يمكن تبينها في التساؤل التالي:
إذا كانت القيمة la valeur في دلالتها العامة، هي الميزة الخاصة بشيء، والتي تجعل منه موضوع رغبة وتفضيل، فما هي هذه الميزة الخاصة أو الخاصية الثابتة في الشخص la Personne، والتي تجعل من وجوده كذات واعية ومريدة، ومسؤولة عن أفعالها، وجودا ذا قيمة، أي وجودا مرغوبا فيه، جديرا بالاحترام والتقدير؟ هل يستمد هذه القيمة من ذاته، أي من مكوناته الباطنية، الممثلة في الوعي والإرادة، أم من خارج الذات، أي من مكونات ظاهرية، متمثلة في الجسد وتركيبته البيولوجية والمحيط البيئي والاجتماعي، أم أن الفهم الحقيقي لمصدر هذه القيمة، لا يمكن أن يَتَأتى لنا إلا بالنظر إلى كل مكونات الشخص الظاهرية منها والباطنية، في تكاملها وتضافرها ؟
2-مطلب التحليل:
بالرجوع إلى مضمون هذا النص، يتبين أن الأطروحة التي تحكمه، هي تلك التي ترى في الشخص غاية في ذاته، لذا يستدعي الاحترام والتقدير، أي معاملته لا كوسيلة، وإنما كغاية في ذاته معنى هذا، أننا نستطيع أن نتخذ من الأشياء وسائل نستخدمها لتحقيق أغراضنا، لكن ليس من حقنا أن نعامل الأشخاص كوسائل ذاتية نفعية، لأن الإنسانية أو الذات البشرية، هي غاية في ذاتها Fin En Soi وليست وسيلة لتحقيق أغراض الآخرين، وهنا تكمن القيمة الأخلاقية للشخص، يبدو هذا الأمر واضحا من خلال القول التالي: " ولكن الإنسان ليس شيئا، وبالتالي ليس موضوعا يمكن ببساطة أن يُعامل معاملة الوسيلة، بل ينبغي النظر في كل أفعاله بوصفه دائما هدفا في حد ذاته يستدل النص على قوله هذا، بمجموعة من الحجاج أتت على شكل أمثلة من واقع الأنا كشخص، أمثلة تبين كيف ينبغي أن يحترم الشخص ذاته وذات الآخرين، المثال الأول الذي يسوقه صاحب النص، يتعلق بظاهرة الانتحار، قد تبدو هذه الظاهرة في منظور البعض عملا فرديا خالصا، ينتج عن أسباب نفسية مرضية أو اجتماعية اقتصادية، أو ما شابه ذلك، لكن صاحب النص، يرى فيها أنانية وجبن، وإساءة للإنسانية التي تجثم داخل ذاته، حقا يقول صاحب النص، أن الشخص الراغب في الانتحار، يود من خلال هذا الفعل أن يتخلص من حالة مؤلمة أصابته، لكنه بإقباله على هذا الفعل يكون قد عامل الإنسانية في شخصه، لا كغاية في ذاته وإنما كوسيلة، وبانتحاره يكون قد أساء للآخرين، وجرد بالتالي من ذاته، صفة الإنسان، ليصبح مجرد شيء أو بضاعة فاسدة لا تصلح لشئ، لهذا يقول صاحب النص، ليس من حقنا أن نتصرف في الإنسان الكامن في شخصنا، سواء كان ذلك بتشويهه أو إفساده أو قتله، فإذا كان الانتحار وسيلة لدى البعض، للانتهاء من شقاء الدنيا، فإنه ليس من الصواب أن أعامل نفسي، بطريقة تجعلها وسيلة للحصول على غاية أخرى، لذا لا ينبغي على الشخص تدمير ذاته، ومهما كانت دوافع هذا التدمير، فإن في ذلك تدمير للإنسانية جمعاء، خاصة حين يحاول الشخص أن يشرع بعقله لهذا الفعل، ليصبح قانونا كونيا.
فالشخص إذن، في منظور صاحب النص، لا يمكن أن يكون شخصا حقيقيا ويمتلك قيمة أخلاقية، إلا إذا جَنَّبَ نفسه تدمير ذاته والإنسانية التي تسكن داخله، والأمر ينسحب أيضا في تعامله مع الآخرين، وتعزيزا لموقفه هذا، قدم صاحب النص المثال الثاني المتمثل في الوعود الكاذبة التي يعطيها البعض للآخرين، فعندما يقوم شخص ما بهذا الفعل، فإنه يُظهر عدم احترامه للإنسانية التي تسكن ذوات الآخرين، فقد عامل في هذه الحالة الأشخاص الآخرين، لا كغايات في ذاتها، وإنما كوسائل تحقق منافع ذاتية، وفي هذا إنزال بالشخص إلى مستوى الكائنات غير العاقلة، هكذا يثبت صاحب النص، على أن البعد الأخلاقي القائم على مبدأ احترام الواجب نحو الذات والآخر، أي معاملته لا كوسيلة وإنما كغاية في ذاته، هو المحدد الجوهري لقيمة الشخص الأخلاقية، لكن هل يمكن الاطمئنان لهذا التصور كحل لإشكالية قيمة الشخص ؟ أفعلا أن البعد الأخلاقي بدلالته السالفة الذكر، هي المحدد الأساسي لقيمة الشخص، أم أن الأمر يستدعي منا البحث عن أبعاد أخرى لها دورها الوازن في تحديد هذه القيمة ؟
3-مطلب المناقشة:
يمكن اعتبار ما قدمه كانط من تصور حول مفهوم الشخص بوصفه قيمة، وهو الموقف المعبر عنه في النص، ذا أهمية فكرية وتاريخية لا يستهان بها، فهو بتنصيصه على البعد الأخلاقي في تشكيل هوية الشخص وقيمته، يكون قد تجاوز بذلك المواقف الطبيعية منها والعقلية في تصورها لهوية وقيمة الشخص، فهو لا يرى فيها إلا احتقار الإنسان لأخيه الإنسان، فعندما يحصر الموقف الطبيعي هوية وقيمة الشخص في بعده البيولوجي، فإنه لا يمنحه إلا قيمة مبتذلة( منحطة )، بحيث تصبح تصورات الأشخاص وتصرفاتهم الخارجية، مجرد انعكاس لحالتهم البيولوجية، أو انعكاس لمثيرات خارجية، وفي هذا احتقار للإنسان وإنزاله منزلة الحيوان أو الأشياء، كما أن الموقف العقلي الذي مثله على الخصوص الفيلسوف الفرنسي Rene Descartesروني ديكارت (1596-1650)، لم يرق-في نظر كانط- إلى مستوى فهم هوية وقيمة الشخص، ذلك أن العقل أو ملكة الفهم، وإن كان قد سما بالإنسان عن صنف الحيوان، فهو لم يرق به إلى مستوى الشخص، بل منحه فقط قيمة نفعية خارجية، والمعروف عن ديكارت صاحب " الكوجيطو: أنا أفكر إذن أنا موجود Cogito Ergo Sum Je pense, donc Je Suis ، أنه ذهب في جل مؤلفاته إلى اعتبار العقل الأداة التي تمكن الإنسان من معرفة ذاته كشخص ومعرفة العالم ووجود الله، وتمنحه قيمة، وتجعله يسمو عن باقي الكائنات الأخرى، التي يرتد سلوكها إلى الغريزة والانفعال، فلا وجود لإنسان كشخص في غياب العقل، وإذا وجد-في نظر ديكارت- فهو يصنف ضمن أقوام المجانين والمتوحشين والهمجيين، فقيمة الشخص في نظر ديكارت هي قيمة معرفية، وهو الأمر الذي تجاوزه كانط، بمنح الشخص قيمة أخلاقية، وهي القيمة نفسها التي دافع عنها الفيلسوف الفرنسي المعاصر Emmanuel Mounier( 1905-1950 ) بطريقته الخاصة في مؤلفه: " الشخصانية
Le Personnalisme ، فالموجود الإنساني في منظور مونيه، ليس شيئا بين الأشياء، وليس حزمة ميول سيكولوجية أو عوامل بيولوجية، أو قواعد اجتماعية، وليس ذاتا متعالية، بل إنه كائن من لحم ودم، يعيش مع أشخاص آخرين في عالم ملموس، يؤسس ذاته من خلال نفي فرديته وانفتاحه على الغير والعالم، إنه يمتاز بالاستقلال والالتزام والمشاركة في قيم عليا، وهذا ما يمنحه قيمة أخلاقية، نفس الحديث عن القيمة الأخلاقية للشخص، نجده عند الفيلسوف الأمريكي طوم ريغان Tom Regan( …- 1938 )، في مؤلفه الشهير: " قضية حقوق الحيوان "، لكن بنكهة جديدة، تنسجم مع الواقع الإنساني المعاصر، الذي يشهد انتشار ثقافة حقوق الإنسان، واهتماما متزايد بالمحيط البيئي، النباتي منه والحيواني، فإذا كان كانط قد أسس القيمة المطلقة للشخص على خاصية العقل، وبالضبط العقل الأخلاقي العملي، فإن طوم ريغان يعتبر هذا التأسيس غير كاف، وحجته في ذلك، أن هناك فئات من الناس يقصيهم التحديد الأخلاقي الكانطي، ما دامت لا تتوفر فيهم الخاصية الأخلاقية، مثل الأطفال والمرضى العقليين…الذين لا يجوز أن نعاملهم كمجرد وسائل ماداموا ليسوا أخلاقيين، بل يجب أن نحترم كرامتهم وقيمتهم الإنسانية الأصيلة التي يتوفرون عليها، باعتبارهم كائنات حاسة، إذ أنهم يعون ما يعتمل في حياتهم من مشاعر وأفكار ورغبات، كما يستمتعون بالنعيم ويتطلعون إلى تحقيق ما هو أفضل بالنسبة إليهم، فقيمة الشخص إذن في نظر طوم ريغان، تكمن في كونه ذاتا تستشعر حياتها، وليس في كونه ذاتا أخلاقية، ويمضي توم ريغان بهذا المبدأ إلى مداه الأقصى، فيخلص إلى أن جميع المخلوقات التي يمكنها أن تكون «قابلة للحياة»، كالنباتات والحيوانات، تمتلك قيمة أصلية في ذاتها، وتستحق أن تحترم مصالحها في عيش حياة أفضل، بحيث نصبح مطالبين بمعاملتها هي أيضا كغاية لا كمجرد وسيلة.
لكن بالرغم من أهمية هذا التصور الفلسفي الكلاسيكي منه والمعاصر للشخص بوصفه قيمة، فإنه يبدو - في نظر علماء الاجتماع – غير كاف لملامسة الواقع الفعلي للشخص، الذي هو في الأصل واقع اجتماعي قبل أن يكون واقعا عقليا أو أخلاقيا، ذلك أن الشخص هو قبل كل شيء، فرد في مجتمع، تحكم تصرفاته وسلوكياته ضوابط وأدوار اجتماعية، مُنظِّمة للثقافة السائدة في مجتمعه، فالمؤسسات الاجتماعية هي التي تصف كيف يجب أن يسلك الشخص، وكيف يجب أن ينظر إلى نفسه، وذلك بهدف دمجه في حياة المجتمع ونظامه حتى يحافظ هذا الأخير على توازنه واستمراريته، وهذا الأمر لا يمكن أن يتم إلا بواسطة ما يسميه علماء الاجتماع ب "التنشئة الاجتماعية " التي لها الدور الريادي في إضفاء طابع الإنسانية على الإنسان، بحيث تهيِّئُ الفرد لتحمل وظائف وأدوار اجتماعية، للمساهمة في الحفاظ على استقرار المجتمع، فالإنسان كشخص-في نظر علماء الاجتماع- خارج الدائرة الاجتماعية، هو مجرد عينة بيولوجية تتحرك بقوة الغريزة، ، فبواسطة التنشئة الاجتماعية تتحدد هوية الشخص، وتتحدد الأدوار الاجتماعية التي سوف ينهض بها داخل المجتمع، وبقدر إتقانه لهذه الأدوار والتزامه بالمبادئ الأخلاقية المطلوبة اجتماعيا، تتحدد قيمته الاجتماعية، وفي هذا الأمر يقول المفكر الأمريكي جون راولز John Rawls ( 1921-2002 ) في كتابه " نظرية العدالة: " منذ اليونان، فُهِم الشخص باعتباره ذلك الكائن القادر على المشاركة في الحياة الاجتماعية، أو على لعب دور معين، ومن ثم توفره على قدرة التأثير واحترام مختلف الحقوق والواجبات، بهذا المعنى نقول إن الشخص مواطن، أي أنه عضو اجتماعي كامل النشاط عبر كل حياته... "، هكذا يرى راولز أن قيمة الشخص لا يمكن أن تتحقق إلا في حدود انتماء الشخص إلى نظام اجتماعي يقوم على فكرة العدالة، التي تجعل من الأشخاص كائنات حرة، و متعاونة مع بعضها البعض، وهذا التعاون لا يتحقق، إلا إذا حاول كل شخص أن يعي أهمية الحياة الاجتماعية، ويستوعب دوره في هذا الإطار ككائن يُعَوَّل عليه بأن يكون عضوا اجتماعيا فاعلا، ومواطنا صالحا، يظهر حقيقته ككفاءة عقلية و أخلاقية تحترم الواجبات والحقوق، وتتمسك بحس العدالة الذي يجعلها تفهم فهما سليما أهمية الواجب، وتسعى دائما إلى حب الخير في كل ما له علاقة بالحياة الإنسانية، وذلك عندما تحترم التزاماتها، وتفهم ما لها و ما عليها.