الحرية هي حق فعل ما تبيحه القوانين تحليل نص الحرية والقانون
تحليل قولة فلسفية حول الحرية والقانون . نص الحرية هي حق فعل ما تبيحه القوانين
مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم في موقع باك نت.baknit الموقع التعليمي المتميز والمتفوق بمنهجية الإجابة الصحيحة والنموذجية من مرحلة التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي bac 2023 كما يسرنا بزيارتكم أن نقدم أهم المعلومات والحلول وأفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية 2022 2023 وكما عودناكم أعزائي الزوار في صفحة موقع باك نت أن نطرح لكم ما تبحثون عنه وهو ......الحرية هي حق فعل ما تبيحه القوانين تحليل نص الحرية والقانون
. وتكون الإجابة على سؤالكم هي على النحو التالي
III. الحرية والقانون
تحليل قولة فلسفية:
“الحرية هي حق فعل ما تبيحه القوانين”
إن السياسة والأخلاق لا يتناقضان، بل يترابطان، فإذا كانت السياسة تتوخى تدبير الشأن العام، فالإخلاق أيضا تراعي القواعد الأخلاقية التي من خلالها ينظم الشأن العام الإجتماعي والسياسي، كما تراعي توجيه السلوك الإنساني نحو فعل الخير والامتناع عن الشر. من هنا كانت الحاجة إلى جهاز الدولة، الذي يتخذ من الحرية غاية من غاياته الجوهرية، حيث أن الحرية من بين أسمى الغايات الإنسانية. لكن مفهوم الحرية يرتبط بمفهوم القانون، ما يدفع إلى التساؤل عن العلاقة بينهما، وإن كان القانون يسمح بممارسة الحرية، أم أنه معيق لها. وأيضا إن كان القانون يسمح بحرية مطلقة أم أنه يقيدها وفق قواعد وضوابط. إذن، ما الحرية؟ وما القانون؟ وهل يسمح القانون بممارسة الحرية، أم أنه يعيقها؟ وهل القانون بقواعده وضوابطه يسمح بحرية مطلقة أم أنه يقيدها؟ وهل يمكن تصور حرية خارج إطار القانون؟
يتضح من خلال قراءة القولة والتمعن في مضمونها، أنها تؤكد على كون الحرية حقُ فعلِ ما تبيحه القوانين، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على أن الحرية مقيدة بالقوانين. فإذا كانت الحرية هي القدرة على الفعل أو الإمتناع عنه، فإن ذلك الفعل مقيد بالقوانين التي تفيد مجموع القواعد والضوابط المتواضع عليها، التي تروم تنظيم العلاقات بين أفراد المجتمع. أيضا، فالحرية باعتبارها حق الفعل ليست حرية مطلقة وإنما حرية مؤسسة على القانون وعلى المؤسسات. لكن كيف تكون الحرية هي فعل ما تبيحه القوانين؟ في هذا الصدد يمكن الإستئناس بما قدم أحد فلاسفة الأنوار وهو مونتسكيو، الذي ذهب في كتابه روح القوانين إلى أن الحرية لا يمكن فهمها إلا داخل إطار القانون، كما أنها لا تربط بإرادات الأفراد المتعددة، وإنما بالقوانين وحدها. يقول مونتسكيو: “إذا ما استطاع أحد من الناس أن يصنع ما تحرمه القوانين سيفقد الحرية، وذلك لإمكان قيام الآخرين بمثل ما فعل” لذا يرى موتسكيو أن الحرية تحتاج إلى حدود، وهذه الحدود هي القوانين المسطرة من طرف المجتمع. لكن، يمكن أن تكون تمارس السلطة بشطط، لذلك يدعو مونتسكيو إلى الفصل بين السلط التشريعية و السلطة التنفيذية، فجمعهما في يد شخص واحد أو هيئة واحدة قد يؤدي إلى الإستبداد، وإصدار الأحكام اعتباطيا، وبالتالي غياب الحرية السياسية.
خلاصة القول أن الحرية باعتباره الحق في الفعل، مرتبطة بالقوانين التي تقيد الحرية، ولا تجعلها حرية مطلقة في الفعل، وبالتالي فالقانون ضامن للحرية. لكن هل القوانين فعلا ضامنة للحرية أم أن يمكن أن تكون عكس ذلك؟
إن القول بارتباط الحرية بالقوانين، وتقيد الحرية بقوانين يسنها أفراد المجتمع، يجعل من موقف الأطروحة موقفا قيما وذو أهمية، حيث أن الحرية المطلقة ستؤدي إلى الفوضى، وهي الحالة التي كانت سائدة في حالة الطبيعة، الحالة التي كانت فيها الحرية حرية مطلقة، وكان كل فرد يسلك وفق طبيعته وأهوائها. إلا أن القوانين يمكن أن تكون قوانين غير عادلة، وبالتالي لن تسمح بالحرية، وإنما بالإستبداد. فهل القانون ضامن للحرية فعلا؟ بما أن الحرية المطلقة هي ميزة حالة الطبيعة ، وأن هذه الحرية هي تهديد للإنسان، فقد ذهب فلاسفة عصر الأنوار إلى ربط الحرية بالمجتمع المدني والقوانين، والخروج عن القوانين لن يؤدي إلا إلى الفوضى. فطوماس هوبز مثلا يقر بضرورة القانون حيث يقول: “صحيح أن كل فرد يتمتع خارج المجتمع المدني بحرية كاملة، لكنها حرية غير مجدية، لأنها في الوقت الذي تمنحنا امتياز فعل كل ما نهواه، تمنح الآخرين قوة إيذائنا كما يريدون، لكنها عندما تكون تحت حكومة دولة قائمة، فإن كل شخص لا يتمتع بالحرية إلا بالقدر الذي يكفيه منها كي يحيى حياة يسيرة”. نفس القول المؤكد على ضمان القانون للحرية أكدت عليه حنا آرندت، تقول أرندت: “إننا نعي أولا، الحرية أو نقيضها، عندما ندخل في علاقة مع غيرنا، وليس في علاقتنا مع ذواتنا، فالحرية قبل أن تصبح صفة للفكر أو سمة من سمات الإرادة، قد تم فهمها باعتبارها وضعا للإنسان الحر، الذي يسمح له فيه بالتنقل وبالخروج من منزله، وبالتجوال في العالم والإلتقاء بغيره…” وبالتالي فالحرية حسب آرندت هي فعالية، مرتبط بالمجالي السياسي والإجتماعي، ولا حديث عن حرية خارج هذا الإطار. لكن هذا الموقف لم يكن ليروق لبعض المفكرين الذي يرون في القوانين تضييقا لمجال الحرية، وفي هذا الصدد يمكن أن نستحضر موقف الفيلسوف الألماني ماكس سترنر Max Stirner الذي يقول:
إن الدولة لا تروم إلا غاية واحدة: تقييد واستبعاد الفرد”.
وهو نفس تصور الفلسفة الماركسية للدولة ولقوانينها.
هكذا نخلص إلى أن الحرية مرتبط أشد الإرتباط بالقانون، فغياب القانون سيؤدي إلى الفوضي والإقتتال وبالتالي إلى القضاء على الحرية، سواء كانت حرية اجتماعية أو سياسية. لكن ارتباط الحرية بالقانون لا يعني أن يكون القانون على حساب الحرية، فالقانون الذي يؤسس للحرية هو القانون العادل الذي يحترم المواطنين، وغير ذلك يكون القانون عائقا أمام الحرية. بهذا يظهر لنا كيف أن الحرية غاية إنسانية وقيمة أخلاقية سامية، يتوخى الجميع تحقيقها وبلوغها.