خطبة صلاة عيد الفطر المبارك بتاريخ 1 من شوال 1444هـ
خطبة صلاة عيد الفطر المبارك
بتاريخ 1 من شوال 1444هـ
] وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ[
الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، مَنِ اتَّقَاهُ وَقَاهُ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ كَفَاهُ، وَكَفَى بِاللهِ وَكِيلًا، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ، خَيْرُ الْخَلْقِ وَأَهْدَى الْعَالَمِينَ سَبِيلًا، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الَّذِينَ جَاهَدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا.
اللهُ أَكْبَـرُ، اللهُ أَكْبَـرُ، اللهُ أَكْبَـرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَـرُ، اللهُ أَكْبَـرُ، وَلِلَّهِ الحَمْدُ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ، وَاعْمَلُوا بِطَاعَتِهِ وَرِضَاهُ، ]يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا[ [النساء:1].
عِبَادَ اللهِ:
إِنَّ نِعَمَ اللهِ عَلَى الْعِبَادِ كَثِيرَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ، وَأَفْضَالَهُ عَلَيْهِمْ مُتَعَدِّدَةٌ مُتَوَافِرَةٌ؛ قَالَ تَعَالَى: ]أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً[ [لقمان:20].
وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللهِ عَلَيْنَا الْيَوْمَ: أَنْ بَلَّغَنَا إِتْمَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَوَفَّقَنَا لِصِيَامِهِ وَقِيَامِهِ؛ قَالَ تَعَالَى: ]وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ[ [البقرة:185].
أَمْنٌ وَأَمَانٌ، عَافِيَةٌ وَصِحَّةٌ وَاطْمِئْنَانٌ؛ فَاسْتَشْعِرُوا مِنَّةَ اللهِ عَلَيْكُمْ، وَاشْكُرُوا فَضْلَهُ الْعَمِيمَ لَدَيْكُمْ؛ قَالَ تَعَالَى: ]يَاأَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ[ [فاطر:3].
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ: (الشُّكْرُ يَكُونُ بِالْقَلْبِ خُضُوعًا وَاسْتِكَانَةً، وَبِاللِّسَانِ ثَنَاءً وَاعْتِرَافًا، وَبِالْجَوَارِحِ طَاعَةً وَانْقِيَادًا).
اللهُ أَكْبَـرُ، اللهُ أَكْبَـرُ، اللهُ أَكْبَـرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَـرُ، اللهُ أَكْبَـرُ، وَلِلَّهِ الحَمْدُ.
مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ:
إِنَّ يَوْمَكُمْ هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، وَعِيدٌ كَرِيمٌ، يَوْمُ فَرَحٍ وَسُرُورٍ، وَسَعَادَةٍ وَحُبُورٍ؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ، وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ]. فَهَا نَحْنُ الْيَوْمَ نَفْرَحُ بِفِطْرِنَا، وَنَبْتَهِجُ بِإِتْمَامِ شَهْرِنَا، وَالْفَرَحُ الْأَكْبَرُ الَّذِي نَرْجُوهُ حِينَ نَقْدَمُ عَلَى رَبِّنَا، فَنَرَى مَا أَعَدَّهُ لَنَا جَزَاءَ صِيَامِنَا؛ فَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يَدْخُلُ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَدْخُلُونَ مِنْهُ، فَإِذَا دَخَلَ آخِرُهُمْ، أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].
وَمَا أَسْعَدَ ذَلِكَ الْمَوْقِفَ حِينَ يَقُولُ اللهُ لِعِبَادِهِ الْمُتَّقِينَ: ]كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ[ [الحاقة:24]!!. قَالَ مُجَاهِدٌ رَحِمَهُ اللهُ: (الْأَيَّامُ الْخَالِيَةُ هِيَ أَيَّامُ الصِّيَامِ، أَيْ: كُلُوا وَاشْرَبُوا بَدَلَ مَا أَمْسَكْتُمْ عَنِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ لِوَجْهِ اللهِ).
اللهُ أَكْبَـرُ، اللهُ أَكْبَـرُ، اللهُ أَكْبَـرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَـرُ، اللهُ أَكْبَـرُ، وَلِلَّهِ الحَمْدُ.
إِخْوَةَ الإِيمَانِ:
عِيدُنَا هَذَا عِيدُ عِبَادَةٍ وَتَكْبِيرٍ وَصَدَقَةٍ، وَاجْتِمَاعٍ وَتَوَاصُلٍ، وَفَرَحٍ وَسُرُورٍ؛ فَيَنْبَغِي عَلَى الْمُؤْمِنِ فِيهِ أَلَّا يُفَرِّطَ فِي الْتِزَامِ أَوَامِرِ اللهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ، وَأَنْ يَسْتَمِرَّ عَلَى الطَّاعَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فِي رَمَضَانَ، فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَلَامَاتِ قَبُولِ الْأَعْمَالِ؛ قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: (إِنَّ مِنْ جَزَاءِ الْحَسْنَةِ الْحَسَنَةَ بَعْدَهَا، وَمِنْ عُقُوبَةِ السَّيِّئَةِ السَّيِّئَةَ بَعْدَهَا، فَإِذَا قَبِلَ اللهُ الْعَبْدَ فَإِنَّهُ يُوَفِّقُهُ إِلَى الطَّاعَةِ، وَيَصْرِفُهُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ).
أَلَا وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الْعِبَادَاتِ الَّتِي أُمْرِنَا بِهَا، لَا سِيَّمَا فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ: إِصْلَاحَ ذَاتِ الْبَيْنِ، وَتَرْكَ التَّشَاحُنِ وَالتَّبَاغُضِ وَالشِّقَاقِ؛ فَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ, وَالصَّلَاةِ, وَالصَّدَقَةِ» ، قَالُوا: بَلَى، قَالَ: «صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ؛ فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ]. وَمَعْنَى الْحَالِقَةِ: أَيْ: تَحْلِقُ الدِّينَ، فَيَنْبَغِي عَلَى كُلِّ مُتَخَاصِمَيْنِ الْيَوْمَ أَنْ يُصْلِحَا ذَاتَ بَيْنِهِمَا، وَأَنْ يُطَهِّرَا قُلُوبَهُمَا، وَأَنْ يُبَادِرَا بِفَتْحِ بَابِ التَّوَاصُلِ بَيْنَهُمَا، مُسْتَحْضِرَيْنِ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ، إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ].
أَفَاضَ اللهُ عَلَيَّ وَعَلَيْكُمْ مِنْ بَرَكَاتِ هَذَا الْعِيدِ، وَجَعَلَنَا بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالْمَزِيدِ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَلِيَّ الْعَظِيمَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الصَّادِقُ الْأَمِينُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي خَلَقَكُمْ، وَاسْتَعِينُوا عَلَى طَاعَتِهِ بِمَا رَزَقَكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ كَمَا أَمَرَكُمْ، يَزِدْكُمْ مِنْ فَضْلِهِ كَمَا وَعَدَكُمْ.
اللهُ أَكْبَـرُ، اللهُ أَكْبَـرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَـرُ، اللهُ أَكْبَـرُ، وَلِلَّهِ الحَمْدُ.
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:
إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَا يَتَقَرَّبُ بِهِ الْعَبْدُ إِلَى رَبِّهِ: أَدَاءَ مَا افْتَرَضَهُ عَلَيْهِ مِنَ الْوَاجِبَاتِ، وَمِنْ ذَلِكَ: الْمُبَادَرَةُ إِلَى قَضَاءِ مَا أَفْطَرَهُ مِنَ الصِّيَامِ لِعُذْرٍ مَتَى اسْتَطَاعَ إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا، وَعَدَمُ تَأْخِيرِهِ دُونَ سَبَبٍ؛ فَإِنَّ الْمَرْءَ لَا يَدْرِي مَتَى يَحِينُ أَجَلُهُ؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ قَالَ: وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ]. وَمِنَ النَّوَافِلِ الَّتِي يَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَلَّا يُفَرِّطَ فِي تَحْصِيلِهَا وَالظَّفَرِ بِعَظِيمِ أَجْرِهَا: صِيَامُ السِّتِّ مِنْ شَوَّالٍ؛ فَأَجْرُ صِيَامِهَا مَعَ صِيَامِ رَمَضَانَ يَعْدِلُ أَجْرَ صِيَامِ سَنَةٍ؛ فَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].
أَيَّتُهَا الْمُؤْمِنَاتُ:
لَقَدْ مَنَحَ الْإِسْلَامُ الْمَرْأَةَ قِيمَةً عَظِيمَةً، وَكَرَّمَهَا أُمًّا وَبِنْتًا وَزَوْجَةً وَأُخْتًا؛ لِمَا لَهَا مِنْ أَهَمِّيَّةٍ فِي حِمَايَةِ وَبِنَاءِ الْمُجْتَمَعِ، وَتَنْشِئَةِ جِيلٍ صَالِحٍ يَنْهَضُ بِالْأُمَّةِ إِلَى مَرَاقِي التَّقَدُّمِ وَالْعُلُوِّ، فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْمُسْلِمَةِ: أَنْ تَتَّقِيَ اللهَ وَتَرْعَى حُقُوقَهُ وَتَحْفَظَ حُدُودَهُ، وَتَتَمَسَّكَ بِتَعَالِيمِ دِينِهَا وَحِجَابِهَا وَحِشْمَتِهَا، وَتَحْذَرَ مِنْ مَسَالِكِ الْمُنْحَرِفِينَ، الَّذِينَ يُرِيدُونَ طَمْسَ هُوِيَّتِهَا وَتَدْنِيسَ كَرَامَتِهَا، وَلْيَـكُنْ لَكُنَّ فِي أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ أُسْوَةٌ، وَفِي بَنَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُدْوَةٌ.
الدعاء
لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة