مقالة حول معايير الحقيقة خاصة المنفعة والنجاح {المذهب البرغماتي } بطريقة إستقصاء بالوضع
شعبة أداب وفلسفة سنة ثانية وتقني باك
بكالوريا 2022 2023 bac الجزائر
أهلاً بكم طلاب وطالبات الباك 2023 في موقعنا باك نت .baknit.net الموقع التعليمي المتميز والمتفوق بمنهجية موضوع النص الفلسفي الجدلية والمقارنة والاستقصاء بالوضع كما نقدم لكم بقلم أستاذ الفلسفة الاجابة الصحيحة لجميع دروس والمقالات الفلسفية المتوقعة والمقترحة في باك جميع الشعب الفلسفية كما نقدم لكم الأن أعزائي الطلاب والطالبات مقالة مختصرة وهي إجابة السؤال .... مقالة حول معايير الحقيقة خاصة المنفعة والنجاح {المذهب البرغماتي } بطريقة إستقصاء بالوضع
وتكون اجابتة الصحية هي التالي
مقالة حول معايير الحقيقة خاصة المنفعة والنجاح {المذهب البرغماتي } بطريقة إستقصاء بالوضع
طرح المشكلة :
إن الإنسان مفطور بفضوله ورغبته في البحث عن الحقيقة ، والكشف عن أسرار هذا الوجود ، الأمر الذي جعل الإنسان لا يرضى قانعا بما لديه مكتفيا بمشاهدة ما يحدث أمامه من ظواهر وحوادث ، بل أخذ على عاتقه محاولة تفسيرها ومعرفة قوانينها المتحكمة فيها ، وسعيه هذا لم يقتصر على الواقع المادي الحسي بل تجاوزه إلى عالم ما بعد الطبيعة ، وهذا كله من أجل الوصول إلى الحقيقة باعتبارها أقصى ما يبحث عنه الإنسان ، وقد كانت هذه الأخيرة من المسائل الفلسفية التي كثر حولها الخلاف والجدل بين الفلاسفة والمفكرين خاصة ما تعلق بمقاييسها أو معاييرها ، ولقد شاع لدى بعض الفلاسفة أن معيار الحقيقة هو البداهة والوضوح وعن طريقها يميز الإنسان بين الصواب والخطأ ، إلا أن هناك فكرة أخرى تناقضها وهي أن معيار الحقيقة هو المنفعة والنجاح في الحياة العملية وهذه الفكرة تدفعنا إلى قبولها وعدم الشك فيها ، ومنه كيف يتسنى لنا إثباتها ؟ وما السبيل إلى إثباتها ؟ وما هي الحجج والبراهين التي تثبتها وتؤكدها ؟
*محاولة حل المشكلة :
*عرض منطق الأطروحة : يرى أنصار هذه الأطروحة وعلى رأسهم أقطاب الفلسفة البراغماتية أمثال" تشارلز بيرس" "ووليام جيمس" و"جون ديوي" إلى أن معيار الحقيقة هو المنفعة لأن الفكرة الصحيحة هي التي تؤدي إلى النجاح في الحياة العملية فالحكم يكون صادقا متى دلت التجربة على أنه مفيد نظريا وعمليا، وبذلك تعتبر المنفعة المحك الوحيد لتمييز صدق الأحكام من باطلها، حيث يقول" بيرس" : (( إن الحقيقة تقاس بمعيار العمل المنتج، أي أن الفكرة خطة للعمل أو مشروع له وليس حقيقة في ذاتها )) ويقول أيضا : (( إن كل فكرة لا تنتهي إلى سلوك عملي في الواقع تعتبر فكرة باطلة ...)).إذن فالنتائج أو الآثار التي تنتهي إليها الفكرة هي الدليل على صدقها أو هي مقياس صوابها، وإذا أردنا أن نحصل على فكرة واضحة لموضوع ما فما علينا إلا أن ننظر إلى الآثار العملية التي نعتقد أنه قادر على أن يؤدي إليها والنتائج التي ننتظرها منه. حيث يقول "وليام جيمس": (( إن كل ما يؤدي إلى النجاح فهو حقيقي، وإن كل ما يعطينا أكبر قسط من الراحة وما هو صالح لأفكارنا ومفيد لنا بأي حال من الأحوال فهو حقيقي )). ويقول أيضا: (( الحق ليس التفكير الملائم لغاية، كما أن الصواب ليس إلا الفعل الملائم في مجال السلوك )).ويقول : ((إن آية الحق النجاح وآية الباطل الإخفاق فالفكرة الصادقة هي التي تؤدي بنا إلى النجاح في الحياة ...)).ويقول في موضع آخر : ((أسمي الفكرة صادقة ين أبدأ بتحقيقها تجريبيا وإذا ما انتهيت من التحقيق سميتها نافعة )).
*عرض منطق الخصوم ونقدهم :
يرى أصحاب هذا الاتجاه وعلى رأسهم " ديكارت" "وسبينوزا" إلى أن الوضوح أساس ومعيار الأحكام اليقينية والصادقة لأنه هو الذي يجعلها لا تحتمل الشك ولا تحتاج إلى إثبات على صدقها ، بمعنى أن الحكم الصادق يحمل في طياته معيار صدقه وهو الوضوح الذي يرتفع فوق كل شيء، ويتجلى هذا في البديهيات الرياضية التي تبدو ضرورية واضحة بذاتها كقولك الكل أكبر من الجزء أو أن الخط المستقيم هو أقصر مسافة بين نقطتين، ولقد كانت أول قاعدة في المنهج الذي سطره ديكارت ألا يقبل مطلقا شيئا على انه حق ما لم يتبين بالبداهة أنه كذلك، وان لا يأخذ من أحكامه إلا ما يتمثله عقله بوضوح تام وتمييز كامل بحيث لا يعود لديه مجال للشك فيه، حيث يقول :((لا يصدق إلا ما هو بديهي )) ويقول أيضا : ((لاحظت أنه لا شيء في قولي أنا أفكر إذا أنا موجود يضمن لي أني أقول الحقيقة إلا كوني أرى بكثير من الوضوح أن الوجود واجب التفكير، فحكمت بأنني أستطيع اتخاذ قاعدة عامة لنفسي، وهي أن الأشياء التي نتصورها تصورا بالغ الوضوح والتمييز هي صحيحـة كلها )) ، ونفس الفكرة نجدها عند " سبينوزا " حيث يرى أنه ليس هناك معيار للحقيقة خارج عن الحقيقة، فهو كما يقول: ((هل يمكن أن يكون هناك شيء أكثر وضوحا ويقينا من الفكرة الصادقة يصلح أن يكون معيارا للحقيقة؟ فكما أن النور يكشف عن نفسه وعن الظلمات كذلك الصدق هو معيار نفسه ومعيار الكذب)).
*نقدهم :
إن إرجاع الحقيقة كلها إلى الوضوح يجعلنا نلجأ إلى معيار ذاتي للحقيقة، قد نحس بأننا على صواب في أحكامنا على أساس البداهة والوضوح، ولكن قد يحدث أن يقف أحدنا بعد ذلك على خطئه، وقد يحدث لأحدنا أن يرى بديهيا ما يتوافق مع تربيته وميوله واتجاهاته الفكرية، كما يمكن أن تكون الفكرة واضحة لصاحبها ولكنها غير واضحة وغامضة لدى الآخرين ، ففكرة أن الأرض تدور حول الشمس كانت واضحة بالنسبة ل: "غاليلي" لكنها كانت غامضة عند مجتمع الكنيسة ، كما أن العالم "هارفي" عندما اكتشف الدورة الدموية كانت الفكرة واضحة لديه لكنها رفضت من قبل مجتمعه وبقيت أكثر من أربعين سنة غير مقبولة ، هذا ما يؤكد أن ما هو واضح لدى هذا الفرد يمكن أن يكون غامضا لدى الآخرين ، فلا يمكن اتخاذ عامل البداهة معيارا للحقيقة وهي أطروحة مرفوضة وغير مقبولة .
الدفاع عن منطق الأطروحة بحجج شخصية :
أعتقد أن الواقع العملي يؤكد أن النجاح لا نصل إليه بأفكار فارغة من مضمونها العملي ، بل هو نتيجة عن الأفكار الحيوية التي توجه الإنسان نحو العمل ، لذلك فالتفكير هو أولا وأخيرا من أجل العمل ويقول" جون ديوي " : (( إن كل ما يرشدنا إلى الحق فهو حق )) والبراغماتية شعار اتخذته الولايات المتحدة عنوانا لسياستها لذلك فلسان حالها يقول : (( ليس لدينا أصدقاء دائمون ولا أعداء دائمون بل مصلحة دائمة)) فغزو العراق بالنسبة ل الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر فكرة صادقة نظرا للمنفعة المترتبة عنها " الاستيلاء على النفط "
*حل المشكلة :إن الأطروحة القائلة أن : ((الحق يقاس بمعيار العمل المنتج )) أطروحة صحيحة لأنها فكرة عملية تدفع بفكر الإنسان نحو تحقيق منافع ومصالح في حياته وهذا ما أكده وليام جيمس في قوله : إن كل ما يؤدي إلى النجاح هو حقيقي )).