تحليل قصيدة بعيدا عن جيكور سنة ثانية باك، تحضير نص بعيدا عن جيكور
تحليل قصيدة بعيدا عن جيكور
مرحباً اعزائي طلاب وطالبات جذع مشترك آداب وعلوم إنسانية باك 2022 2023 يسرنا بزيارتكم في موقع باك نت baknit.net أن نقدم لكم من كتاب رحاب اللغة العربية تحضير وتحليل ملخص دروس ونصوص اللغة العربية للسنة الاولى والثانية جذع مشترك كما نقدم لكم الأن أعزائي طلاب وطالبات //. تحليل قصيدة بعيدا عن جيكور سنة ثانية باك، تحضير نص بعيدا عن جيكور
الإجابة هي كالتالي
تحليل قصيدة (بعيدا عن جيكور)
أولاـ تــمـهــيــد:
1ـ التعريف بشعر التفعيلة:
نظام وزني جديد، كسر نظام البيت القائم على نظام الشطرين، واستبدله بنظام السطر الشعري، مع الحفاظ على التفعيلة، باعتبارها النواة الأساسية للعروض العربي.
موضوعات الشعر الحديث: المدينة، الاغتراب، النضال والمقاومة.
2 ـ التعريف بشعر الاغتراب:
موضوعة الاغتراب في الشعر موضوعة قديمة، ليست حكرا على الشعر التفعيلي، ولكن الشاعر الحديث أولاها اهتماما كبيرا نظرا للظروف العصية التي مرت منها الأمة العربية في تاريخها المعاصر وبخاصة حدثي النكبة والنكسة. وقد عبر الشاعر الحديث على هذه الموضوعة، كما ذهب إلى ذلك الشاعر والناقد المغربي أحمد المعداوي، تحت عنوان تجربة الغربة والضياع، بعد التحول الكبير الذي شهده الواقع العربي بين 1948 و1967، ولم يعد معه الشاعر الحديث قادرا على التأقلم مع واقعه. ولا ننكر أن يمتزج هذا الأمر السالف مع دواعٍ ذاتية تذكي لدى الشاعر هذا الإحساس.
تحضير نص بعيدا عن جيكور تعريف صاحب النص :
بدْر شاكِر السيَّاب، شاعر عراقي ولد في قرَية جِيْكُور في محافظة البصرة، جنوب العراق في 25 ديسمبر 1926. يعتبر أحد مؤسسي الشعر الحر في العالم العربي. توفيت أمه وهو لازال بعد في السادسة من عمره. وعانى في شبابه من مرض أنهكه وأنحل جسده، وأرغمه على التنقل بين عواصم كثيرة طلبا للعلاج. وتوفي في 24 ديسمبر 1964
صدرت له مجموعات شعرية منها: أساطـير، حفار القبور، المومس العمياء، الأسلحة والأطفال، أنشودة المطر، المعبد الغريق، منزل الأقنان، أزهار وأساطير، شناشيل ابنة الجلبي، إقبال، إقبال وشناشيل ابنة الجلبي، قيثارة الريح، أعاصير، الهدايا، فجر السلام...
تحضير نص بعيدا عن جيكور ثانيا: مـــلاحــظــة الــنــص
أ- شكل النص :
انتظمت القصيدة في أسطر شعرية اختلفت طولا وقصرا، كما أنها جاءت في مقاطع شعرية (ثلاثة مقاطع)، مع تنويع في القافية والروي (الراء، اللام...)
ب- العنوان:
بعيدا: كلمة تحيل على معاني البعد والغربة.
جيكور: قرية في العراق، مسقط رأس الشاعر.
يحيل العنوان دلاليا على حياة الاغتراب التي يعيشها الشاعر، وهو بعيد عن قريته جيكور.
ج - السطران الأول، والأخير:
+السطر الأول: يشير إلى بعد الشاعر عن جيكور، وعن بيته وأطفاله.
+الأسطر الثلاثة الأخيرة: غربة الشاعر في شوارع لندن، وشوقه إلى أحبته وأهله.
د- فرضية النص :
من خلال المؤشرات السابقة نفترض أن النص عبارة عن قصيدة تفعيلية تتناول موضوع الاغتراب، فالشاعر يصور مظاهر غربته في لندن بعيدا عن قريته جيكور، بحثا عن الشفاء.
تحضير نص بعيدا عن جيكور ثالثا: فـــهــم الــنــــص
1- الفكرة العامة:
يصور الشاعر مشاعر الحزن والألم التي يعانيها، بفعل المرض الذي أقعده، وحياة الاغتراب التي يعيشها في لندن في سبيل البحث عن الشفاء، معبرا عن اشتياقه وحنينه الشديدين لأهله ووطنه.
2- مقاطع النص:
بعد قراءتنا للقصيدة واستنطاق معانيها يمكننا تقسيمها إلى ثلاثة مقاطع شعرية كالآتي:
• المقطع الشعري الأول:
وصف الشاعر مظاهر اغترابه، وهو بعيد عن قريته الهادئة الوديعة جيكور، فهو أضحى غير قادر على تحديد سبب معاناته، أهو البرد أم الجوع أم المرض.
• المقطع الشعري الثاني:
تأكيد الشاعر على أن المرض هو الذي منعه من الرجوع إلى بلدته، معبرا عن إحساسه الشديد بالضياع.
• المقطع الشعري الثالث:
وصف الشاعر مظاهر غربته في لندن طلبا للعلاج والاستشفاء، معبرا عن اشتياقه الشديد لأهله، وأحبته.
رابــعــا: تــــــحــلــيــل الــنــص:
1- عناصر النص وبناؤه:
أ- الحقول الدلالية المهيمنة في النص :
يتوزع معجم النص حقلان دلاليان، يحيل أولهما على المرض والثاني على الوحدة والغربة.
- الحقل الدال على المرض: (فإن الداء يشل خطاي، لولا الداء صارعت الطوى، الآلام، المستشفيات ...)
- الحق الدال على الغربة: (بعيدا عنك، عن بيتي وأطفالي، أشعر أني قد ضعت في الزحمة، فارقت داري، الوحدة...)
ويتضح أن العلاقة التي تجمع بين الحقلين هي علاقة سببية، فالمرض الذي اقعد الشاعر هو ما جعل يرتحل بعيدا عن جيكور بحثا عن الشفاء ليعيش على وقع الاغتراب. فهو يعيش اغترابا نفسيا وروحيا كبيرا.
ب- مظاهر رفض الشاعر للحياة في بلاد الغربة:
يعبر الشاعر في قصيدته عن مظاهر غربته، فهو لا يطيق هذه الحياة التي أجبره عليها الداء، ليعيش بعيدا عن بلدته وأهله، ويؤكد هذا عبارات كثيرة في القصيدة، منها:
• تشد مخالب الصوان والأسفلت والضجر على قلبي
• هنا لا طيرَ في الأغصان تشدو غير أطيار من الفولاذ
• أأصرخ في شوارع لندن الصماء: هاتوا لي أحبائي؟
• خذ بيدي على الغمة/ أعني، خفف الآلام عني واطرد الأحزان...
2- لغة النص وبلاغته:
أ- الصور الشعرية:
اعتمد الشاعر بدر شاكر السياب في بناء قصيدته هاته على مجموعة من الصور الشعرية والأساليب الانزياحية والرموز. يمكن توضيح ذلك على الشكل الآتي:
التشبيه: كأن الجوع أفظع: (من البرد) فالجوع: المشبه والبرد: المشبه به والأداة (كأن) ووجه الشبه: الفظاعة، فالشاعر يقابل بين فظاعة البرد وفظاعة الجوع، فجعل الجوع أفظع. وقد جاء الشاعر بهذه الصورة ليؤثر في المتلقي ويشركه في نفس الإحساس.
المجاز: تشد مخالب الصوان والأسفلت والضجر على قلبي.
شبه الشاعر الصوان والأسفلت والضجر بالحيوان المفترس، لكنه حذف المشبه به ورمز له بشيء من لوازمه (مخالب)، على سبيل الاستعارة المكنية، دلالة على الألم الذي يعتصر فؤاده، ويفترس قلبه، وهو بعيد عن جيكور، محاصرا بين شوارع لندن، ومتنقلا بين مستشفياتها بحثا عن أمل ضعيف في الشفاء.
ب- الأساليب اللغوية:
اعتمد الشاعر في قصيدته، مجموعة من الأساليب الخبرية والإنشائية، وكذا أسلوب الشرط.
• الأساليب الخبرية:
تشد مخالب الصوان/ فإن الداء يشل خطاي، قد ضعت...
نلاحظ غلبة الأسلوب الخبري على النص، وذلك لكون الشاعر يخبرنا بمظاهر غربته في شوارع لندن بعيدا عن قريته جيكور، وأهله وأحبته، ومعاناته مع المرض الذي أنهك جسده.
• الأفعال الدالة على الحركة والتحول:
ونسجل هيمنه واضحة للأفعال الدالة على الحركة والتحول (تمزق، يشل، يمر، أصرخ، ضعت، تهدر، تحمحم، تشدو...)، وذلك راجع إلى أن الشاعر يرصد مظاهر التحول الذي وقع في حياته وقلبها رأسا على عقب، بفعل المرض الذي جعله يذوق وبال الغربة والضياع.
• الأساليب الإنشائية:
وظف السياب مجموعة من الأساليب الإنشائية، لم تأت في مجملها بمعناها الأصلي، وإنما استلزمت معنى آخر. من بين هذه الأساليب:
- النداء في قوله "يا سكون الليل"، يا "أنشودة المطر"
وهو نداء غير حقيقي لأن المنادى غير عاقل، ودلالة ذلك أن الليل الساكن يزيد من وطأة الوحدة عليه، ويشعره بغربته، وعزف حبات المطر يذكي وحشته.
- الاستفهام في قوله "فهل أستوقف الخطوات؟"، أأصرخ في شوارع لندن الصماء: هاتوا لي أحبائي؟
وهو استفهام غير حقيقي أيضا، وإنما جاء به الشاعر ليؤكد به الحالة النفسية المترددة والحائرة التي يوجد عليها، فهو يفتقد أحبته، فرغم جمال لندن وضجتها ومغريات الحياة فيها، فهو يراها غريبة موحشة بسبب المرض والغربة.
• أساليب الشرط:
توسل الشاعر بأداة الشرط "لولا" التي تفيد امتناع شيء بسبب وجود شيء آخر في عبارات
"لولا الداء ما فارقت داري"، "لولا الداء صارعت الطوى والبرد والظلماء..."
فهو يؤكد من خلال هذه الأدوات على أن المرض ما جعله يغترب عن بلدته وأهله، ويذوق الجوع والبرد وظلمة الليل. فَعِلةُ المرض ما جنت عليه وعلى أطفاله من بعاد.
ج- الإيقاع الخارجي:
عمد الشاعر إلى كسر نظام البيت القائم على نظام الشطرين، واستبدله بنظام السطر الشعري، مع الحفاظ على التفعيلة، باعتبارها النواة الأساسية للعروض العربي، ونوع في القافية والروي ( اللام، الراء، النون...)
د- الإيقاع الداخلي:
عمد الشاعر إلى تكرار مجموعة من الألفاظ والعبارات في قصيدته، من بينها:
• تكرار التطابق: مخالب/ الجوع/ البرد/ عنك/ وهرة...
• تكرار التجانس: الوحمة/ لقمة – طير/ أطيار – الزهر/ زهرة...
• تكرار الصيغة الصرفية: المطر/ الحجر – الأحزان/ الأغصان....
==== غايته من ذلك تقريبنا من مظاهر غربته ومعاناته.
3- مقاصد النص وغاياته:
يكشف النص عن أبعاد يتداخل فيها النفسي، والاجتماعي والإنساني:
- البعد النفسي: يعبر الشاعر عن حالته النفسية بفعل غربته، والمرض الذي يعاني منه.
- البعد الإنساني: يتمثل هذا البعد في كون شعر الاغتراب، هو تجربة شعرية يحياها الشاعر وتثقل كاهله في واقع جديد لم يستطع التصالح معه نظرا لما طرأ عليه من تغيرات وتحولات مست مناحي الحياة بأكملها.
- البعد الفني: تجربة الاغتراب نجده متجذرة في الشعر العربي القديم فهي ليست وليدة الشعر، بل نستطع أن نجد تجلياتها عند كثير من الشعراء القدامى أبو العلاء المعري نموذجا.
تحضير نص بعيدا عن جيكور خامـســا: تــــــركـــــيــب الــنــص:
نصل أخيرا إلى القصيدة المدروسة آنفا "بعيدا عن جيكور" هي قصيدة تنتمي لشعر التفعيلة للشاعر بدر شاكر السياب، يصور فيها مشاعر الحزن والألم التي يعانيها، بفعل المرض الذي أقعده، وحياة الاغتراب التي يعيشها في لندن في سبيل البحث عن الشفاء، معبرا عن اشتياقه وحنينه الشديدين لأهله ووطنه. ولينقل الشاعر إلينا هذه التركيبة المعقدة من الأحاسيس والعواطف، اعتمد قالبا شعريا متميزا خرق فيه مقومات الشعر العربي القديم، من خلال توظيف لغة بسيطة سهلة، تهيمن عليها جملة من الألفاظ والتعابير المنتمية لحقلي المرض، والغربة، واعتمد نظام الأسطر الشعرية، مع التنويع في القافية والروي. كما استعان بمجموعة من الصور الشعرية الحديثة كالانزياح والرمز، مع طغيان للجمل الفعلية التي أضفت على القصيدة طابع الحركة والتحول. لتكون بذلك القصيدة نموذجا حيا لنماذج تجربة الاغتراب التي أضحى الشاعر المعاصر يعيشها، وكيف صارت تثقل كاهله في واقع جديد لم يستطع التأقلم معه نظرا لما طرأ عليه من تغيرات وتحولات مست مناحي الحياة بأكملها.