0 تصويتات
في تصنيف ملخصات دروس بواسطة (627ألف نقاط)

ما هي أدلة وجود الله عند الفلاسفة

أدلة وجود الله عند الفلاسفة

مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم في موقع باك نت.baknit الموقع التعليمي المتميز والمتفوق بمنهجية الإجابة الصحيحة والنموذجية من مرحلة التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي bac 2023 كما يسرنا بزيارتكم أن نقدم أهم المعلومات والحلول وأفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية 2022 2023 وكما عودناكم أعزائي الزوار في صفحة موقع باك نت  أن نطرح لكم ما تبحثون عنه وهو ....... أدلة وجود الله عند الفلاسفة

وتكون الإجابة على سؤالكم هي على النحو التالي 

أدلة وجود الله عند الفلاسفة

٢ من الأدلة على وجود الله تعالى

 ٢.١ الأدلة الفطرية

 ٢.٢ الأدلة الحسيّة 

٢.٣ الأدلة الشرعية

 ٢.٤ الأدلة العلمية

  اهتم الفقهاء ورجال الدين وعلماء الأديان بمسألة وجود الله عزّ وجلّ، وفي المجالات الفلسفية بيَّن الفلاسفة أنَّ إثبات وجود الله عز وجل يتطلب من البشر قدرات تصورية وعقلية، بينما في المجال الديني يرى العلماء ورجال الأديان على اختلاف أديانهم بأنّ برهان وجود الله عز وجل يكون من خلال الإيمان بالغيب، لهذا تثير هذه المسألة تساؤلات عديدة أهمها الأدلة على وجود الله، وللتعرف على بعضها إليكم هذا المقال. من الأدلة على وجود الله تعالى قبل تقديم الأدلة المختلفة على وجود الله تعالى، يجب أن نعرف أنه لا يوجد دليل مادي على وجود الله عز وجل، لأن الله تعالى غير منظور كما تشير وتبيِّن الديانات السماوية المختلفة، ولكن كلّ ما علينا أن نستنتج وجود الله من خلال مخلوقاته وخلقه الكوني، حيث تقسّم هذه الأدلة إلى ما يلي: الأدلة الفطرية تقود الفطرة إلى معرفة وجود الله عز وجل، لأنّ الفطرة السليمة تشهد بوجود الله تعالى ولا يُمكن أن يتغاضى الإنسان عنها إلا إذا كان عاصياً وبعيداً عن ربه، فإذا كان الإنسان يحس من تلقاء نفسه سيعلم أنَّ الله خالقه وربه، وسيشعر بحاجته إليه في المصائب والشدائد المختلفة. الأدلة الحسيّة جميع الأحداث الكونية التي تمر من حولنا تدل بشكلٍ واضح على وجود الله تعالى، ومن أهم هذه الحوادث حادثة الخلق، حيث خلق الله عز وجل جميع ما في الكون من كائنات بشرية، وأشجار، وبحار، وأنهار، وسماء، فمن المستحيل أن تتواجد هذه الأشياء صدفة، أو يتم خلقها بشكلٍ ذاتي، بل لها موجد أوجدها وخالق خلقه كما قال الله تعالى: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أم خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون) [الطور: 35-36]. كما أنَّ لله عزّ وجل أعطى كل مخلوق ما يناسبه، فمثلاً خلق الله الإبل قوية ومستوية الظهر لكي تكون قادرة على حمل الإنسان والأمتعة، والتنقل من مكان لآخر وتحمل المشاق الصعبة التي لا تستطيع الأسماك تحملها على سبيل المثال. الأدلة الشرعية جميع الشرائع في الكون تدل على وجود الخالق، وتدل على كماله وعلمه ورحمته وحكمته لأنّ هذه الشرائع لا يُمكن أن تصدر إلا عن مشرع يتصف بالكمال، وهو الله عزّ وجلّ. الأدلة العلمية قانون السبب والنتيجة: يُبين هذا القانون أنّ كلّ سبب له نتيجة وكلّ نتيجة لها مسبّب، وهذا هو أساس جميع العلوم، وله صلة وثيقة بخلق السماء والأرض، والدليل على وجود الله هو أنَّ ما له بداية وجود لا بدَّ وأن له سبباً لوجوده، وسبب وجود الكون لا بدَّ وأنه هو الله تعالى، لأنّ صفات سبب وجود الكون كونه غير مرتبط بزمن، وموجود خارج المكان هي من صفات الله عزّ وجلّ. قانون علم الغائية: هو عبارة عن دراسة مجموعة من الظواهر الطبيعية، لبيان الأهداف والأغراض أو الخطط كي نتوصل إلى مصمم الكون

إثبات وجود الله علمياً 

من أبرز الفتن التي ظهرت في هذا الزمان هي ظهور طائفة من الناس في الدول الإسلامية ينكرون وجود الله تعالى، مسندين ما يحدث في الكون إلى الطبيعة أو الصدفة، ويسعون إلى نشر هذا الفكر الباطل عن طريق وسائل الإعلام المختلفة، ومما ساعد على نشر أفكارهم الباطلة هو استغلالهم لضعف تمكّن عقيدة التوحيد عند الكثير من المسلمين، وللرد على هذه الفئة من الناس، هناك الكثير من الأدلة العلمية في هذا الكون تبطل ما يدَّعونه، وفيما يأتي بيان لبعض الأدلة العلمية في الردّ على منكري وجود الله بشكلٍ مفصل الماء واحد والأرض واحدة والنبات مختلف ومتعدد؛ فالمتأمل في ذلك يرى أن الماء ينزل من السماء على الأرض، فينبت الزرع المختلف في اللون والطعم والرائحة، ليتغذّى عليه الإنسان، وتخرج الحشائش والأعشاب لتكون غذاءً للحيوانات، فهل من الممكن أن تكون الطبيعة هي من فعلت ذلك؟! مراحل نمو الجنين في بطن أمه؛ حيث أثبتت الدراسات الحديثة أن الجنين يتكون في بطن أمه وفق مراحل منتظمة ودقيقة، فيكون نطفة، ثم علقة، ثم مضغة تامة الخلق أو غير تامة، ثم يتحول إلى عظام، ثم تُغطّى العظام باللحم، حتى يصل إلى مراحل الحركة قبل أن يخرج من بطن أمه، وهو ما جاء في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ)رؤية الله تعالى؛ فهم يقولون بأنه إن كان الله موجوداً حقاً فلا بد أن نراه كالشمس والقمر والجبال، ونردّ عليهم بأن الروح موجودة بالفعل لكنها غير مرئية، والعقل موجود لكنه غير مرئي، فهو يثبت وجود ما لم يره، وبالتالي عليه أن يقر بوجود الله على الرغم من عدم رؤيته له. يتميّز كل إنسان برائحة خاصة به، لا يمكن لها أن تتشابه مع رائحة إنسان آخر، كما يتميز كل واحد من البشر ببصمات الأصابع التي لا تتشابه مع بصمات أي إنسان آخر، وهو ما يدل على وجود خالق عظيم للإنسان. وجود كل هذه المخلوقات، وهذا دليل عقلي قاطع على وجود الله عز وجل، فهذه المخلوقات لا بدّ لها من خالق، قال تعالى: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ)،فهذه السحاب وهذا المطر والإنسان وكل المخلوقات لا بدّ لها من خالق وموجد، فهي لا تستطيع إيجاد نفسها بنفسها، ولم توجد من العدم، فثبت أن خالقها وموجدها هو الله تعالى خلق السماوات والأرض، ووجود السماء بغير عمد، وهذا الكون الفسيح الذي يتمدد ويبرد، وكيف فتق الله تلك السماوات والأرض لدليل عظيم على وجوده عز وجل، قال تعالى: (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ)،[١٠] وهذه المجرات وتلك الكواكب والشمس والقمر، وحركاتهم المنتظمة الدقيقة بلا كلل ولا ملل، تدلّ كل إنسان على وجود خالق عظيم لهذا الكون.

 أدلة وجود الله عند الفلاسفة

♧♧◇◇◇◇◇◇◇◇◇◇◇◇◇

 لعلّنا لا نجانب الصَّواب حين نقول أنَّ رجال الدّين اشتغلوا بالفلسفة حتّى تكون هذه الأخيرة خادمة للدّين. يدرك هذه المسألة كلّ من درس تاريخ الفلسفة الغربيّة في العصر الوسيط. فالفلاسفة المدرسيون سواءٌ كانوا أفلاطونيين أو أرسطيين، لم تكن إنتاجاتهم الفلسفيّة مستقلّة عن الدّين المسيحيّ.

 وقد بدأ القدّيس أوغسطين بالتَّفكير الفلسفيّ داخل الدّين المسيحيّ، فمهَّد لما عرف بـ“الأفلاطونيّة المسيحيّة”. وجاء بعده فلاسفة المرحلة السكولائيّة الأولى، فساروا على خطى أوغسطين، ثمَّ بعد ذلك في المرحلة الثانيّة من الفلسفة السكولائيّة نصّر توما الإكويني أرسطو، فقويت الأرسطيّة المسيحيّة. 

 كذلك في العالم الإسلامي لم تبتعد الفلسفة عن الدّين أيضًا، فقد حاول فلاسفة الإسلام كالكندي وابن رشد التَّوفيق بين الشَّريعة والفلسفة، كما كان يرى ابن سينا أنَّ “إدراك النّفس النّاطقة للحقّ الأوّل ألذّ شيء”، وهذه هي غاية الفيلسوف في نظره. ورغم أنَّ فلاسفة الإسلام استطاعوا أن يفصلوا بين الفلسفة واللاَّهوت الاعتقادي [1]، فإنَّهم مع ذلك يشتركون مع غيرهم من المتكلّمين واللاَّهوتيين في التَّفكير في أهمّ قضيَّة دينيّة، ألا وهي قضيَّة وجود الله. فهذه القضيَّة مشتركة بين رجال الدّين والفلاسفة. ومن هنا كانت فكرة هذا المقال هي طرح أهمّ الأدلَّة الّتي فكّر فيها بعض الفلاسفة حول وجود الله. وسنبدأ بأرسطو، لأنَّ فكرته حول الله فكرة أساسيّة ستتكرَّر مع فلاسفة الإسلام وفلاسفة الغرب المسيحيّ. ثمَّ ننتقل للقدّيس أنسلم مع دليله الأنطولوجيّ، و نعرج على ابن رشد، وننتهي بتوما. ولن نغفل في هذا المقال طرح الرُّدود على أهمّ هذه الأدلَّة الّتي طرحها الفلاسفة الأربعة.

 فما هو تصوّر أرسطو للإله؟ وما هو الدَّليل الأنطولوجيُّ الّذي قدَّمه القدّيس انسلم؟ ثمَّ هل تميّز ابن رشد في طرحه لأدلَّة وجود الله؟ و كم من دليل قدَّمه توما الإكويني على وجود الله؟

 هذه الأسئلة وغيرها سنحاول أن نتطرَّق لها فيما سيأتي من مدارسة وتحليل ومناقشة.

نبدأ بالدَّليل الأرسطيّ

 يتبع في الأسفل 

2 إجابة

0 تصويتات
بواسطة (627ألف نقاط)
 
أفضل إجابة
إثبات وجود الله عند الفلاسفة

نبدأ بالدَّليل الأرسطيّ، فنقول أنَّ أرسطو رسم في كتاب “الطَّبيعة” و“ما بعد الطَّبيعة” ملامح إلهه الّذي سيشغل ذهن الفلاسفة لمدَّة طويلة. إنَّه إله يعطي للعالم الدّفعة المحركة الأولى فقط. فالألوهيّة، عند أرسطو، تحرّك العالم من غير أن تتحرَّك هي. وذلك لأنَّ الأشياء عند أرسطو لا تنشأ من العدم، بل يأتي بعضها من بعض. وإذا كان العالم بمادَّته قديم أي موجود منذ الأزل، فإنَّ حدوث الأشياء فيه يحتاج إلى أسباب. هذه الأسباب عند أرسطو أربعة *:

أ ـ الهيولى

ب ـ الصُّورة

ج ـ الحركة

د ـ الغاية

 فالحركة من المقوّمات الضَّروريَّة لحدوث الأشياء، وبالتَّالي كان لكلّ جسم محرّك يخرجه من القوّة إلى الفعل، وإذا كان الأمر كذلك، كان لابدّ أن يكون لهذا العالم بجملته محرّك أيضًا، بيد أنَّ المحرّك الّذي يحرّك العالم كلّه، على خلاف محرّك الجسم، غير متَّصل بالمادّة أو الهيولى. إنَّه صورة مطلقة، تعقل فقط، ثمّ هو يحرّك العالم بعقله من غير أن يتحرَّك أو يُجْهد، لكن كيف يحرّك الإله الأرسطيّ العالم من غير أن يتحرَّك ويجهد؟ إنَّه منتهى الغايات، ولهذا كان كلّ شيء في العالم يتشوّق إليه ويتحرّك نحوه وينجذب إلى كماله . وهكذا نفهم دليل وجود الله عند أرسطو: أي إذا كان كلّ متحرّك يتحرّك بغيره، فوجب أن يكون لهذا العالم بجملته محرّك. فإذن دليل أرسطو هو دليل بعدي يقوم على مبدأ الحركة.

 أمّا بخصوص الدَّليل الّذي يقدّمه القدّيس أنسلم على وجود الله، فهو ليس بالدَّليل البعديّ كدليل أرسطو، وإنّما هو دليل قبليّ، بمعنى أنَّه دليل مستقلٌّ عن كلّ خبرة وكلّ انطباعات الحواس جميعًا. ويقوم هذا الدَّليل على أنَّ فكرة الله موجودة في ذهن كلّ إنسان بالوحي الأوّل. وهذا الدَّليل يسمَّى بالدَّليل الأنطولوجيّ. وتحدَّث القديس أنسلم عن هذا الدَّليل في القسم الثَّاني من كتابه بروسلوجيون معلّقًا على عبارة جاءت في المزامير: “قال الأحمق في قلبه ليس يوجد إله”. فكيف يقول الأحمق لا يوجد إله وفكرة الله مطبوعة في قلبه؟ هنا يرى القدّيس أنسلم أنَّه حتّى الأحمق مقتنع بأنَّ هناك شيء عظيم مَّا موجود في الفهم وهذا الشَّيء الأعظم هو الله، وحين ينكر الأحمق وجود الله فإنَّه يقع في الخُلف، لأنَّه يستطيع أن يتصوَّر الموجود الأعظم، فيلفظ في قلبه اسمه دون أن يعي أنَّه بتلفّظه وبتصوُّره يكون الله موجودًا في العقل وفي الواقع أيضًا.

وسنجتهد محاولين شرح هذا الدَّليل الأنطولوجيّ الّذي قدَّمه القدّيس أنسلم من خلال المحاورة التّاليّة:

“ـ زيد: هل يمكن أن نتصوَّر شيء ما في الذّهن؟

ـ عمر: نعم

ـ زيد: هل يمكن أن نتصوَّر ما هو أعظم من ذلك الشَّيء الّذي تصوّرناه؟

ـ عمر: نعم، يمكن تصوّر شيء أعظم.

ـ زيد: جيّد، فلنسمِّ هذا الأعظم”الله“. أليس حتّى الأحمق في قلبه يمكنه أن يتصوَّر هذا الشَّيء الأعظم ”الله“ في ذهنه؟

ـ عمر: بكلّ تأكيد، حتى الأحمق في قلبه يستطيع تصور هذا الشيء الأعظم.

ـ زيد : جميل .. فهل هذا الشيء الّذي يتصوره الجميع المؤمن وغير المؤمن، موجود في الذهن فقط أم موجود في الذهن وفي الواقع؟

ـ عمر: ربّما موجود في الذهن فقط

ـ زيد: لكن ألسنا حين نقول أنَّ هذا الأعظم موجود في الذّهن فقط، فهذا يعني أنَّه ليس له أي قيمة، وبالتّالي فإنَّ هذا الأعظم ليس عظيمًا.

ـ عمر: صحيح …

ـ زيد: فإذن ليكون هذا الأعظم عظيمًا ينبغي أن يكون موجودًا في الذّهن وفي الواقع.

ـ عمر: نعم، بكلّ تأكيد.

ـ زيد: إذن، مادمنا نستطيع تصوُّر هذا الموجود الأعظم، والّذي هو الله، فإنَّ هذا يعني أن الله موجود في الذّهن و في الواقع” .

 هكذا يمكن أن نستنتج أنَّ الدَّليل الأنطولوجيّ عند القدّيس أنسلم يقوم على ما يمكن تسميته بالفطرة الأولى. وهذا الدَّليل سيتكرَّر مع ديكارت في القرن السّابع عشر حين سيرى أنَّ فكرة الله هي كبصمة الخالق في وجدان المخلوق.

 غير أنَّ هذا الدَّليل تعرَّض لانتقاد حادّ من طرف رجل دين معاصر للقدّيس أنسلم، وهو الرَّاهب جونيلون الّذي ردّ بأنَّ ليس كلّ ما يمكن أن يتصوَّره الذّهن بموجود حقيقة، فنحن نقع في الخطأ ونتخيّل الكثير من الأشياء الّتي لا وجود لها في الواقع

. وردّ القدّيس أنسلم على اعتراضات الرَّاهب جونيلون بالقول: من الصَّحيح أنَّه ليس كلّ ما نتخيّله يمكن أن يوجد، إلاَّ أنَّ هناك استثناءً واحدًا وهو حالة الكائن الّذي لا يمكن أن يتصوّر أعظم منه أي الله .

 من هنا يبدو لنا أنَّ الدَّليل الأنطولوجيَّ الّذي قدَّمه القديس أنسلم أقرب منه للمسلمة من الحجَّة و البرهان الدَّامغ. ولهذا انقسم الفلاسفة حول قوّة حجّيَّة هذا الدَّليل، فتبناها بعض الرّياضيين مثل لبينز وديكارت وعارضها من رأى من الإسميين أنَّ في دليل القدّيس أنسلم مصادرة على المطلوب.

 وأمّا في العالم الإسلاميّ، و بالضبط في بلاد المغرب والأندلس، فقد ظهر ابن رشد في القرن الثّاني عشر ميلادي. و ابن رشد كما هو معلوم من أهمّ شرَّاح أرسطو. ومن هنا، كَانَ تفكير ابن رشد تفكيرًا فلسفيًّا أرسطيًّا. غير أنّه إلى جانب ذلك كَانَ عالم دين وفقيهًا محنَّكًا. وقد اهتمَّ ابن رشد بأدلّة وجود الله، فقال بدليلين: دليل العناية، ودليل الاختراع. فأمّا دليل العناية فهو دليل بسيط خاصٌّ بالعوام، ومفاده أنَّ جميع الموجودات الّتي في العالم موافقة لوجود الإنسان، ويحصل اليقين بذلك باعتبار موافقة اللّيل والنّهار والشَّمس والقمر والأزمنة الأربعة والأرض..إلخ ـ بموافقتها ـ لوجود الإنسان، وهذه الموافقة هي، ضرورة، من قِبَل فاعل قاصد لذلك مريد، فإذن هناك فاعل مريد وهو الله أمّا دليل الاختراع فهو دليل الخاصّة، أي دليل الفلاسفة، ومفاده أنَّ موجودات العالم مخترعة، وأنَّ كلّ مخترَع له مخترِع. فإذن للوجود فاعل مخترع وهو الله
0 تصويتات
بواسطة (627ألف نقاط)
أدلة وجود الله عند الفلاسفة

وفي القرن الثَّالث عشر ميلادي قدَّم توما الأكويني في كتابه “خلاصة اللاَّهوت” خمسة براهين على وجود الله وهي:

1 ـ البرهان بالحركة:

وهذا البرهان مأخوذ من أرسطو، ومفاده أنَّ كلّ متحرّك يتحرَّك بغيره، و أنّه لا يمكن التَّسلسل إلى ما لا نهاية في سلسلة المتحرّكات والمحرّكات، بل لا بدَّ أن نصل في النّهاية إلى محرّك أوَّل لا يحرّكه غيره، وهذا المحرّك الأوّل هو الله.

2 ـ البرهان بالعلّة الفاعلة:

هذا البرهان أيضًا مأخوذ من أرسطو، ويقوم على فكرة أنَّه لا يمكن أن تكون العلل بلا نهاية، بل لا بدّ من الوقوف عند علّة العلل، أي العلّة الأولى الّتي يسمّيها الجميع الله.

3 ـ البرهان بالواجب:

 يقوم على فكرة أنَّ كلّ موجود في الطبيعة معرض للكون والفساد، و بالتَّالي فالشَّيء قد يكون وقد لا يكون، ولهذا كان من الضَّروريّ أن يكون هناك واجب الوجود. وسنجتهد هنا في تقريب هذا البرهان للذّهن فنقول ما يلي: “أنا كائنٌ خاضعٌ للكون والفساد. الكون: وجودي بعد لم أكن، والفساد: عدمي بعد وجودي. وليس وجودي أولى من عدمي، وبالتَّالي فوجودي ليس واجبًا. ومادمت الآن موجودًا فسيأتي وقت لن أكون فيه موجودًا، وإذا كان الأمر كذلك فلابدّ أنَّه كان هناك وقت لم يكن يوجد فيه شيء، مثلما لم أكن أنا موجودًا، وهذا يعني بالضَّرورة أنَّه ينبغي أن لا يكون هناك شيء موجود الآن ولكنّي موجود، كما أنّ العالم موجود، فلا بدّ إذن أن يكون هناك من يضفي الوجود على كلّ شيء، إنَّه الموجود الواجب الوجود، إنَّه الله”.

4 ـ البرهان بالتَّفاوت:

 يقوم هذا البرهان على الاعتراف بوجود درجات مختلفة للكمال في الأشياء المتناهية. وهذا الأمر يفترض وجود كائن تامّ الكمال هو الله.

5 ـ البرهان بالعلّة الغائيّة:

وهذا الدَّليل يشير إلى أنَّ هناك نظام وتصميم، وأنَّ لكلّ ما يوجد في الطَّبيعة له غاية يتَّجه إليها. و بالتّالي فهناك عقل يشرف على توجيه كلّ شيء إلى غايته المحدَّدة.

 غير أنَّ أدلَّة توما الإكويني يمكن نقدها أيضًا، فإذا أخذنا برهان العلّة الفاعلة، كان من غير الممكن أن نقول أنَّ هناك علّة ليست لها علّة أخرى، أي أنَّه ليس هناك سبب يدعو إلى رفض تسلسل العلل إلى ما لا نهاية. وأمّا في برهان الحركة فما الدَّاعي للقول أنَّه لا بدّ من وجود محرّك ومتحرّك ، فقد يكون المحرّك هو نفسه متحرّك والمتحرّك هو نفسه محرّك إلى الأبد، كما هو الحال في حركة الكواكب أو في حالة الجسم الثَّقيل في سقوطه إلى الأرض. وأمّا بخصوص برهان العلّة، فقد ظهر أنَّه لا يوجد نظام ودقَّة في كلّ شيء في العالم. و أخيرًا بخصوص برهان الواجب فإنَّه يقوم على حجَّة ضعيفة، لأنَّ القول أنَّ أيَّ شيء متناه لا يكون موجودًا في وقت ما لا يلزم عنه القول إنَّه كان هناك وقت لم يكن يوجد فيه أي شيء .

 هكذا نكون قد عالجنا في هذه المقالة بعض أدلَّة وجود الله، وهي الأدلَّة الّتي طرحت في ثلاثة قرون متتالية. ففي القرن 11 ميلادي طرح القدّيس أنسلم دليله الأنطولوجيّ، و في القرن 12 ميلادي ظهر ابن رشد وقدَّم دليليه على وجود الصَّانع. ثمَّ في القرن الثَّالث عشر ظهر توما الإكويني وتحدَّث عن خمس براهين على وجود الله. وقد بدأنا هذه الأدلّة بدليل أرسطو لأنَّه دليل تكرَّر مع مجموعة من الفلاسفة سواء في العالم الإسلاميّ أو في العالم المسيحيّ. ولا شكّ أنَّ الفلاسفة الَّذين فكَّروا في أدلَّة وجود الله كثيرون، و ليسوا فقط هؤلاء الفلاسفة الَّذين ذكرناهم، فالتَّفكير في الله تفكير قديم، وهناك أدلَّة أخرى قدَّمها الفلاسفة والمتكلّمون. لكنَّنا نعتقد أنَّ هذه الأدلَّة الَّتي تحدَّثنا عنها في هذا المقال من أهمّ الأدلَّة الّتي لازال تأثيرها قائمًا إلى حدود اليوم.

غير أنَّ هذه الأدلَّة، وإن كانت قويَّة في العصور الّتي طرحت فيها، فإنّها لم تسلم من النَّقد من طرف اللاّهوتيّين وعلماء الدّين الّذين رفضوا الفلسفة وكلّ ما يأتي منها، حتّى وإن كانت هذه الفلسفة خادمة للدّين. وهكذا، في القرن الرَّابع عشر ميلادي، انتقد وليام الأوكامي فلسفة أرسطو الّتي اعتمد عليها توما الإكويني في طرح براهينه الخمسة على وجود الله، فقال وليام الأوكامي أنَّ وجود الله مسألة إيمانيّة لا يمكن أن نقدّم برهان عليها، لا بمبدأ الحركة ولا بغيره. كذلك في العالم الإسلاميّ انتقد أحمد بن تيميَّة الفلسفة في قسمها المتعلّق “بالإلهيات”. وغلب النَّقل على العقل كما لم يقبل بعض الأشاعرة دليل العناية الّذي قدَّمه فلاسفة الإسلام.

 والحقّ أنَّنا حين نحاول أن نقدّم أدلَّة عقليَّة على وجود الله فإنَّنا نجعل الله جزء من هذا العالم، و هذا ما انتبه إليه بعض اللاَّهوتيون حين اعتبروا أنَّ الأدلَّة الّتي يقدّمها القدّيس توما قد تصدق على الإله الوثني، وليس على إله المسيحيين. وأمّا في الإسلام فالأمر أكثر تعقيدًا، لأنَّ الله في الإسلام “ليس كمثله شيء”، فكيف يمكن أن نستدلَّ على من ليس كمثله شيء لعلّنا قد نستدلّ من دليل العناية ودليل الاختراع على صفات الله وليس على الله، والصفات كما يقول الأشاعرة ليست هي الله ولا هي غيره ولعلّنا من هنا نستطيع أن نفهم ثورة كانط الميتافيزيقيّة في القرن الثَّامن عشر، فكانط كان يرى أنَّ الجدالات التراثيّة من أجل إثبات وجود الله عديمة الجدوى، ذلك لأنَّ عقولنا عاجزة عن فهم الحقائق الّتي لا توجد في المكان والزَّمان، والله من هذه الحقائق الّتي يستحيل أن يفهمها العقل الإنسانيُّ .
مرحبًا بك إلى موقع باك نت، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...