مقالة حول العولمة شعبة الآداب وفلسفة ولغات أجنبية
هل العولمة كلها فرص أم مخاطر
شعبة الآداب وفلسفة ولغات أجنبية.
الموضوع: العولمة
نص السؤال: هل العولمة كلها فرص أم مخاطر؟ كيف يمكننا تصور بقاء الأمم بثقافاتها المتنوعة وإثبات الذات أمام تحديات العولمة التي تقرر مرجعيات المستقبل؟
بكالوريا 2022 2023 bac الجزائر
أهلاً بكم طلاب وطالبات الباك 2023 في موقعنا باك نت .baknit.net الموقع التعليمي المتميز والمتفوق بمنهجية موضوع النص الفلسفي الجدلية والمقارنة والاستقصاء بالوضع كما نقدم لكم بقلم أستاذ الفلسفة الاجابة الصحيحة لجميع دروس والمقالات الفلسفية المتوقعة والمقترحة في باك جميع الشعب الفلسفية كما نقدم لكم الأن أعزائي الطلاب والطالبات مقالة مختصرة وهي إجابة السؤال .... تحليل نص حول العولمة، هل العولمة كلها فرص أم مخاطر
وتكون اجابتة الصحية هي التالي
هل العولمة كلها فرص أم مخاطر
لقد أصبحت العولمة فيما يبدو أكثر وضوحا، أصبحت حقائقها وتجلياتها ومظاهرها بارزة على أثر التحولات والتطورات العلمية والفكرية والاقتصادية والحياتية المتدفقة والتي يعيشها العالم حاليا. وتأتي في مقدمة هذه الحقائق أن العولمة هي لحظة حضارية جديدة، ولحظة تاريخية فاصلة، وهي لحظة مليئة أيضا بكل الاحتمالات. فالعولمة ظاهرة موضوعية، لا يمكن لأي أن ينكر وجودها، إنها ظاهرة قائمة فعلا. والتساؤل الجوهري في موضوعنا، هو كيف ينبغي التعامل مع العولمة كفكرة وإيديولوجيا وكواقع حياتي وحضاري فرض نفسه على الجميع؟ لقد اختلفت الآراء والتصورات وتضاربت النظريات حول حقيقة العولمة، فهناك من يأخذ بها ويتهافت عليها، وهناك من يرفضها جملة وتفصيلا، وهناك من يقف منها موقفا وسطا. فما حقيقة الأمر؟ هل العولمة كلها فرص أم كلها مخاطر؟ وهل يمكن القول بفرص العولمة دون مخاطرها أم بمخاطر العولمة دون فرصها؟ وما هو المطلوب، فهم العولمة أم افتعال المعارك معها؟ وكيف يمكننا تصور بقاء الأمم بثقافاتها المتنوعة، وإثبات الذات، أمام تحديات العولمة التي تقرر مرجعيات المستقبل؟
يرحب أنصار العولمة بفرص العولمة المعرفية والاستثمارية، ويدعون بالتالي إلى الانغماس فيها للاستفادة منها ومن معطياتها. يقول "جي. آر. مندل" في كتابه (العولمة والفقراء): "يوجد داخل العولمة فسحة كافية لسياسات التحسين، وعلى الذين ينادون بالعدالة الاجتماعية أن يتقدموا لأن أمامهم عمل كبير هو وضع العولمة بالقالب المناسب". وبالنسبة لأقطاب العولمة الفاعلون وأنصارها فهم رجال أعمال الاقتصاد الأمريكي، ونخبة من البنكيين، وخاصة الدول الخمس العظمى من مصرفيين وأرباب شركات عالمية. ويؤسس هؤلاء موقفهم على جملة من البراهين نلخصها فيما يلي:
*تحقيق الثراء وتحسين مصير الفقراء من الدول والأفراد، عن طريق صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية والشركات الصناعية والمصرفية والخدماتية العالمية. وذلك لأن الاستثمار والتجارة والخدمات هي العلاج العالمي المناسب والكفيل بتقديم الوصفة الصحيحة للأمراض الاجتماعية. مع زيادة الرفاهية والنمو الاقتصادي، حيث تستفيد الشعوب الفقيرة والمتخلفة منها، من تدفق السلع والبضائع. ثم إن العولمة هي مصدر كل الاستثمارات الخارجية التي جلبت وتجلب النمو الاقتصادي السريع والانفتاح التجاري. بالإضافة إلى تعميم وسائل الاتصال وشمولية الاستقلال الفعلي فلا شك أن الفرد اليوم جزء من المنظومة العالمية للاتصال والمواصلات تجعله في ارتباط مع مراسله الموجود في أية نقطة من العالم. بفضل شبكة الأقمار الصناعية. كما أن التطور المثير في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والابتكارات، أصبح قادرا على معالجة المعلومات وتخزينها واسترجاعها. أصبح يستعمل كل ذلك في مجال التربية والصحة والسكن والأمن والعدالة والثقافة. دون أن ننسى إيجابيات الاحتكاك، والانتشار الثقافي الناتج عن نقل ثقافة المجتمع الحديث إلى المجتمع التقليدي، مع نقل التكنولوجيا إلى داخل البنى التقليدية والذي من شأنه أن ينقل المجتمع الأخير إلى مرحلة العصرنة، واستكمال المعارك الكبرى الجارية من أجل إثبات قدسية الحريات والحقوق الأساسية للإنسان والتنديد بالمساس بها. فالمجتمع العالمي يظهر اهتماما متزايدا بقضية حقوق الإنسان. لأن الإنسان في دول عديدة يعاني من الاضطهاد والظلم والقهر. وما زال مسلوب الإرادة والكرامة، في ظل أنظمة قمعية سلطوية تمارس درجات عالية من القمع. لذلك بدأ الضمير الإنساني في ظل العولمة يستيقظ لهذه الممارسات، ونشطت منظمات حقوق الإنسان العالمية للكشف عنها، وممارسة الضغط المعنوي على الدول للالتزام بمبادئ حقوق الإنسان الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
زيادة على ذلك فالدول اليوم أصبحت تشكو من تفاقم مشكلات البيئة والإرهاب والجريمة والمخدرات والفقر والأزمات الاقتصادية والمشكلات الاجتماعية، وتؤكد أنها لا تملك الحلول. كل هذه المشاكل وغيرها كثير، تتطلب تشريعات وسياسات ومؤسسات عالمية وتنسيقا وتعاونا عالميا، وهو ما تقترحه العولمة. التي تسعى إلى قيام مجتمع عالمي هو القرية الكونية أو القرية الشاملة حيث تلغى كل الحدود وكل تمييز، وطنيا كان أو قوميا أو دينيا أو ثقافيا. وهي بذلك تؤسس لرؤية كونية واحدة هي محصلة للتفاعل الحر والخلاق بين كل الشعوب، في إطار الاحترام والتعايش المتبادل من أجل تفادي اندلاع صراع الحضارات.
لكن ورغم ما قدمه أقطاب العولمة الفاعلين وأنصارها من أدلة وحجج ومبررات. إلا أنهم تعرضوا لانتقادات كثيرة أهمها: أن العولمة إيديولوجية مؤسسة على مجرد اقتصاد السوق العالمية وباسم العالمية، تبدو ضيقة، لأنها أحادية الأبعاد لا تقوى على التوفيق بين مختلف الأبعاد الأساسية التي يتميز بها الكائن البشري، بما فيها البعد المادي التي تنشده.ثم إن التبادل الحر يفيد بوجه التحديد، الأقوياء ويسحق الضعفاء، كما تؤكده الوضعية المزرية التي آل إليها عدد من دول إفريقيا وأمريكا اللاتينية التي انساقت وراء هذه الخرافة الإيديولوجية اضطرارا أو طواعية. فحرية التبادل كما يريدها عمالقة السوق لا يجني منها الفقراء إلا الشقاء، وإلا فكيف ينمي هؤلاء العمالقة ثروتهم ويوسعون سيطرتهم، إن لم يكن على حساب هؤلاء الضعفاء؟
وأمام هذه العاطفة الشريفة التي تملأ ضمير الإنسان في تدبير شؤونه، لم يعد لبناء مجتمع متجانس معنى إلا إذا تحقق في جو من العدل والاحترام والتسامح. وهذا لا يدخل إطلاقا في حسبان الليبرالية الشرسة. حتى وإن كانت تدعي ذلك وتنصب نفسها وصية على حماية حرية الإنسان وحقوقه المختلفة. فالهدم في فلسفة العولمة لا يعني إلا الهدم، ما دام لم يتجه نحو الإصلاح والتهذيب أو الثورة على الظلم والهوان. وإذا كان هناك من يردد بعض المقولات حول إيجابيات الاحتكاك، والانتشار الثقافي، فإننا نقول: أن التبادل الثقافي غير المتكافئ اختراق وغزو للثقافات الأدنى التي تفقد تدريجيا مقومات استمرارها، وبذلك تتفكك وتنهار.
و في المقابل يبدي خصوم العولمة تخوفا من مخاطر العولمة الكثيرة، ويرفضون دلالاتها الاستغلالية ومضامينها الاستهلاكية، ويدعون للانكماش وتنشيط الحركة الاحتجاجية ومناهضة العولمة باسم الحقوق الاجتماعية: ويؤسس هؤلاء موقفهم على جملة من البراهين أهمها:
*أكاذيب العولمة: يعرض "هارولد كليمانطا" في كتابه (أكاذيب العولمة العشر) مخاطر العولمة، أهمها: "أن العولمة تنفلت من المراقبة. فهي لم تسقط من السماء كقضاء محتوم، إنها مقصودة وتتحكم فيها قيادة المنظمات الدولية، كصندوق النقد الدولي والمنظمة العالمية للتجارة". ويقول عن الأكذوبة العاشرة: "إن العولمة تجلب التنوع في جميع أنحاء العالم، في حين...أن الليبيرالية الجديدة تعرض على أنها الاختيار السياسي الوحيد...".ومن بين المواقف المناهضة للعولمة كذلك موقف الحركة الحماتية. ومما أثاره هؤلاء الإحتجاجيون قضايا: الشغل، الفقر، الخدمات العمومية، الديون المقترضة، والثقافة وما يتبعها من قضايا الهوية، القومية، التنوع الثقافي، وعالمية الثقافة. فالعولمة الرأسمالية لا تحمي الشغل بل تحاربه، و محاربة الشغل معناه تفشي الفقر. وهذا يتنافى مع فلسفة التنمية التي تنشدها العولمة. وإدراكا منها لخطورة هذه الآفة وما ينجم عنها من أزمات إنسانية اعترفت الأمم المتحدة صراحة – في منتصف التسعينات – بأن "الفقر والحرمان الاجتماعي يمسان كرامة الإنسان، ولذلك فالأمر يتطلب اتخاذ التدابير اللازمة لوضع حد لهما". بالإضافة إلى أنها تحارب بلغة السوق الليبيرالية، حقوق المواطنة الأساسية والخدمات العمومية وخاصة منها، خدمات الصحة والتربية. ومن هنا فإن نسبة كبيرة من الفساد المنتشر في دول العالم الثالث، هي من صنع آليات العولمة من شركات متعددة الجنسيات، التي تغرقها بالديون وفوائد الديون، فيكون المجتمع في خدمة الاقتصاد بدلا من أن يكون العكس.
كما أن العولمة الاقتصادية تؤدي إلى توسيع الفجوة بين دول الشمال ودول الجنوب، فهي تدفع الدول مرغمة نحو نظام الاقتصاد الحر، والخصخصة والاندماج في النظام الرأسمالي بكل سلبياته الاستغلالية والاحتكارية، التي تزيد من غنى الدول الغنية وتضاعف من فقر الدول الفقيرة. فمن الناحية الاجتماعية – الاقتصادية، اتسعت الهوة بين الفقراء والأغنياء بصورة مفزعة. ثم إن العولمة تروج لثقافة الاستهلاك، لأنها تحول العالم إلى عالم يهتم بالاقتصاد وما يلازمه من علاقات تجارية مالية ومادية أكثر من اهتمامه بأي أمر حياتي آخر، بما في ذلك الأخلاق والقيم الإنسانية التي تتراجع تدريجيا، وتستبدل بالعلاقات السلعية والربحية النفعية. يقول "سيرج لاتوش": "إن العولمة التكنو-اقتصادية تؤدي بطريقة شبه آلية إلى أزمة أخلاقية". وأدت العولمة أيضا على المستوى السياسي إلى انحسار نسبي للسيادة المطلقة وأن الدولة فقدت دورها وأهميتها. لقد غدت الدولة على حد تعبير "ريتشارد فولك" مجرد وحدة ضمن شبكة من العلاقات والوحدات الكثيرة في عالم يزداد انكماشا وترابطا. لم تعد الدولة هي مركز السيادة في مجال صنع القرارات وصوغ الخيارات. وفي مجال العولمة الثقافية يدور نقاش حاد حول عولمة الثقافة، وتبرز تيارات كثيرة تصل إلى حدود متطرفة في الرفض. ومعنى ذلك، أن هناك ثقافة تجعل من نفسها مركزا – الثقافة الغربية- وبقية الثقافات هوامش أو أفلاك تدور حول هذا المركز، وتحكم على تطور أو تخلف أي ثقافة أخرى بمقدار قربها أو تماثلها مع الثقافة المركزية. وتحاول الثقافات الأخرى أن تبلغ مستوى هذه الثقافة المركزية من خلال التقليد والانغماس أو تبني مظاهر الثقافة الغربية دون مقاومة، وهنا مكمن الخطر. وبالتالي فهاجس الهوية يصبح مشروعا والقلق مبررا في ظل تسارع التحولات التي يعيشها العالم الذي تحول فعليا إلى قرية كونية صغيرة، مع تقارب وتهاوي الحدود بسبب التطور التكنولوجي الهائل، وتنقل رؤوس الأموال وهجرة العمالة، بالإضافة إلى تعميم قيم ومبادئ ومفاهيم أخلاقية وسياسية...إلخ، ثم انتشار أنماط في السلوك والمظهر ذات مصادر غربية ومرجعيات أمريكية.
يتبع في الأسفل