0 تصويتات
في تصنيف مقالات ونصوص فلسفية باك 2024 بواسطة

المقالة الثانية استقصاء : الدفاع عن صحة قواعد المنطق الصوري أثناء التفكير

السؤال: دافع عن صحة الأطروحة القائلة أن:"تطابق الفكر مع نفسه

شرط كاف لعدم وقوعه في الخطأ"؟ 

طريقة معالجة السؤال: استقصاء بالوضع

مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم في موقع باك نت.baknit الموقع التعليمي المتميز والمتفوق بمنهجية الإجابة الصحيحة والنموذجية من مرحلة التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي bac 2023 كما يسرنا بزيارتكم أن نقدم أهم المعلومات والحلول وأفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية 2022 2023 وكما عودناكم أعزائي الزوار في صفحة موقع باك نت  أن نطرح لكم ما تبحثون عنه وهو ....... دافع عن صحة الأطروحة القائلة أن تطابق الفكر مع نفسه شرط كاف لعدم وقوعه في الخطأ

وتكون الإجابة على سؤالكم هي على النحو التالي 

دافع عن صحة الأطروحة القائلة أن:"تطابق الفكر مع نفسه

شرط كاف لعدم وقوعه في الخطأ

1- طرح المشكلة:

          يقول المعلّم الأول "أرسطو طاليس" :"الإنسان كائن عاقل"، وهذا معناه أنه يستخدم عقله لممارسة فن التفكير الصحيح الذي لا يشوبه تناقض، والقائم على مبادئ وأحكام صادقة صدقا صوريا (عقليا)، لذلك فإن إتفاق الفكر مع نفسه، وانطباقه مع ذاته هو مجال فكري يهتم به المنطق الصوري الذي يعرف بأنه :"علم دراسة قوانين الفكر الضرورية، والقواعد التي يجب عليه الإلتزام بها، حتى لا يتناقض الفكر في أحكامه وإستدلالاته، ولكي يفرق بين الصدق والكذب"، ومن الشائع والمتعارف عليه لدى العديد من الفلاسفة والعلماء، فإن انطباق الفكر مع نفسه ليس شرطا كافيا لعدم وقوعه في الخطأ والتناقض (قيمته سلبية)، لكن ظهرت فكرة أخرى مفادها أن قواعد المنطق الصوري تمنعنا من الوقوع في الأخطاء والمغالطات (قيمته ايجابية)، ومن هذا المنطلق فإنني مطالب بالدفاع عن مشروعية هذه الأطروحة بحجج وأدلة شخصية وفلسفية، ومنه نطرح المشكلة ونقول: 

كيف يمكنني تبرير وتأكيد مصداقية الرأي القائل أن :"مبادئ المنطق الأرسطي تعصم الذهن من الوقوع في الأخطاء" بالحجة والدليل؟ وبصيغة أخرى: إذا كنتٌ مطالبا بإثبات صدق الفكرة القائلة أن :"قواعد المنطق الصوري تؤدي إلى التفكير السليم"، فما هي الحجج والأدلة التي أستند إليها؟ 

2- محاولة حل المشكلة:        

           يؤكد فلاسفة الأطروحة وهم مناصري المنطق الأرسطي أمثال (أرسطو – أبو حامد الغزالي – ليبنتز – كانط) أن مبادئ وقواعد المنطق الصوري تعصم الذهن من الوقوع في الأخطاء والتناقضات، بمعنى أن المنطق الأرسطي له قيمة ايجابية، أي أن انطباق الفكر مع نفسه يمثل النظرية النهائية التي تبيّن قواعد الإستدلال التي يجب اتباعها، والشروط التي يمكن من خلالها التمييز بين الصواب والخطأ، وتجنب المغالطات، ومن هنا أعتٌبر المنطق عند "أرسطو" :"مقدمة للعلوم تساعد على التفكير السليم".

كما أن مبادئ العقل (مبدأ الهوية – عدم التناقض – الثالث المرفوع – الحتمية – السببية – الغائية) هدفها تنظيم تفكير العقل الإنساني لإبعاده عن التناقض والأخطاء والعشوائية، لهذا يقول "ليبنتز" :"إنها ضرورية [أي مبادئ الفكر] للتفكير كضرورة العضلات والأوتار العصبية للمشي".

إذن، فقواعد المنطق الأرسطي تؤدي إلى التفكير الصحيح بالضرورة.  

          أما فلاسفة الأطروحة النقيض (الخصوم) وهم معارضي المنطق الأرسطي أمثال (فرنسيس بيكون – ديكارت – غوبلو – جون ستيوارت مل) فقد أكدوا أن قواعد المنطق الصوري لا تعصم الذهن من الوقوع في الأخطاء والتناقضات، أي أن منطق "أرسطو" له قيمة سلبية، فالمنطق الأرسطي يٌعدّ منطقا شكليا (صوريا) يدرس التفكير فقط، لأنه مرتبط أكثر بالميتافيزيقا، لذلك لم يهتم بمادة الفكر، والمتمثلة في الواقع وما يحتويه من ظواهر طبيعية، كما أن قواعده فكرية ثابتة عرقلت تطور البحث العلمي لمدة عشرين قرنا (400 ق م – 1600 م)، بل إنه منطق ثنائي قائم على قيمتي الصدق والكذب فقط، أي أن قضاياه إما صادقة أو كاذبة، أضف إلى ذلك أنه منطق إعتمد على لغة الألفاظ والكلمات (اللغة الطبيعية) التي لها عدة معاني، وهذا ما يؤدي إلى الخطأ في النتائج أحيانا، أي أنه لم يعتمد على اللغة الرمزية الرياضية، وهذا ما أكده "ديكارت" بقوله :"القياس الصوري عقيم وغير منتج لأنه لا يستخدم الرموز الرياضية".

على هذا الأساس يمكن القول أن المنطق الأرسطي عقيم، ولا يصل بالفكر إلى نتائج جديدة خاصة في نظرية القياس، أي أنه يعتبر مصادرة على المطلوب، ويقول في هذا الشأن "غوبلو" :"المنطق الصوري تحصيل حاصل، أي عقيم وغير منتج"، أو كما يقول "جون ستيوارت مل" :"إنه من المؤكد تماما أن القياس يكون دائرا إذا كان في النتيجة شيء ما موجودا في المقدمات...وأن القياس في جميع صوره لا يعطينا شيئا جديدا، لأن النتيجة مفترضة أو معروفة من قبل". 

كما أن تأثير الفكر الفلسفي (تعدد المذاهب الفلسفية) على الأحكام المنطقية جعل المنطق وآلياته المختلفة وسيلة للتعبير عن فلسفة دون أخرى، فكل مذهب يدافع عن منطق يناسبه، ويعتبره هو الصواب، وهذا ما يؤدي إلى الأخطاء وانتشار المغالطات، زد على ذلك أن الإنسان ابن مجتمعه، فهو يتأثر بقيم (عادات – تقاليد – ثقافة...) المجتمع، وهذا ما يجعله عرضة للأخطاء والتناقضات، ويقول في هذا السياق "جون ديوي" :"التربية أداة لنقل أهداف المجتمع ومعارفه من جيل إلى آخر". 

إذن، فالمنطق الصوري لا يضمن إطلاقا إتفاق العقول.

          لكن رغم الإنتقادات الموجهة لمنطق "أرسطو" وما كشفته من عيوب ونقائص، إلا أنه لا يمكن للعقول البشرية أن تنكر ما للمنطق الصوري من أهمية وقيمة ايجابية، فهو يلعب دورا مهما في تدريب وتنمية الفكر، لأنه يهدف إلى وضع مختلف القواعد التي يستند إليها العقل في بناء تصوراته وأحكامه وبراهينه، بل إننا نفكر بمبادئ وقواعد المنطق الصوري من استدلالات وأشكال قياسية...إلخ، وليس لنا منطق فكري آخر نفكر به، بل إن "أرسطو" ذاته حاول استخدام "منهج الرموز الحرفية"، لأنه رأى أن ذلك النقاء الصوري إنما يٌبلّغ بالرمز الحرفي حين اتخذ حروف الهجاء الكبرى دلالة على حدود القضية القياسية، وهذا ما أكده مؤرخ الرياضيات العالم "بول تانري" بقوله :"عندما ندرس في أرسطو استعمال الرموز الحرفية للدلالة على موضوعات فكرية، فإننا سنقول حتما في أنفسنا أنه لم يبق بين اليونان وجبر"فيت" (viète) إلا بضع خطوات"، وهذا يدل على استعمال "أرسطو" للرمزية في منطقه – مع العلم بعدم صلاحية الرمز الأرسطي لتأسيس حساب منطقي مقارنة بالمنطق الرياضي – ولو نسبيا، ومتى كان للمنطق الأرسطي قيمة سلبية، وهو يعد القاعدة الرئيسية لأنواع المنطق الأخرى التي ظهرت بعده؟، هذه الأخيرة لم تعرف التأسيس إلا بعد كشفها لعيوب المنطق الصوري.

          إن الدفاع عن هذه الأطروحة القائلة أن: "انطباق الفكر مع نفسه شرط كاف لعدم الوقوع في المغالطات" يتطلب مني تبريرها وتأكيدها بحجج وأدلة شخصية وفلسفية. 

          ففيما يتعلق بالحجج الشخصية (الذاتية)، فإن المنطق الصوري بقواعده ومبادئه يعصم العقل من الوقوع في المغالطات والتناقضات، ويضمن إتفاق جميع العقول، ودليلي على ذلك أن عملية الإستدلال والبرهنة تمثل انتقال الفكر من العام إلى الخاص (من الكل إلى الجزء)، وهذا هو المنهج الإستنتاجي، فمثلا القياس التالي يٌبيّن صحة البرهنة:

كل الألمان أذكياء.

ماكس بلانك ألماني.

إذن، ماكس بلانك ذكي.

على هذا الأساس يٌعدّ المنطق الأرسطي علما عقليا لأنه حدد للفكر مجموعة من المبادئ والقواعد التي يجب عليه الإلتزام بها أثناء التفكير، وخاصة مبدأ عدم التناقض، بحيث لا يمكن للعقل أن يثبت وينفي في نفس الوقت، أي لا يمكن القول أن القضية "المجتمعات تقدمت لأنها تٌقدّس العمل" صادقة وكاذبة معا، فهذا تناقض لا يقبله العقل.

          أما فيما يتعلق بحجج الفلاسفة، فقد إعتبر العديد من الفلاسفة المنطق الصوري وخاصة في العصور الوسطى (300 – 1400م) أصدق معيار يمكن الإستعانة به لدراسة العلوم، بل إنه أداة ذهنية يجب تحصيلها قبل البدء في البحث العلمي، لما إمتاز به من دقة عقلية، وتنظيم محكم في بناء الإستدلال، خاصة الأشكال القياسية، وفحص المقدمات، والإبتعاد عن الميول والأهواء التي تشوش أحكام العقل، ويقول في هذا السياق "أبو حامد الغزالي" :"من لا يعرف المنطق لا يوثق في علمه"، مما يعني أن المنطق شرط كاف لعدم الوقوع في الأخطاء، وضمان العصمة من الخطأ في التفكير، وصحة البراهين دائما، وهذا ما جعل الفيلسوف الألماني "إيمانويل كانط" يقول :"إن المنطق ولد تاما مع أرسطو".

إذن، فانطباق الفكر مع نفسه شرط كاف لضمان إتفاق العقول من جهة، وعدم وقوع الذهن في الأخطاء والتناقضات من جهة أخرى.

3 - حل المشكلة: 

          ونستنتج من كل ما سبق تحليله أن انطباق الفكر مع نفسه (المنطق

التقليدي – الصوري – الأرسطي) وما يتضمنه من قواعد فكرية يعصم الذهن من الوقوع في الأخطاء والمغالطات بالضرورة، فالمنطق الصوري حاول التأسيس لنظرية معرفية تعبّر عن كيفية توجيه العقل نحو الصواب أثناء التفكير المنطقي بحيث لا يتناقض مع نفسه أثناء بناء تصوراته وأحكامه واستدلالته، ويقول في هذا السياق "ابن سينا" :"المنطق آلة تمنع الذهن من الوقوع في الزلل [أي الخطأ]"، أو كما يقول عالم الرياضيات الفرنسي "هنري بوانكاري" :"إننا...نبرهن بالمنطق".

على هذا الأساس يبقى منطق "أرسطو" ذو قيمة ايجابية، لأنه وضع للعقل "مخطط للتفكير"، وما وقوع الذهن في الأخطاء والمغالطات إلا وسببه توظيف قواعد المنطق وآلياته بطريقة خاطئة، وليس سببه قواعد المنطق في حد ذاتها، ومن يعتقد أنه يفكر بخلاف القواعد المنطقية، فتفكيره خاطئ وسلبي، بل إنه لا يعرف ما التفكير؟ وما هو فن التفكير؟

وأخيرا، فالأطروحة القائلة أن :"تطابق الفكر مع نفسه شرط كاف لعدم وقوعه في الأخطاء"، صحيحة وصادقة، يجب الدفاع عنها، والأخذ برأي مناصريها، لأنها مؤسسة فكريا وواقعيا، مما يعني أنها مشروعة، وذات مصداقية دائما.

1 إجابة واحدة

0 تصويتات
بواسطة (627ألف نقاط)
 
أفضل إجابة
دافع عن صحة الأطروحة القائلة أن تطابق الفكر مع نفسه شرط كاف لعدم وقوعه في الخطأ

اسئلة متعلقة

مرحبًا بك إلى موقع باك نت، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...