0 تصويتات
في تصنيف مقالات ونصوص فلسفية باك 2024 بواسطة

هل النسيان امر طبيعي ام مرضي

مقالة فلسفية حول النسيان 

قيمة النسيان 

مرحباً زوارنا طلاب وطالبات الباك bac 2024 في موقعنا التعليمي المتميز في منهجية تحليل نص فلسفي وكتابة مقالة فلسفية مختصرة وتحليل دروس الباك لجميع المستويات كما يسرنا في مقالنا هذا أن نطرح لكم الإجابة الصحيحة والنموذجية في موقع <<باك نت >> إجابة السؤال القائل ....هل النسيان امر طبيعي ام مرضي

الإجابة الصحيحة والنموذجية هي 

هل النسيان امر طبيعي ام مرضي؟

طرح المشكلة :

تعد الذاكرة من أهم العمليات العقلية العليا في حياة الإنسان وتعتمد عليها عدد من العمليات الأخرى مثل الإدراك، والتعلم والتفكير وحل المشكلات ، وهى العملية المعرفية التى تعنى تخزين ما تم اكتسابه من معلومات لفترة من الوقت بهدف استرجاعها عند الحاجة ,وعندما يعجز الشخص عن استرجاع ما سبق تخزينه فإن هذا السلوك يسمى نسياناً, حيث يعرف النسيان بأنه فقدان طبيعي جزئي أو كلي مؤقت أو دائم لما اكتسبناه من ذكريات و مهارات حركية و منه فهو عجز عن الاسترجاع أو التعرف أو عمل شيء. غير أن طبيعة النسيان عرفت تناقضا في الآراء وجدلا فهناك من يرى انه طبيعي, و هناك من يجعله معارضا للذاكرة فهو مرضي لذلك نطرح التساؤل التالي هل النسيان مكمل لعمل الذاكرة أم مناقض لها ؟ وهل هو ظاهرة إيجابية أم سلبية ؟

محاولة حل المشكلة :

#الموقف_الأول

يرى كل من الفيلسوف الحدساني برغسون و رائد مدرسة التحليل النفسي سيغموند فرويد ان النسيان امر طبيعي فالذاكرة لا تعني حفظ كل آثار الماضي ثم استعادتها جميعا , بل ينتقي الإنسان ما هو ضروري وموافق لاهتماماته , ومن هنا يكون أمرا عاديا وطبيعيا أن ينسى إنسان بعض آثار الماضي يقول دولاي " النسيان حارس الذاكرة" فالذاكرة التي لا يسندها النسيان تضر الانسان بدل ان تنفعه , لذلك اعتبر برغسون النسيان حالة طبيعية يعيشها الفرد إذ لا يتذكر من الماضي إلا ما كانت له علاقة بالواقع الذي يعيش فيه , إذ لا يلتفت الإنسان إلى الماضي إلا لحاجة في التكيف , إذ حاول برغسون إثبات أن الحوادث السابقة لا تمحى , وأن الذكريات المنسية لا تتلف أبدا . ولهذا انتقد برغسون ريبو بشدة في الذاكرة المرضية .اما فرويد فيرى أننا ننسى معلومات مختزنة في الذاكرة لأننا ببساطة نود نسيانها إراديا و هي الأحداث المؤلمة في ساحة الشعور التي نطردها إلى اللاشعور وهو ما يعرف بنظرية الكبت التي نجدها لدى العاديين من الناس فقد يحدث النسيان نتيجة رغبة الشخص فى عدم تذكر مواقف معينة سبق له التعرض لها والنسيان فى هذه الحالة يسمى النسيان المدفوع لانه يعتمد على دوافع لا شعورية لدى الفرد ويلعب دور الحيلة الدفاعية ضد تهديد الذات . ؛ إننا ننسى اسم الشخص الذي لا نحبه و ننسى مكان الشيء الذي نريد أن نضيعه يقول سيغموند فرويد: "النسيان هروب من الواقع المؤلم"، وقد دلت التجارب صدق هذه النظرية الى حد كبير فلو سجل الإنسان في قائمة قبيل نومه ما يعتزم القيام به في الغد من أعمال وواجبات ثم عاد الى هذه القائمة في تمام اليوم التالي لوجد أن ما نسيه هو ما لم يكن يرغب لاشعوريا في أداءه وقد أجريت تجارب كثيرة من بينها أن طلب الى 51 طالب أن يسجلوا جميع خبراتهم السارة و غير السارة خلال الأسابيع الثلاثة التي سبقت التجربة و بعد ثلاث أسابيع طلب إليهم أن يسترجعوا القائمتين فوجد أنهم استرجعوا 51 بالمئة من الخبرات السارة و 41 بالمئة من الخبرات الغير السارة . 

كما أن بعض علماء النفس الحديث يرجعون ظاهرة النسيان إلى بعض العوامل كعامل الترك اوالضمور, وعامل التداخل فاختفاء بعض الذكريات يكون نتيجة تركنا لها نظرا لعدم احتياجاتنا إليها او حين تكون المعلومات موضع الاهتمام مهملة ,ومنه فان الإهمال يتسبب في النسيان و على هذا فان النسيان يشبه البهت التدريجي لصورة فوتوغرافية مع مرور الزمن , فالإنسان يتذكر ما يلائمه وينفعه ويفيده , فالتذكر اختيار , وبناء على ما سبق يكون النسيان ظاهرة عادية تعيشها الذاكرة لا حالة سلبية .اما التداخل فيقصد به نسيان المعلومة نتيجة تداخل المعلومات الجديدة على القديمة والعكس فلو طلب من طفل قراءة كلمة لاول مرة "نجيب محفوظ "وبعدها بثوان قليلة الكلمة " مصطفى محمود " و إذا طلب من الطفل بعد انقضاء " نصف دقيقة " أن يستدعى الكلمة الأولى فإنه قد يجيب .. " نجيب محمود " .. أي أن الكلمة الجديدة جعلت من الصعب تذكر الكلمة القديمة أما إذا طلب من نفس الطفل استدعاء الكلمة الثانية فإنه قد يجيب " مصطفى محفوظ " أى أن الكلمة القديمة اعترضت استدعاء الكلمة الجديدة. وإذا نحن نظرنا إلى ما يؤديه النسيان من خدمات للذاكرة والإنسان بصفة عامة وجدناها كثيرة فلولا النسيان لما تقدمنا في تحصيل المعرفة خطوة واحدة فهو يسمح لنا باكتساب خبرات جديدة إذ يساعد الفرد على إبعاد بعض المعلومات التي ليس لها أي معنى والاهتمام بالمعلومات المفيدة التي نحتاجها في الوقت المناسب فلو كانت الذاكرة تملأ نفسها بكل شيء بحيث لا تغيب عنها دقائق الأشياء الماضية لأفتقد الفكر مرونته ،ويترتب على هذا أن النسيان هو الوسيلة النفسية التي يستخدمها الشخص للتوافق مع الشروط الراهنة التي تمس علاقته بالغير وحتى مع ذاته فإذا بقي الإنسان مثلا يتذكر دوما موت قريب له فحتما لن يعيش في توافق مع ذاته ومع المجتمع . يقول الكاتب الفرنسي جون روستان "اليوم السعيد هو اليوم الذي يبقى فيه الماضي ساكنا"

#النقد:

 لكن لا يمكن اعتبار كل نسيان حالة عادية , فقد ينسى الإنسان بعض الحوادث التي هو في أمس الحاجة إليها ولا يمكن اعتبار ذلك إلا حالة سلبية تعيق الإنسان في نشاطه , وفي كثير من الاحيان يكون النسيان دلالة على عجز و نتيجة لمرض لا يمكن تجاهله وخاصة اذا كان مستديما.

#الموقف_الثاني:

يرى بعض العلماء و الفلاسفة ان الذاكرة باعتبارها نفسية تعمل على حفظ الذكريات و استرجاعها عند الضرورة فإن كل فقدان أو عجز في الاستحضار يعتبر حالة سلبية . ومن بين العلماء الذين يرون أن النسيان مرض ريبو الذي فسر النسيان تفسيرا ماديا يرده إلى إصابة في الدماغ , فأية إصابة في خلايا القشرة الدماغية يؤدي حتما إلى زوال الذكريات المسجلة عليها , مما ينتج عنه فقدان الذكريات وهذا الفقدان قد يكون كليا فيبدأ من الحوادث القريبة العهد ويمتد إلى الأفعال والإشارات , كما يمكن و أن يتماثل المريض إلى الشفاء فيسترجع ذاكرته فتعود الذكريات وفقا للترتيب المعاكس لفقدانها وقد جاءت تجارب بروكا تثبت ذلك بحيث أنه إذا حدث نزيف دموي في قاعدة التلفيف الثالث يولد مرض الحبسة ، كما أن فساد التلفيف الثاني يولد العمى اللفظي وأن فساد التلفيف الأول يولد الصمم اللفظي ، ويعطي الدكتور دولي براول مثال عن بنت في 23 من عمرها أصابتها رصاصة في المنطقة الجدارية اليمنى ومن جراء هذا أصبحت لا تتعرف على الأشياء التي توضع في يدها اليسرى رغم أنها بقيت تحتفظ بالقدرة على مختلف الإحساسات النفسية والحرارية والألمية فإذا وضع أي شيء في يدها اليسرى وصفت جميع خصائصه وعجزت عن التعرف عليه ، وبمجرد أن يوضع في يدها اليمنى تعرفت عليه بسرعة وهكذا تبدو الذكريات كما لو كانت في منطقة معينة من الدماغ , ويضيف ريبو دليلاً آخر هو أنه لو أصيب أحد الأشخاص الذين فقدوا ذاكرتهم على مستوى الدماغ إصابة قوية ربما استعاد ذاكرته, ومن بين الأمراض التي تصيب الذاكرة صعوبة التذكر (ديسيمنيزيا): سببه عدم القدرة على تثبيت الذكريات ,فقدان الذاكرة (الأمنيزيا): فقدان الذكريات إما كلياً أو جزئياً, الذاكرة الكاذبة (البارامنيزيا): ذاكرة منحرفة و مشوهة, فرط التذكر (هيبرومنيزيا): شدّة حضور الذكريات و الصور بحيث يتذكر التفاصيل لدرجة تضخمها. والنسيان المرضي يصيب الذاكرة ويقضى على حياتنا السوية فهو يلحق بالشخص أضرارا خطيرة تمس شعوره وشخصيته ويعرض طبيب الأعصاب الفرنسي جون دولاي حالة شخص عمره 59 سنة مصاب بداء الكحول يملك ذكريات دقيقة عن ماضيه البعيد فيتحدث عن عمله في الجيش أثناء الحرب العالمية الأولى ويصف جميع الحوادث دون تحريف يذكر غير أنه منذ سنة تقريبا لا يستطيع الاحتفاظ بذكريات الحوادث التي يمر بها فلا يتعرف في المستشفى الذي يوجد فيه و لا على غرفته ولا حتى على سريره وحتى طريقه الذي يمر فيه ينساه ويبدو وكأن وظيفة التذكر قد توقفت عن نشاطها ابتداء من فترة معينة وهو ما يعرف بمرض الزهايمر او خرف الشيخوخة كما يقدم لنا عالم النفس الفرنسي بيار جاني مثالا عن فقدان القدرة على استحضار الذكريات وهو نوع من أمراض الأمينيزيا في قصة فتاة كانت تعالج أمها المريضة غير أن والدتها ماتت وهي تعالج فأصيبت الفتاة بصدمة نتج عنها إضطربات مختلفة كفقدان القدرة على تذكر الحادث بحيث انشطرت حالتها النفسية إلى قسمين تارة تنسي كل ما يتعلق بوالدتها وتارة أخرى تتذكر كل شيء .

وأبرز ما تتجلى فيه الوظيفة السلبية للنسيان مظاهر الفشل والإخفاق في الامتحانات كعجز التلميذ عن الإجابة أثناء الامتحان بالرغم من جهده لتذكر المعلومات، كما أن النسيان يبدو في مجال اكتساب المعرفة والتحصيل العلمي عائقا خطيرا و ما يبرر هذه الخطورة رأي بعض علماء التربية القائلين بأننا ننسى أكثر مما نتعلم لذلك كانت الذاكرة القوية نعمة لصاحبها "آفة العلم النسيان" ويقول أفلاطون كذلك: "المعرفة تذكر و الجهل نسيان "،  

#النقد

لكن ليس كل نسيان مرض , فقد يكون النسيان شرطا لحياة الذاكرة نفسها , إذ منه يكون نفسيا وتلقائيا لعدم الحاجة إليه دون تلف لخلايا الدماغ , فمن الناحية العملية نتذكر ما يفيدنا وينفعنا وماله قيمة بالنسبة لنا.

#التركيب

لا يمكن الاقرار بان النسيان حالة عادية وطبيعية دائما, كما لا يعتبر حالة مرضية وسلبية دائما, فالذاكرة السليمة ليست تلك الذاكرة التي يصيبها النسيان و إنما الذاكرة التي تنتقي موضوعاتها فتحتفظ بما هو ضروري لها وتطرح الباقي جانبا فتكسب قدرة جديدة على الحفظ والاسترجاع .فالنسيان ظاهرة تفترضها طبيعة الذاكرة فهو شرط من شروط توازنها وسلامتها , والحكم على النسيان بأنه نقيض الذاكرة حكم ساذج فالنسيان ليس نفيا للذاكرة و لا نقيضا لها في جميع الأحوال , فلولا النسيان لما استطاع الإنسان أن يتكيف مع المواقف الجديدة وهذا لا يعني أن النسيان حالة إيجابية دائما بل قد يكون سلبيا ومعيقا لصاحبه متى كان مرضيا, يقول الباحث الفرنسي جورج غوسدورف : " النسيان شرط لاستمرار الوجود."

#حل_المشكلة 

من خلال التحليل السابق نستنتج ان الانسان ذاكرة و نسيان ما يجعل النسيان أمر طبيعي أو مقبول , وانه ليس ثمة مدعاة للخوف أو القلق . فكل إنسان ينسى , والنسيان في حدوده العادية أمر صحّي ومفيد , والاختصاصي في علم النفس أو الطب النفسي هو الذي يميز بين حالات النسيان العادية , والحالات المرضية التي تؤثر سلباً على وظائف الفرد الحياتية وهذا ما تفطن اليه ريبو اذ يقول " لولا النسيان لبقي الحزن في النفس فخير للذاكرة ان تكون ملكة نساءة ".

إجابتك

اسمك الذي سيظهر (اختياري):
نحن نحرص على خصوصيتك: هذا العنوان البريدي لن يتم استخدامه لغير إرسال التنبيهات.

اسئلة متعلقة

مرحبًا بك إلى موقع باك نت، حيث يمكنك طرح الأسئلة وانتظار الإجابة عليها من المستخدمين الآخرين.
...