شرح الخطوات الإجرائية لتحليل نص فلسفي وفق المعايير الديداكتيكية
مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم في موقع باك نت.baknit الموقع التعليمي المتميز والمتفوق بمنهجية الإجابة الصحيحة والنموذجية من مرحلة التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي bac 2023 كما يسرنا بزيارتكم أن نقدم أهم المعلومات والحلول وأفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية 2022 2023 وكما عودناكم أعزائي الزوار في صفحة موقع باك نت أن نطرح لكم ما تبحثون عنه وهو ......الخطوات الإجرائية لتحليل نص فلسفي وفق المعايير الديداكتيكية
وتكون الإجابة على سؤالكم هي على النحو التالي
الخطوات الإجرائية لتحليل نص فلسفي وفق المعايير الديداكتيكية<3 > <4 <5
لما كان متعلم اليوم هو باحث الغد، ومفكر المستقبل فإن المأمول من نص الفلسفة أن يسهم في تكوين شخصية المتعلم وتحقيق المواصفات الإستشرافية التي رسمناها سابقا، ولتحقيق هذه الأهداف لابد من سلك منهجية مضبوطة تعتمد على الخطوات التي تحقق بعض الكفايات المعرفية والمنهجية والتواصلية ثم القيمية، وذلك عبر تعليم الطرائق الفعالة في التفكير القائمة على التحليل والتركيب وفق تدرج بيداغوجي، وآخر منطقي بدء من البسيط إلى الأقل بساطة، ومن المركب إلى الأكثر تركيبا.
وتبعا لما رسمناه في حد النص وتعريفه
وخصوصيته يحق لنا وصف النص عرفيا بأنه "أكثر من قولة وأقل من كتاب"، وبالتالي ستكون مهمة الأستاذ والمتعلم حسب
ما سبق ذكره هي البحث عن إشكالية النص من خلال المفاهيم التي بواسطتها بسط الفيلسوف أطروحته، وكذا استخراج البنية الحجاجية في النص، باعتبار أن الحجاج ميزة للنص دون القولة ودون السؤال المفتوح. كما أن النص بالإضافة إلى المواصفات السابقة الذكر يتميز بخاصية الوحدة المفهومية، حيث تتكامل العناصر المشكلة له، خادما بذلك غاية الفيلسوف ومنخرطا في هموم عصره.
ولتحليل النص الفلسفي وفق المعايير الديداكتيكية لابد من مراعاة بعض الإجراءات العملية، فما هي الخطوات المنهجية التي يرجى اتباعها في تحليل النص الفلسفي؟.
مبدئيا نحدد خطوات دراسة النص الفلسفي في أربع مراحل، وهي متداخلة بحيث يعسر عزل الواحدة عن الأخرى، وهذا التداخل هو ما يفرض قراءة النص مرات عديدة، في كل قراءة نستخرج منه شيئا جديدا، ومعنى هذا أن يكون فعل القراءة موجها من طرف الأستاذ، تارة تكون القراءة من أجل الاستئناس والاستطلاع على بنية النص، وثانية من أجل استخراج مفاهيم النص التي عبر من خلالها الفيلسوف عن أطروحته، وقراءة ثالثة من أجل استخراج إشكالية النص، ورابعة من أجل استنباط البنية الحجاجية في النص وأشكال الاستدلالات الواردة بين سطور النص، وكل هذا من أجل استخلاص موقف الفيلسوف من القضية التي من أجلها كان هذا النص أصلا، وكيفما كان الحال فإن قراءة النص تنمي كفاية الإصغاء، إصغاء إلى كلمات ومفاهيم النص، ودقات إلى "قلب الناس" وهمومهم.
هكذا إذن يبدو أن كل قراءة للنص لابد من أن تهدف إلى استخراج قضية ما، وستكون أول خطوة هي استخراج المفاهيم المفاتيح، التي إذا تم استخراجها بشكل سليم تم فهم النص، وهنا لابد من التعامل مع النص بذكاء، ذلك أن كل فيلسوف إلا ويبدع عدته المفاهيمية ومن هنا ضرورة الاحتفاظ لكل فيلسوف بعدته، وبعبارة أخرى لا ينبغي نقل مفهوم من حقل فلسفي إلى آخر أو عزله عن محيطه، فالجوهر مثلا عند أرسطو ليس هو الجوهر عند كانط، كما أن العلة عند أرسطو ليست هي العلة عند ليبنتز، ومفهوم الميتافيزيقا عند كانط ليست هي الميتافيزيقا عند نيتشه، والسببية عند الغزالي ليست هي السببية عند هيوم...، ومن هنا ضرورة فهم النص من الداخل، لا أن نسقط عليه تأويلاتنا ومفاهيم غريبة عنه.
وبعد هذه القراءة –المتأنية بالطبع- التي تم خلالها استخراج المفاهيم الفلسفية الأساسية، وهي ما تعرف في العرف الفلسفي بالمفهمة، يأتي دور القراءة الموجهة نحو استخراج إشكالية النص نظرا لأهميتها في تحليل النص.
والاشكالية هي »القراءة التي من خلالها يبرز المشكل الذي يعالجه النص، ورهانات هذا المشكل، إن الأشكلة تعني أيضا أن نكشف من خلال قراءتنا عن الإشكالية الخاصة كما يعرضها النص بانتظام .. إنها تعني في الأخير وفي نفس الوقت التساؤل عن تصور المتعلم الخاص واختـبـاره فـي محـك النـص«[1].
واضح من خلال هذا التعريف –الذي سبق أن أوردناه- أن الإشكالية تتميز بالخصائص التالية:
× هي مجموع الأسئلة الفلسفية والعلمية المترابطة.
** تعبر عن موقف صاحب النص إما بشكل مباشر وواضح، وإما بشكل مضمر وضمني.
**تشكل مساهمة الفيلسوف النظرية في معالجة قضايا عصره بطريقة فلسفية، (أنظر تحليل نص "السعادة والمدينة" لأبي نصر الفارابي، في الكتاب المدرسي للسنة الثانية الـتأهيلية، آداب عصرية، الصفحة 105، ضمن درس السعادة في القسم المخصص للجانب التطبيقي من هذا البحث).
**يشكل النص إجابة للفيلسوف عن قضية فلسفية معينة وجودية كانت أم معرفية أم قيمية، أو عن سؤال صريح أو مضمر طرح فلسفيا.
من خلال هذه الخصائص نكتشف أن النصوص الفلسفية تبوح بالإشكالية أفصح مما تبوح به نصوص أخرى. ومن ثمة تلك الصعوبات التي عرضناها في الفصل السابق المتعلق بالخطاب الفلسفي.
بعد هذا الحد من استخراج المفاهيم واستخراج الإشكالية =المفهمة والأشكلة، يصير من السهل الكشف عن موقف الفيلسوف، وهذه تشكل لحظة أخرى من لحظات القراءة الموجهة للنص الفلسفي، وذلك بالانتباه إلى منعطفات النص بعد تقطيعه إلى وحدات دالة. إذ تبرز كل تمفصلات النص من خلال علامات الترقيم وأدوات الربط اللغوية والمنطقية ودلالاتها، ففي هذه اللحظة ينبغي الحذر في التعامل مع النص، وذلك بالتسلح بأساليب الربط وأنواعها. وإن أمكن التمرس على المنطق القضوي والرمزي، إذ تساعد هذه المعارف المنطقية واللغوية على استخراج البنية الحجاجية للنص، وهذا ما يشكل صلب الخطوة الموالية في القراءة الموجهة.
ويرى بيرلمان PERLMAN أن الحجاج »يغطي حقل الخطاب بكامله، ويهدف إلى الإقناع والاستمالة، وذلك كيفما كان نوع المخاطبين ومهما كانت مادة ذلك الخطاب«[2]
الحجاج Argumentation إجراء يستهدف من خلاله شخص ما حمل مخاطبه على تبني موقف معين عبر اللجوء إلى حجج، تستهدف إبراز صحة هذا الموقف أو صحة أسسه، فهو إذن عملية هدفها إقناع الآخر والتأثير عليه، ما يمكن أن نستشف من خلال هذا التعريف هو:
++اختلاف الحجاج عن البرهان وعن الاستدلال، فإذا كان غرض العالم هو البرهنة القطعية، فإن هدف الفيلسوف هو الحجاج الظني، وإذا كان ميدان الحجاج هو الاحتمال، فإن ميدان العلم هو الحقائق البديهية المطلقة، وإذا كان هدف البرهان هو الوصول إلى نتيجة مجهولة، فإن هدف الحجاج هو إثبات نتيجة معلومة[3].
**هدف الحجاج هو إقناع الغير والتأثير عليه، ومعنى هذا أن الحجاج يفترض وجود طرفين، إما يدفع الآخر إلى الاقتناع باختيار صاحب الحجة، وإما لتدعيم ذلك الاختيار.
**كون الحجاج أحد أنواع الاستدلال، »وهي طريق الوصول إلى معلومات تصديقية نظرية ليس لدينا وسائل حسية أو أدلة مادية للوصول إليها، وهي أيضا طريق إقناع الآخرين بها، وإلزامهم جدليا بقبولها والتسليم بها«[4]
× أن الحجج على مراتب، فبعضها يفيد القطع، وبعضها يفيد الظن.
× تأثير اختيار الحجج في الإقناع في المخاطب.
× تنوع الحجج من أجل البرهنة على أطروحة واحدة، وعند هذا الحد أدرج اقتراحا قام به الأستاذ ميشيل طوزي لتعلم قراءة نص فلسفي، حيث قدم للمتعلمين نـصا حجاجيا بسيطا بغية تمـييز النص الحجاجي عن غيـره مـن أنمـاط النصوص، فاستـنبط أن» فهم النص الحجاجي يعني القدرة على الإجابة عن ثلاثة أسئلة: ما هو السؤال الذي يعالجه النص، وما هو الجواب الذي يقدمه عن هذا السؤال؟، ثم ما هي الخطوط الكبرى لحجاجه؟[5]« .
وقد قدم الأستاذ حميد اعبيدة بعض أنواع الحجـج كالحجـج المعتمدة على الأمـثـلة »والـحجاج بالـسلـطة، والحجاج بالقيم، وأنماط البرهان-بأشكاله الاستنباطـي والاستقـرائي-«[6]، لكن النصوص الموظفة في الكتاب المدرسي في التعليم التأهيلي بالمغرب في معظمها تتراوح بين هذه الأنماط من الاستدلال: الاستدلال الاستنتاجي، الاستدلال الاستقرائي، الاستدلال الشرطي، الاستدلال بالمماثلة، الاستدلال بالحذف، الاستدلال بالمقابلة، الاستدلال بالخلف، ومن جانبنا نضيف بعض أنواع الحجج الحجة بالاستنباط، والحجة الخلقية، الحجة بالمنفعة، الحجة بالأمثلة، ...
ومهما يكن من أمر الحجاج يكون بقصد إقناع الغير، ومن هنا ضرورة استحضار المواقف الأخرى، مؤيدة كانت أم معارضة، خصوصا إذا علمنا أن الخطاب الفلسفي هو خطاب حوار بامتياز بين الفلاسفة أنفسهم، حيث يستدعي كل فيلسوف فكر فيلسوف آخر إما ليدعم به رأيه، أو فيلسوفا يعارضه ويثبت فساد أطروحته، ولنا في هذا حجج عديدة من تاريخ الفلسفة، إذ استحضر أفلاطون فلسفة سقراط، كما استحضر أرسطو فلسفة أفلاطون.
كانت هذه بعض الخطوات الإجرائية لتحليل نص فلسفي، ولكن هذا العمل لن يكتمل إلا إذا تمرس المتعلم بتوجيه من الأستاذ على هذه المهارات كل واحدة على حدة حتى يتقنها، فإذا تسنى له ذلك انتقل إلى التمرس على الجمع بين هذه المهارات في شكل الإنشاء الفلسفي الذي يعبر عن مدى استيعاب المتعلم لتلك المهارات.
ومعنى هذا أن عمل الأستاذ هو تهيئ الظروف ومساعدة المتعلم على إتقان تقنيات الكتابة الفلسفية، -لأن هذه من المواصفات الاستشرافية للمتعلم المغربي-، حيث ينبغي أن يتمرس المتعلم في إطار العملية التعليمية التعلمية على خطوات الإنشاء الفلسفي، من المقدمة وطرح الإشكال، ومرورا بالعرض بما يتضمن من مراحل جزئية تجمع بين التحليل والمناقشة، ووصولا إلى الخاتمة التي تجمع شتات الموضوع، حيث تعتبر بمثابة حصيلة الموضوع، وفي نفس الوقت انفتاحا على سؤال آخر. وهذا لا يعني أن هذه الخطوات مستقلة بعضها عن البعض الآخر، بل لابد من المزاوجة فيها بين المنهجي والمعرفي، لأن كلاهما يكمل الآخر، كل ذلك بأسلوب منطقي بسيط ينطلق من البسيط إلى الأقل بساطة، ومن المركب إلى الأكثر تركيبا، فلننطلق من المقدمة
تابع قراءة في الأسفل