بحث عن الذاكرة والذكريات الذاكرة والمراحل العمرية والذاكرة الوراثية
بحث حول الذاكرة والذكريات
الذاكرة والمراحل العمرية
تناولنا مختلف الجوانب التمهيدية التي تخص موضوعاً يهمنا جميعاً وهو (الذاكرة والذكريات). ونتابع اليوم تقديم معلومات إضافية في هذه الاتجاه.
الذاكرة الوراثية وحلم التعرّف على ذكريات الأسلاف
يحلم البشر منذ زمن بعيد بإمكانية تجسيدهم في وعيهم أو ممارستهم لذكريات وتجارب أسلافهم. وهناك معتقدات ثقافية/معتقدية (غير علمية) شائعة (مازالت حتى الآن) تحاول إقناع النفس والغير (بسرديات متنوعة تفتقر إلى الأدلة) بوجود إمكانية انتقال شخصية الأجداد/ذاكرتهم/روحهم (أو غيرهم) لمواليد جدد عن طريق آليات التقمّص/التناسخ/إعادة الولادة/ التجسّد (المنتشرة من جذور في الثقافات وبعض الديانات الهندية وغيرها).
وبعد اكتشاف الحمض النووي كأساس للمادة الحية وتكاثرها، والمورثات والصبغيات، وتطور علوم التكاثر الجنسي واللاجنسي والوراثة، ظهر ميل قوي عند بعض العلماء للإجابة عن سؤال يُماثل من حيث الجوهر هذا الأمر... حيث يحاول بعض الباحثين القيام بتجارب على بعض الكائنات الحية (ديدان أو فئران وغيرها) لإثبات هذه الإمكانية. ودخل المصطلح (الذاكرة الوراثية) قيد التداول رغم أنّ العديد من العلماء والباحثين يعترضون على الفكرة من أساسها لغياب أدلّة حاسمة تثبت ذلك حتى الآن.
والذاكرة الوراثية هي ظاهرة نفسية تعرف رسميا بأنها (ذاكرة موجودة عند الولادة موجودة في غياب التجربة الحسية ويتم دمجها في الجينوم على مدى فترات طويلة من الزمن). وهذا النوع من الذاكرة متجذر في فكرة أن التجارب والأحداث والتعرضات المتكررة من قبل البشر من التركيب الجيني المماثل سوف يتم توريثها ، أو (دمجها) في جينات المرء. وبالتالي أنّ ذكريات الأسلاف يتم الاحتفاظ بها في النهاية في الحمض النووي الخاص بهم ويتم نقلها لاحقا إلى الأحفاد.
وفي هذه المرحلة الزمنية التي نعيش بها، لا يوجد دليل علمي قوي يشير إلى أن البشر يمتلكون القدرة على (تنشيط) الذكريات التي كانت ذات يوم ملكا لأسلافهم. ومع ذلك، لا يزال هناك بحوث متعددة يجري القيام بها بشأن هذه المسألة.
ويعتقد بعض المتفائلين أنّه من المرجح أن تظهر اكتشافات وتحديثات جديدة تتعلق بالذاكرة الجينية في غضون السنوات القادمة تثبت أو تنفي هذه الموضوعة لأنّ نسبة عالية من المناقشات المحيطة بالذكريات الوراثية تقع في فئات الفرضيات والتكهنات. وفي نهاية المطاف، من المرجح أن تكون الاكتشافات العلمية هي التي ستؤدي إلى اختراقات حقيقية وملموسة (قد نناقش في مقالة قادمة بعض هذه الجوانب).
وتبقى في المتناول الجدّي الأبحاث العلمية الرصينة التي قاربت مراحل تكوّن الذكريات منذ الطفولة والتي نستعرض نتائجها على النحو التالي:
ذكرياتنا الأولى
تبدأ الذاكرة في السنة الأولى من الحياة، على الرغم من أن الذكريات تبدو محدودة الوقت نسبياً حتى نهاية السنة الثانية. ويُظْهِرُ الرُضّعُ تعرّفاً على الصور المألوفة، على سبيل المثال، والقدرة على تذكّر وتقليد التصرفات الجسدية البسيطة، وتزداد متانة هذه الذكريات مع تقدم العمر. وتشير الأبحاث إلى أنه بحلول نهاية السنة الثانية من العمر، يمكن للأطفال الصغار تذكر الإجراءات المكتسبة بعد تأخير يصل إلى 12 شهرا.
ذكريات مبكرة
يمكن أن تكون الذكريات التي يتذكرها الناس حول مجموعة من التجارب...من اللعب مع الأصدقاء... إلى الأحداث السلبية، مثل ذكرى حادث مبكر.
وغالبا ما تستند الذكريات الأولى إلى التجارب العاطفية. قد يكون من المرجح أيضاً الاحتفاظ بالذكريات المبكرة المرتبطة بوقت ومكان محددين ولها موضوع واضح.
وتختلف الآراء بشأن احتفاظ بعضنا بذكريات من مرحلة طفولته الباكرة وإن كان يصعب توثيق ذلك. وفي حين أن معظم الناس لا يتذكرون الكثير من السنوات الأولى من الطفولة، فإن الذكريات المتبقية يمكن أن تكون حَيَّةً وذات مغزى شخصي. وهذه الذكريات المبكرة طويلة المدى، والتي غالباً ما تعود إلى سنوات ما قبل المدرسة تُساعد في تكوين بداية ذاكرة سيرتنا الذاتية.
ولكن قبل أن تتشكل هذه الذكريات الدائمة بوقت طويل، تحتفظ أدمغة الأطفال بالمعلومات التي يتعلّمونها من العالم من حولهم. وتُشيرُ الأبحاث إلى أن السنة الرابعة من العمر (خاصة الأعمار من 3 إلى 3 سنوات ونصف) هي النافذة العمرية الأولى التي يتتبع فيها البالغون ذكرياتهم المبكرة ...
وتُلاحظ اختلافاتٌ بين الأفراد... ويدّعي بعض الناس الذكريات الأولى من سن الثانية/2، في حين أن ذكريات الآخرين المبكرة هي من وقت لاحق في مرحلة الطفولة.
وقد يختلف متوسط عمر الذكريات المبكرة إلى حد ما عبر الثقافات. ويسمى النقص النسبي في الذكريات من الطفولة المبكرة فقدان الذاكرة في مرحلة الطفولة أو فقدان الذاكرة الطفولي.
ارتباط العواطف بالذكريات
تتضمن العديد من ذكريات التجارب السابقة انطباعات قوية عن الخوف، أو الغضب، أو الحزن، أو الإثارة، أو الفرح، أو غيرها من المشاعر التي أحَسَّ بها الشخص في ذلك الوقت.
يبدو أن التجارب العاطفية عموما أكثر احتمالا للتذكر... وقد تشكل أجزاء مهمة من ذاكرة السيرة الذاتية للفرد. وقد يكون (التعزيز العاطفي) للذاكرة قد تطوّر جزئياً لأنه يساعد في الحفاظ على المعلومات المفيدة للسلوك المستقبلي (على سبيل المثال، معرفة أن شخصا أو شيئا معيناً يشكل تهديدا ويجب تجنبه).
الحنين إلى الماضي (النوستالجيا)
النوستالجيا هي شَوْقٌ إلى الماضي، وهي تجربة غالباً ما توصف بأنها حُلْوة ومُرّة. قد يشعر الناس بالحنين إلى الماضي عندما يفكرون في لحظة خالية من الهموم من فترة الشباب، أو بعلاقة انتهت يتم تذكرها باعتزاز، أو بداية مهنة أو مسعى آخر، أو أي تجربة أو فترة زمنية أخرى يبدو أنها تتناقض بشكل إيجابي مع الحاضر بطريقة ما.
وتوجد العديد من الآراء حول فائدة الحنين إلى الماضي. وجادل بعض علماء النفس بأنه يمكن أن يتّصف بآثار إيجابية مثل تعزيز الحالة المزاجية والشعور بالتفاؤل، وأنه يمكن أن يساعد الناس على التعامل مع الشعور بالوحدة والتجارب السلبية الأخرى. ومع ذلك، تشير الأبحاث الحديثة إلى أنه في الحياة اليومية المتزايدة التعقيد، قد لا تميل حالات الحنين العفوية إلى جعل الناس يشعرون بتحسن. وقد يعتمد التأثير العاطفي للحنين إلى الماضي على الطريقة التي يفكر بها المرء في الماضي.
ما الذي يثير الحنين إلى الماضي؟
يمكن للروائح أو الأذواق الخاصة، والأغاني من الماضي (فيروز أو أم كلثوم مثلاً)، والأشياء، وأوقات السنة، والمشاعر، والعديد من أنواع الإشارات الأخرى أن تنقل شخصاً ما بعيداً إلى ذكريات الحنين إلى الماضي.
وقد يكون الناس أكثر عرضة لتجربة الحنين إلى الماضي عندما يكونون في مزاج منخفض نسبيا، وكذلك عندما يكونون مع أحبائهم، أو أثناء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وهي سياقات قد توفر العديد من الإشارات المذكورة أعلاه.
تابع قراءة في الأسفل