خطبة عن الصحابي الجليل ابو بكر الصديق رضي الله عنه صحابي رسول الله
الخطبة الثانية
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أيها المؤمنون: لقد فَقِه رجل الهجرة الثاني، أبو بكر -رضي الله عنه-، أنّ نصرة الله لا بد أن تكون بأقصى طاقة المؤمن، وبكل ما أوتي من إمكانات، فوظّف -رضي الله عنه- فَلَذات كبده لنصرة الدعوة وخدمة دين الله، فأشرك أولاده ذكوراً وإناثاً معه في مناصرة كلمة الله، ودعم مسيرة الدعوة؛ لتنتشر في الآفاق، فها هو ابنه عبد الله يقوم بدور حسّاس ودقيق في أحداث الهجرة، فيكون عينا على قريش يتابع تحركاتهم، ويكشف مخططاتهم في تعطيل مسيرة الهجرة والمكر بأعظم مُهاجِرَيْن عرفهما التاريخ في سبيل الله: الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر -رضي الله عنه-، يحصل على تلك المعلومات لينقلها بعد ذلك في المساء بطريقة دقيقة إليهما ليتدبرا أمرهما. ويبيت حارسا عند الغار ثم يعود صباحا إلى مكة دون أن يشعر به أحد.
وتلكم أيضا عائشة ناصرة الدين بالعلم والتعلم التعليم، وأسماء التي ارتبط اسمها بأحداث الهجرة حيث عُرِفت فيها بذات النطاقين لقيامها بتزويد الرسول -صلى الله عليه وسلم- والصديق -رضي الله عنه- بالطعام حينما قطعت نطاقها لتربط به وعاء الطعام. تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: فجهزناهما -تقصد رسول الله وأباها- أحسن الجهاز فصنعنا لهما سفرة في جراب، فقطعت أسماء قطعة من نطاقها فربطت به على فم الجراب فلذلك سميت ذات النطاقين.
إن هذه النصرة العملية لدين الله من قبل أولاد الصديق جاءت ثمرة فقه سديد منه -رضي الله عنه- لمعنى نصرة الله وتربية صادقة لأولاده على معانيها فكان أن ترجمت في هذا الموقف وفي غيره، وهذا، -يا أيها المؤمنون-، ما تحتاجه الأسرة المسلمة اليوم أنْ يتربى جميع أفراد العائلة على المشاركة الإيجابية في نصرة دين الله بكل بما يتاح أمامها من أساليب ووسائل وبما يتوافر بين يديها من إمكانات مادية وعقلية وغيرها.
اللهم اجعل أعمالنا صالحة واجعلها لوجهك خالصة