خطبة عيد الأضحى المبارك مختصرة
(((خلق الطاعة والاستسلام، من خلال قصة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام)))
مرحباً اعزائي الزوار في موقع باك نت يسرنا بزيارتكم أن نقدم لكم خطبة عيد الأضحى مكتوبة ومؤثرة مختصرة بعنوان (((خلق الطاعة والاستسلام، من خلال قصة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام)))
الإجابة هي
خطبة عيد الأضحى المبارك مختصرة
(((خلق الطاعة والاستسلام، من خلال قصة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام)))
الخطبة الأولى:
(الله أكبر سبعا)
اللهُ أكْبَرُ مَا لَبَّى مُلَبٍّ وَكَبَّرَ، اللهُ أكْبَرُ مَا طَافَ بِالْبَيْتِ طَائِفٌ وَكَبَّرَ، اللهُ أكْبَرُ مَا ضَحَّى مُضَحٍّ وَكَبَّرَ، اللهُ أكْبَرُ كبيرًا وَالْحَمْدُ للهِ كثيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ بَكْرَةً وَأَصيلًا، الْحَمْدُ لِلهِ الْمُبْدِئِ الْمُعِيدِ، الَّذِي مَنَّ عَلَيْنَا بِهَذَا الْعِيدِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبِينُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَصَفِّيُّهُ وَحَبِيبُهُ، مَنْ أَرْسَلَهُ اللهُ تَعَالَى رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ، اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلَّمَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ فَيَا أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ:
إِنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمٌ مُبَارَكٌ قَدْ شَرَّفَهُ اللهُ وَعَظَّمَهُ، وَأَعْلَى شَأْنَهُ وَرَفَعَ قَدْرَهُ، رَوَى أَبُو دَاوُدَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: أَعْظَمُ الْأيَّامِ عِنْدَ اللهِ يَوْمُ النَّحْرِ... فَهُوَ يَوْمٌ يَتَقَرَّبُ فِيهِ الْمُسْلِمُونَ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِمَا يُقَدِّمُونَهُ مِنَ الْأضَاحِي، طَمَعًا فِي نِيلَ الْفَضْلِ الْعَظِيمِ وَالثَّوَابِ الْجَزِيلِ، فَهِي أفْضَلُ مَا يُمْكِنُ لِلْعَبْدِ أَنْ يَتَقَرَّبَ بِهِ إِلَى اللهِ تَعَالَى فِي هَذَا الْيَوْمِ، رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَاِبْنُ مَاجَهٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: مَا عَمِلَ اِبْنُ آدَمَ يَوْمَ النَّحْرِ عَمَلًا أَحَبَّ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ هِرَاقَةِ دَمٍ، وَإِنَّهُ لَيَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا وَأَظْلَافِهَا وَأَشْعَارِهَا، وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ عَلَى الْأرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نَفْسًا. وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: ضَحُّوا وَطَيِّبُوا بِهَا أَنْفُسَكُمْ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ مُسْلِمٍ يُوَجِّهُ ضَحِيَّتَهُ إِلَى الْقِبْلَةِ، إِلَّا كَانَ دَمُهَا وَفَرْثُهَا وَصُوفُهَا حَسَنَاتٍ مُحْضَرَاتٍ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
(الله أكبر ثلاثا) اللهُ أكْبَرُ كبيرًا وَالْحَمْدُ للهِ كثيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ بَكْرَةً وَأَصيلًا...
إِنَّ الْأَضْحَيَةَ هِيَ سِنَّةُ نَبِيِّ اللهِ إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَاَمُ -، فَقَدْ رَوَى الْإمَامُ أَحَمْدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَاِبْنُ مَاجَهٍ أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ ﷺ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ مَا هَذِهِ الْأَضَاحِي قَالَ: سُنَّةُ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ... وَذَلِكَ أَنَّ سَيِّدَنَا إبراهيم - عَلَيْهِ السَّلَاَمَ - أُوحِيَ إِلَيْهِ فِي الْمَنَامِ أَنْ يَذْبَحَ وَلَدَهُ إسماعيل، فَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ قَالَ لِوَلَدِهِ: قَالَ يَا بُنَّيِّ إِنِّيَ أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّيَ أَذْبَحُكَ فَاُنْظُرْ مَاذَا تَرَى. وَرُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ، إِذَا رَأَوْا شَيْئًا فَعَلُوهُ، فَعَزَمَ سَيِّدُنَا إِبْرَاهِيمُ – عليه السلام - عَلَى تَحْقِيقِ الرُّؤْيَا.
وَقَدْ ذَكَرَ أهْلُ الْعِلْمِ بِالسِّيَرِ وَالتَّفْسِيرِ أَنَّ اعِيلُ: يَا أَبَتِ أَيْنَ قُرْبَانُكَ؟ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: يَا بُنِّيِّ إنِّي رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِي أَذْبَحُكَ. فَقَالَ إِسْمَاعِيلُ: يَا أَبَتِ اِفْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ. ثُمَّ قَالَ: أُشْدُدْ رِبَاطِي حَتَّى لَا أَضْطَرِبَ، وَاُكْفُفْ عَنِّي ثِيَابَكَ حَتَّى لَا يَنْتَضِحَ عَلَيْكَ مَنْ دَمِي فَتَرَاهُ أُمِّي فَتَحْزَنَ، وَأَسْرِعْ مرَّ السِّكِّينِ عَلَى حَلْقِي حَتَّى يَكُونَ أهْوَنَ لِلْمَوْتِ عَلَيَّ، فَإِذَا أَتَيْتَ أُمِّي فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَاَمَ مِنِّي.
فَأَقْبَلَ سَيِّدُنَا إِبْرَاهِيمُ يُقَبِّلُهُ وَيَبْكِي وَيَقُولُ: نِعْمَ الْعَوْنُ أَنْتَ يَا بُنِّيِّ عَلَى أَمْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. ثُمَّ إِنَّهُ أَمَرَّ السِّكِّينَ عَلَى حَلْقِهِ فَلَمْ تَقْطَعْ شَيْئًا، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَمَّا أَمَرَّهَا عَلَى حَلْقِهِ انْقَلَبَتْ، فَقَالَ إِسْمَاعِيلُ: مَالَكَ؟ قَالَ: انْقَلَبَتْ. قَالَ: اطْعَنْ بِهَا طَعْنًا. فَلَمَّا طَعَنَ بِهَا نَبَتْ وَلَمْ تَقْطَعْ شَيْئًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللهَ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ وَهُوَ الَّذِي يَخْلُقُ الْقَطْعَ بِالسِّكِّينِ مَتَى شَاءَ.
(الله أكبر ثلاثا) اللهُ أكْبَرُ كبيرًا وَالْحَمْدُ للهِ كثيرًا، وَسُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ بَكْرَةً وَأَصيلًا...
لَقَدْ عَلِمَ اللهُ تَعَالَى بِعِلْمِهِ الْأَزَلِيِّ الَّذِي لَايَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ وَلَا يَتَجَدَّدُ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ وَابْنَهُ لَا يَتَأَخَّرَانِ عَنِ اِمْتِثَالِ أَمْرِ اللهِ تَعَالَى وَأَنَّهُمَا صَادِقَانِ فِي تَسْلِيمِهِمَا وَاِمْتِثَالِهِمَا، وَنُودِيَ: أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ. هَذَا فِدَاءُ اِبْنِكَ فَنَظَرِ إِبْرَاهِيمُ فَإِذَا جِبْرِيلُ مَعَهُ كَبْشٌ، قَالَ تَعَالَى: وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ. أَيْ أَنَّ اللهَ تَعَالَى خَلَّصَ إِسْمَاعِيلَ مِنَ الذَّبْحِ بِأَنْ جَعَلَ فَدَاءً لَهُ كَبْشًا أَقَرْنَ عَظِيمَ الْحَجْمِ وَالْبَرَكَةِ.
وَيَتَجَلَّى فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ خُلُقُ الطَّاعَةِ وَالْاِسْتِسْلَاَمِ لله تَعَالَى فِي أَرْقَى تَجَلِّيَاتِهِ، فَهُوَ شِعَارُ كُلِّ مُسْلِمٍ صَادِقٍ، وَالْإِسْلَامُ هُوَ: الْاِسْتِسْلَاَمُ وَالْاِنْقِيَادُ لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، هَذَا الْأَمْرُ الَّذِي لَوْ حَقَّقْنَاهُ لِصِرْنَا فِي أَوَّلِ أهْلِ الْأرْضِ رِفْعَةً وَسُمُوًّا، قَالَ اللهُ تَعَالَى: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.
نَفَعَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ بِكِتَابِهِ الْمُبِينِ.....
الخطبة الثانية:
(الله أكبر سبعا)
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، الْمَلِكِ الْحَقِّ الْمُبِينِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ وَلِيُّ الصَّالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، سَيِّدُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آله وَصَحَابَتِهِ أجْمَعِينَ، وَمَنِ اِقْتَفَى أثَرَهُمْ وَسَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ فِيَا أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ:
فِي يَوْمِ عِيدِ الْأَضْحَى قَبْلَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ قَرْنًا خَطَبَ رَسُولُ اللهِ ﷺ خُطْبَةً عَظِيمَةً أَكَّدَ فِيهَا عَلَى تَحْرِيمِ الدِّمَاءِ وَالْأَعْرَاضِ وَالْأَمْوَالِ، فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ، قَالَ: فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ قَالُوا: بَلَدٌ حَرَامٌ، قَالَ: فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ، قَالَ: فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فَأَعَادَهَا مِرَارًا، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَلْ بَلَغْتُ اللَّهُمَّ هَلْ بَلَغْتُ...
عِبَادَ اللهِ: إِنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ عِبَادَةٍ وَنُسُكٍ وَدُعَاءٍ، يَوْمُ صِدْقٍ وَصَفَاءٍ، يَوْمُ حُبٍّ وَوَفَاءٍ، يَوْمُ بَذْلٍ وَعَطَاءٍ، يَوْمُ الْإِنْفَاقِ وَالْعَطْفِ عَلَى الْيَتَامَى والْمَسَاكِينِ وَالْفُقَرَاءِ، يَوْمٌ تَتَصَافَحُ فِيهِ الأَيْدِي، وَتَتَآلَفُ فِيهِ الْقُلُوبُ، وَيَسْعَى فِيهِ السَّاعُونَ لِلْإِصْلَاحِ بَيْنَ الْمُتَخَاصِمِينَ، فَتَرَاحَمُوا وَتَعَاطَفُوا، وَتَصَافَحُوا وَتَسَامَحُوا، وَتَزَاوَرُوا وَتَهَادَوْا، وَبَرُّوا آبَاءَكُمْ، وَصِلُوا أَرْحَامَكُمْ، فَإِنَّ صِلَةَ الْأَرْحَامِ ثَوَابُهَا مُعَجَّلٌ فِي الدُّنْيَا وَنَعِيمُهَا مُدَّخَرٌ فِي الْآخِرَةِ، إِنَّ فِي ذَلِكَ لِذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللهَ وَيَتَّقِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الفائزون.
هَذَا وَخَيْرُ مَا نَخْتَتِمُ بِهِ الْكَلَاَمَ....
• رشيد المعاشي