هل تتحقق العدالة الاجتماعية بمجرد منح الحقوق
مقالة فلسفية باك 2023
هل تتحقق العدالة الاجتماعية بمجرد منح الحقوق مقالة
مرحباً بكم متابعينا الأعزاء طلاب وطالبات العلم في موقع باك نت.baknit الموقع التعليمي المتميز والمتفوق بمنهجية الإجابة الصحيحة والنموذجية من مرحلة التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي bac 2023 كما يسرنا بزيارتكم أن نقدم أهم المعلومات والحلول وأفضل الأسئله بإجابتها الصحيحه من شتى المجالات التعلمية من مقرر المناهج التعليمية 2022 2023 وكما عودناكم أعزائي الزوار في صفحة موقع باك نت أن نطرح لكم ما تبحثون عنه وهو ....... هل تتحقق العدالة الاجتماعية بمجرد منح الحقوق مقالة
وتكون الإجابة على سؤالكم هي على النحو التالي
السؤال : هل تتحقق العدالة الاجتماعية بمجرد منح الحقـــــــوق ؟
طرح المشكلة:
إهتم الفلاسفة منذ فجر التاريخ بمشكلة العدالة،حيث كان تطبيقها على أرض الواقع مطلبا أساسيا للفلاسفة و علماء القانون والأخلاق.وإذا اقتضت العدالة جهاز حقوق و واجبات فقد إختلف المفكرون حول أسبقية كل منهما على الأخر. حيث ظهر إلى الوجود عناد فكري فلسفي تمثل في أن طائفة من الفلاسفة والمفكرين ترى أن الحقوق أولى من الواجبات في حين رأت طائفة أخرى أن الواجبات أسبق من الحقوق ، و هذا ما طرح مشروعية التساؤل حول تطبيق العدالة الإجتماعية بربطها بجهاز الحقوق و الواجبات، فهل يمكن إعتبار العدالة الحقة هي تلك التي يسبق فيها الحق الواجب أم هي تلك التي يتقدم فيها الواجب على الحق؟؟.
محاولة حل المشكلة
عرض منطق الأطروحة: يرى كثير من الفلاسفة و من بينهم سقراط، جون لوك، وولف أن العدالة الحقيقية هي تلك التي تقتضي تقدم الحق على الواجب.حيث أن سقراط عندما سؤل عن العدالة قال" العدالة هي إعطاء كل ذي حق حقه" و قد فهم من هذا التعريف أن سقراط يربط العدالة بالحقوق دون الحديث عن الواجبات، أما فلاسفة "القانون الطبيعي" فإنهم يعتقدون أن العدالة تقتضي تقدم الحقوق على الواجبات و ذلك أن الحق هو معطى طبيعي (مثل حق الغذاء، التناسل،حق الحرية،حق الحياة........) فهي حقوق معطاة بالطبيعة إذ أن كل مولود يتمتع بها بمجرد أن يولد، دون أن يطالبها. يقول 'وولف' " كلما تكلمنا عن القانون الطبيعي لا نبغي مطلقا قانونا طبيعيا، بل بالأحرى الحقوق التي يتمتع بها بمجرد أن يولد من غير أن يطالب بها " حق الفرد سابق لواجب الدولة و هذا من منطلق أن القانون الطبيعي سابق لنشأة الدولة والعدالة المطلقة تقتضي احترام الطبيعة البشرية في إقرارها بالحقوق الملازمة لكينونتها البشرية التي تضمنها القوانين الطبيعية.
كما أن الحقوق الطبيعية ملازمة للوجود الإنساني فهي سابقة لكل واجب لأن الوجود يتوقف عليها (كالحق في الحرية و الملكية و حق محاكمة المعتدي وحق معاقبته.
كما أن القوانين الطبيعية تتضمن حقوقا طبيعية بينما الواجبات ميزة القوانين الوضعية.و بما أن القوانين الطبيعية سبقت القوانين الوضعية باعتبار المجتمع الطبيعي يسبق المجتمع السياسي (الدولة) إذا فالحقوق تسبق الواجبات ويقول فلاسفة العقد الإجتماعي وخاصة 'جون لوك' " لما كان الإنسان قد ولد وله الحق الكامل في الحرية و التمتع بجميع حقوق قانون الطبيعة فإن له بالطبيعة الحق لا في المحافظة على ما يخصه أي حياته و حريته و ممتلكاته فحسب بل في أن يحاكم الآخرين في خرقهم لهذا القانون".
كذلك حقوق الإنسان أولى في القانون الوضعي (المدني) ، بدليل المنظمات الدولية لحقوق الإنسان التي استمدت فلسفتها القانونية من فلاسفة القانون الطبيعي،إذ أن المادة (3) من إعلان حقوق الإنسان الصادر سنة 1789 تنص على :أن هدف كل جماعة سياسية(دولة) هو المحافظة على حقوق الإنسان الطبيعية و هي الحرية، و الملكية،و الأمن، و مقاومة الاضطهاد, كما أن أول إعلان أمريكي في الحقوق يؤكد على الحق في الحياة و الحرية و التملك و الأمن وقد ورد هذا في كتاب "ضمانات الحرية في الدستور الأمريكي ".
كماجاء في المادة (18) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان : "لكل شخص الحق في حرية التفكير و الدين و الضمير و يشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته وحرية الإعراب عنها بالتعليم و الممارسة و إقامة الشعائر و مراعاتها سواء كان ذلك سرا أو جهرا، منفردا أو جماعة."
النقد : إن مجتمع القانون مجتمع كسول، فالحق يجب أن يقابله واجب كما أن الإقرار بحق الملكية هو تكريس لهيمنة الأقوياء على الضعفاء ، وهذا يتنافى مع العدالة. فطغيان الحقوق على الواجبات يؤدي إلى تناقضات و اضطرابات، كما أنه ينهك مقدرات الدولة (الخيرات) .
عرض نقيض الأطروحة : العدالة الحقيقية هي التي تسبق الواجب على الحق، ونجد هذا مثلا في الفكر الفلسفي اليوناني القديم على يد ' أفلاطون' عندما سؤل عن العدالة فقال: "العدل هو أداء الفرد لواجبه و امتلاكه لما يخصه" و بذلك فهم بأن أفلاطون يربط العدل بتقديم أداء الواجبات على امتلاك الحقوق. وفي الفلسفة الحديثة و خصوصا المثالية نجد 'كانط' خير ممثل لهذا الاتجاه حيث يعتقد أن الأولوية للواجب على حساب الحق، لأن الأخلاق تقوم على فكرة الواجب لذاته.
_الواجب يقتضي القيام بالعمل لذات الواجب و ليس لما يترتب عليه من حقوق.والواجب أمر مطلق صوري منزه عن الأغراض و النتائج و المنافع و لذلك فأولوية الواجب تعد مقتضى عقليا .أما الفيلسوف' أوجيست كونت'فقد أكد أن أولوية الواجب مقتضى وضعي، فالواجب قاعدة تفرضها العاطفة و العقل و بذلك فإن فكرة الحق يجب أن تختفي من القاموس السياسي للعدالة .كما أنالأخلاق عند علماء الإجتماع ذات طابع إجتماعي فهي نابعة من الواجب كإلزام خارجي .
والمجتمع بعاداته و تقاليده يغرسها في الأفراد و يفرضها عليهم،لأن حق الفرد هو نتيجة لواجبات الآخرين نحوه، و لو أن كل فرد قام بواجبه لما وجدنا من يطالب بحقه ' أوجيست كونت' و لذلك فالمطلوب هو القيام بالواجب و ليس المطالبة بالحق لأنه لا يجوز المطالبة بالحق دون القيام بالواجب، فالواجب سابق لإقرار الحق، وهذا يبرز أولوية الواجبات على الحقوق،لأن القوانين الوضعية تطلب من الناس القيام بأعمال (واجبات)مقابل أجور(حقوق) فالواجبات أسبق وأولى من الحقوق في تحقيق العدالة .
النقد :إن هذه الأطروحة التي تقدم الواجب على الحق تؤدي في النهاية إلى تسلط المجتمعات، فمن غير المعقول إقامة عدالة على الواجبات دون الحقوق، فلا يتقبل الناس عدالة تغيب فيها الحقوق، إذ يرهق المجتمع كاهل أفراده بجملة من الواجبات و هذا يؤدي إلى حصول التذمر و قد تحدث اضطرابات و ثورات من أجل الحصول على الحقوق (الاستغلال).
التركيب : العدالة تقوم على التوفيق بين الواجبات والحقوق وإن العبرة ليست بأسبقية أحدهما على الأخر و إنما بإحداث إتزان و توازن بينهما، فبقدر ما يقوم الفرد بواجبات بقدر ما ينال حقوقا في مقابلها تتماشى مع طبيعة هذه الواجبات.كما أن القوانين الوضعية الحالية تفرض الأفراد القيام بواجبات مقابل حقوق معينة، وإذا كان الحق إدعاءا تم تبريره بواسطة المجتمع فالواجب يعد بمثابة الالتزام يلزم الفرد ذاته به في مقابل التمتع بالحق الذي يحدده المجتمع وكل هذا يهدف إلى الصالح العام و من ثم تحقيق العدالة الاجتماعية.
حل المشكلة : نستنتج من تحليلنا السابق أن العبرة في العدالة ليست بأسبقية وأولوية الحقوق عن الواجبات أو العكس و إنما بإحداث نوع من الإتزان المعقول بين ما يقوم به الفرد من واجبات و بين ما يتمتع به من حقوق، سواء حدد الحق قبل الواجب أم حدد الواجب أولا ثم في مقابله حدد الحق ، فالعبرة في إحداث نوع من المساواة دون تغليب أحدهما على الأخر.